حمدى خليفه

الشعب لا يعرف المستحيل

الخميس، 26 يناير 2012 10:30 م


عام على الثورة المصرية المجيدة التى قام بها شبابنا فى 25 يناير المجيد، وواجه ميدان التحرير عواصف من كافة فئات المجتمع لم يعهدها منذ أمدٍ بعيدٍ.. أعمار الزهور من الصبية والشباب والكهول والشيوخ ساقهم الله زمرة واحدة إلى الميدان.. بعدما أضحت هراوات الشرطة وأسلحتهم كالأدوية التى انتهت صلاحيتها فانعدمت فاعليتها، يوم وراء يوم والشهداء يتساقطون، بل هم أحياء عند ربهم يرزقون وسوف يخلدهم التاريخ على مرّ السنين.

ويأتى دور المحامى رائداً فى ساحة العدالة، يدافع عن الضحايا وأسر الشهداء ويرشد المحكمة إلى كل ما ينبغى أن يكون، فهذه هى رسالة المحاماة منذ بدء الخليقة.

وانفجرت شرارة الثورة التى ظل العالم كله ينظر كيف بنينا قواعد المجد وحدنا.. ولأول مرة تنتهى أسطورة خنوع الشعوب للحكام وتأليه الحاكم وسدنة عرشه.. إن هذه الثورة الإلهية فى مقامها الأول والأخير تشبه إلى حد كبير الثورة الإيرانية التى أتت عام 1979 وتم طرد شاه إيران وبعد عدة أشهر جىء بالخمينى زعيماً لهذا الشعب حتى فارقت روحه الجسد عام 1990.

ولكن هناك فارق كبير لن تجيب عنه السنة الماضية وحدها بل يتطلب عاما آخر لتتحقق الإجابة الصحيحة.

إن الثورة المصرية توأم الثورة التونسية الرائدة التى فجرت الربيع العربى الذى نعيش أحلى أمجاده، فكما عشناها فى ليبيا واليمن ونراها الآن تلوح فى أفق سوريا.

محمد بوعزيزى هذا الشاب التونسى الذى قام بإحراق نفسه فى العاصمة التونسية ثائراً على الفقر والظلم وسوء الحياة الاجتماعية، أصبح هو البطل العربى الذى بدأ بنفسه وضحى بحياته لتنطلق الشرارة التى نعيش ربيعها الآن.

واليوم علينا أن نهدأ أو نتريث حتى نحافظ على مكتسباتنا التى جنيناها بدمائنا وأرواح شهدائنا وننتظر من المجلس العسكرى أن يسلم السلطة إلى رئيس مدنى منتخب فى المدة المحددة التى أخذ على عاتقه تحقيقها، وإن كنا رأينا منها بوادر الآن لمجلس الشعب المنتخب، أو الشورى الوشيك، ورأينا انتخابات عدد كبير من النقابات المهنية.

إن الجيش هو ذراع هذه الأمة، وهو يد هذا الشعب وحارسه الأمين، وهو الذى قاد البلاد فى مرحلة غاية فى الصعوبة، وإن رأينا عثرات فى الطريق فليس من بيننا نبى ولا رسول؛ بل كلنا بنى آدم وخير الخطائين التوابون.. وعلينا أن ندعو الله، ونحن موقنون بالإجابة، أن يحافظ على مكتسبات ثورتنا، وأن ننتقل بالمجلس العسكرى إلى سلطة مدنية نابعة من هذا الشعب ترضى جميع الأطراف.

إن هذه الثورة الغالية تتطلب منا اليوم أن نحتفل بها فى ميدان التحرير وكل الميادين التى احتضنت شهداء، سواء فى السويس تلك المدينة الباسلة أو الإسكندرية عاصمة الثغر فالدقهلية ودمياط والشرقية والمنوفية ودمنهور ومحافظات الصعيد، وكل شبر فى مصر فى شتى بقاع الأرض.

إن الفرحة لا تعنى التكسير أو التخريب.. أو حتى البكاء أو العويل.. بل إنها تعنى العزم الأكيد على مواصلة الطريق وتحدى الصعاب والحفاظ على ممتلكات هذا الوطن لنا ولأولادنا من بعدنا كما ورثناها من آبائنا وأجدادنا.. متمنياً عودة الصورة الرائعة والجميلة التى كان عليها الثوار عندما هللوا بوصول أول دبابة إلى ميدان التحرير فى يوم 28 وهتفوا جميعاً الله أكبر، لأن بين هذا الشعب وجيشه صداقه أبدية.

فعندما قام الجيش بثورة يوليو المجيدة سانده الشعب ضد الملكية الفاسدة، ولما قام الشعب بثورة 25 يناير أتى الجيش مهرولا لمناصرة هذا الشعب ورداً للجميل.

كما أحب أن أقول إن عبور مصر العظيم فى 6 أكتوبر عبر عن مدى اللحمة بين هذا الشعب وجيشه الذى لا يقهر، وجنودنا هم خير أجناد الله فى الأرض، والتاريخ يذكرنا بما نسينا كموقعة صد التتار عام 658 هـ بعد سقوط بغداد 656 هـ ومن هذه الأمثلة كثير.

وإننى عبر هذه الكلمات أحذر من الوقيعة بين الشعب وجيشه، وأحذر كل من ينفخ فى النار، أقول له النار ستحرقك ليقظة هذا الشعب وثقته فى جيشه.

لم تكن العلاقة بين الشعب والجيش على مرمى واحدة من قيام الثورة، وعلى مدى عام، بل انتابتها عدة أزمات سرعان ما تلاشت فى الطرقات، ولا أجزم أن أقول إن العلاقة على قدم وثاق، بل أدعو الجميع إلى ذلك وعودة العلاقة، كما كانت يوم 28 يناير وعلينا أن نحيى رجال قواتنا المسلحة البواسل، وأن نهدى لهم وردة عرفاً بالجميل فلولا حياديتهم وحيدتهم ونزاهتهم لأضحينا كبلدان أخرى ضلت الطريق وغابت عنها العدالة فى التطبيق وأصبحوا كحصان طروادة لا أمل ولا منجى.
كل عام والشعب المصرى بخير


أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة