لا شك أن القرار الذى اتخذه الدكتور محمد البرادعى بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة كان مفاجأة للجميع، رغم أنه من الأوائل الذين أعلنوا ترشحهم للرئاسة قبل الثورة وقبل خلع مبارك، وانقسم رد الفعل داخل الشارع المصرى لهذا القرار إلى وجهتى نظر، الأولى تؤكد أن الدكتور البرادعى بحسه السياسى أدرك أن المناخ السياسى الحالى لا يتماشى مع الديمقراطية التى قامت الثورة من أجلها والتخبط فى إدارة المرحلة الانتقالية، وعدم وجود دستور يحدد ملامح الدوله ونظام الحكم هل هو رئاسى أم برلمانى أم مختلطً كان دافعا له لاتخاذ هذا القرار، احتراما لنفسه وللثوره ومطالبها.
أما وجهة النظر الأخرى فتؤكد أن قرار الدكتور البرادعى هروبا من المواجهة بعد أن أدرك سيطرة الأحزاب الإسلامية على الشارع السياسى المصرى، وهو ما ظهر بوضوح فى نتائج الانتخابات البرلمانية وإدراكه أن الأحزاب الإسلامية لن تؤيده فى الانتخابات، مما يُضعف من فرصته على المنافسة، فكان قرار الانسحاب حفظاً لماء الوجه، وعلى صعيد آخر كان رد فعل المرشحين المحتملين للرئاسة ملفتاً للانتباه من خلال تعليقاتهم على هذا القرار، ووجدنا سيلا جارفا من وصلات الإشادة والتبجيل والتهليل لشخص الدكتور البرادعى، وأن القرار خسارة كبيرة للبلاد وللانتخابات، الأمر الذى وصفه البعض بأنه وصل إلى حد شبهة نفاق وكلام للاستهلاك الإعلامى لم يكن لأحدهم أن يقوله فى حق الرجل فى حالة استمراره فى المنافسة معهم، ومحاولة لكسب مؤيدى البرادعى لجانبهم فى المعركة الانتخابية.
فنجد مثلا عمرو موسى يبدى أسفه لهذا القرار، مؤكداً دوره الكبير فى الأحداث التى شهدتها البلاد، أما حمدين صباحى فاعتبر القرار خسارة كبيرة، وأن البرادعى قيمة وطنية كبيرة ولا يمكن إنكار دوره فى تغيير نظام مبارك، أما حازم أبو إسماعيل فقد أصابته الصدمة من هذا القرار، وأكد الدكتور أيمن نور أن الانسحاب صدمة للضمير الوطنى وصفعة للمجلس العسكرى وسياساته وقبله حياة للثورة، حتى الفريق أحمد شفيق أحد رموز النظام السابق يصف القرار بأنه أفقد المنافسة الكثير من الحيوية، وأن وجوده كان يُثرى الانتخابات، أما الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح فقد قال أن دور البرادعى فى مسيرة التغيير لا ينكرها منصف وأن مشاركته كان إثراء للمنافسة.
وبدون شك أن هذه التصريحات قد أصابت العديدين بالقلق على منصب الرئاسه الذى نتطلع فيه لرئيس يتعامل معنا بشفافية ووضوح بلا رياء أو نفاق أو استغلال للمواقف.
وإننى أدعوهم جميعا إذا كانوا يرون فى شخص الدكتور البرادعى كل هذه الصفات وأنه أيقونة الثورة، وأنهم قد أصابهم الحزن العميق لقرار التنحى عن الترشح للانتخابات، فلماذا لا يتخذون موقفاً جماعياً ويكونون صادقين مع أنفسهم، ومعنا بأن يتنازلوا جميعا له وأن يقفوا معه ماداموا يرون فيه كل هذه الصفات الرائعة، والمواقف الوطنية، أم أنها مجرد تصريحات ورديه للاستهلاك الإعلامى؟
محمد جرامون يكتب: تنحى البرادعى ونفاق المرشحين للرئاسة
الأربعاء، 25 يناير 2012 12:08 ص