هى كلمات لكنها تحمل فى داخلها غضبا وحياة وحبا ومعرفة وحلما، دارت فى عقول الشعراء ثم انسابت على ألسنتهم، وأينعت فوق صفحاتهم، قالت القصيدة ما لم تقله الكاميرا، وما لم يرصده المحللون، فلم تكن الثورة المصرية تمردا على الأوضاع السياسية البالية فقط، لكنها بعثت الروح فى العديد من الشعراء، وليس بغريب أن يزدهر الشعر بعد الثورة أو فى أثنائها، وهى الثورة التى بدأت ببيت شعر حملته رياح الغرب القادمة من تونس، فترنم المتظاهرون ببيت شعر أبى القاسم الشابى: «إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر»، ولا ينسى الثوار ذلك الفيديو الذى يقف فيه أحد شباب الثورة وهو يحاول أن يكرر هذا البيت لبعض عساكر الأمن المركزى لعلهم يحفظونه، ولهذا انفجرت ينابيع الشعر بالتزامن مع الثورة، ووجد كل شاعر فى الثورة ضالته، حتى مع انتكاسات الثورة كان الشعر هو الملاذ والملجأ والمعين والمؤنس، وليس غريبا أن ترتد للشعر روحه ومصر تتحدث عن نفسها، وهنا نحاول أن نجمع أجمل ما قيل شعرًا فى الثورة وهى تدخل عامها الثانى.
منذ الساعات الأولى للثورة المصرية، كان الأبنودى يحايل الشعر ويمهد روحه لاستقباله، هو يعرف مقدمات الثورات، ويعرف نتائجها، وبخبرته كانت قصيدة «الميدان» التى رأت النور فى الأول من فبراير حينما نشرتها «اليوم السابع» هى أغنية الثورة الأولى، و«منافستو» الثوار، ولم يكتف الأبنودى بـ«الميدان» ليثبت أنه شاعر الثورة، وكان أسرع وأروع الشعراء تجاوبا مع أحداثها ومنعطفاتها، ولهذا كتب عدة قصائد هذا العام، منها «لسه النظام مسقطش» و«ضحكة المساجين» التى كتبها اعتراضا على حكم العسكر، وتنديدا بالمحاكمات العسكرية، وفيما يلى بعض المقاطع من القصيدتين.
أجمل قصائد الثورة المصرية.. «الشاعر» ينزل فى الميدان
الميدان..
أيادى مصرية سمرا ليها فى التمييز
ممدودة وسط الزئير بتكسّر البراويز
سطوع لصوت الجموع شوف مصر تحت الشمس
آن الآوان ترحلى يا دولة العواجيز
عواجيز شداد مسعورين
أكلوا بلادنا أكل.. ويشبهوا بعضهم نهم وخسة وشكل
طلع الشباب البديع قلبوا خريفها ربيع
وحققوا المعجزة.. صحّوا القتيل من القتل
اقتلنى! قتلى ما هيعيد دولتك تانى
باكتب بدمى حياة تانية لأوطانى
دمى ده ولّا الربيع؟ الاتنين بلون أخضر
وبابتسم من سعادتى ولّا أحزانى؟
وبيسرقوك يالوطن قدامنا عينى عينك
ينده بقوة الوطن ويقولى: قوم.. فينك؟!
ضحكت علينا الكتب.. بعدت بنا عنك
لولا ولادنا اللى قاموا يسددوا دينك يرجع لها صوتها.. مصر تعود ملامحها
تاخد مكانها القديم والكون يصالحها
عشرات سنين تسكنوا بالكدب فى عروقنا؟
والدنيا متقدمة ومصر مطرحها
كتبتوا أول سطور فى صفحة الثورة
وهما عُلما وخُبرا مِداورة ومناورة
وقعتوا فرعون هرب من قلب تمثاله
لكن جيوشه مازالوا يحلمه ببكره
مين كان يقول ابننا يطلع بنا من نفق
دى صرخة ولّا غنا؟ وده دم ولّا شفق؟
أتاريها حاجة بسيطة الثورة ياخوانّا
مين اللى شافها كده؟ مين أول اللى بدأ؟
مش دول شبابنا اللى قالوا كرهوا أوطانهم؟!
ولبسنا توب الحداد وبعدنا قوى عنهم؟!
همّا اللى قاموا النهارده يشعلوا الثورة
ويصنّفوا الخلق مين عانهم ومين خانهم
يادى الميدان اللى حضن الفكرة وصهرها
يادى الميدان اللى فتن الخلق وسحرها
يادى الميدان اللى غاب اسمه كتير عنه وصبرْها
ما بين عباد عاشقة وعباد كارهة
أتاريك جميل ياوطن مازلت وهاتبقى
زال الضباب وانفجرت بأعلى صوت.. لأه
حرضتنا نبتسم ودفعت إنت الحساب
وبنبتسم بس بسمة طالعة بمشقة
واحنا وراهم أساتذة خايبة تتعلم
إزاى نحب الوطن وإمتى نتكلم
طال الصدأ قلبنا ويأسنا من فتحه
قلب الوطن قبلكم كان خاوِ ومضلّم
أولنا فى الجولة لسّه جولة ورا جولة
ده سوس بينخر يابويا فى جسد دولة
أيوه الملك صار كتابة
إنما أبدا لو غفلت عينّا لحظة هيقلبوا العملة
وحاسبوا قوى من الديابة اللى فى وسطيكم
وإلّا تبقى الخيانة منّكم فيكم
الضحكة عالبُق بس الرك ع النيات
فيهم عدوّين أشد من اللى حواليكم
ضحكة المساجين
تغازل العصافير.. قضبانها
زنزانة لاجلَك كارهة سجّانها
دُوق زيّنا حلاوة الزنازين
على بُرشَها.. بتمِدّ أطرافك
سجّانك المحتار فى أوصافك
مهما اجتهدْ ماحيعرف انت مين
طوبَى لكل المسجونين باطل
فى زمن.. بيخدعنا وبيماطل
يا شموس بتبرُق فى غُرَف عِتْمين
أما اللى خان وطنَك وأوطانى
م الهيبة.. حاطّينه ف قفص تانى
يصحى وينعس والجميع واقفين
يا دى الميزان اللى طِلعْت لفوق
بينزِّلوك بالعافية أو بالذوق
دول مش بتوع الصدق فى الموازين
الثورة نور.. واللى طفاها خبيث
يرقص ما بين شُهدا وبين محابيس
والدم لسّه مغرَّق الميادين
الحزن طايح فى قلوبنا.. بجدّ
ما فضلْش غير الشوك فى شجر الورد
غِلِط الربيع ودخل فى أغبى كمين
وفى انتظار تيأس مع الأيام
غيرك فى قفصُه بيضربوله سلام
وانت الجزم قبل الكفوف جاهزين
يا عم اقعد بسّ واشرب شاى
الدنيا ماشيه وشعبنا نسّاى
والبركة فى الشاشة وفى الجرانين
واذا هوْهوُوا.. قوم إعلن الأحكام
وكل بُق.. تلجّمه.. بلجام
ومش حتغلب تطبخ القوانين
ويا مصر.. هَدِّى وانتى بتفُوتى
الصوت فى صمتُه.. أعلى من صوتى
آدى السجين اللى ما باتش حزين
واللى يُقف فى وش ثوّارها
ما حيورث إلاّ ذلها وعارها
واللى حيفضل.. ضحكة المساجين
ومصر عارفه وشايفه وبتصبُر
لكنّها ف خَطْفِةْ زمن.. تُعْبُر
وتستردّ الإسم والعناوين
كنا الميدان..
شوق الجرس ردد أدان
لهفة قلوب اطمنت
لما التقت صحبة زمان
والناس فى ثورتنا
لوحديهم زمان
متجمعين.. على باكو بسكوت
يتقسم على 10 شاى
العود.. بيتباهى بغنانا وفرحنا
من وحى ناى
العصر أذن
قمنا صلينا
وسبنا الحلم فى حراسة بشاى
كان يبتسم.. ويقولوا خاين
للقدر
كان يتقسم.. ويقولوا مأجور للبطر
حتى الشجاعة
كانت أجندة للحذر
الأرض صرخت معانا
والنجوم فى السما
والخوف هرب من خطانا
شاف فى الميدان ربنا
روح الأمل دبت فى أوصال الغلابة
زى أول مرة تسمع فيها من بنتك يابابا
اللى وقف.. واللى اشتبك
واللى هتف.. واللى ارتبك
واللى سقى.. واللى رقى
واللى دعا من قلبه
تفرح بينا مصر
واللى رفع على كتفه
أطفال مبسوطين
رافعين علامة النصر
واللى مشى على رجله م التحرير
لحد القصر
والقصد مصر
زغروطة حلوة
من بنت حلوة
حكت الحكاية للقدر
سلم على طول السلام
وقال كلام
ما أبدعه
يا مصر من دون البلاد
بكرة اللى فات
هنرجعه..
خالتك سلمية عايشة
ماتقولش عليها مــاتت
ف الأحداث اللى فاتت
كام واحد طب ساكت
قبـل مايلمس حجـارة
ماتقولش عـاملة عملة
وتجيب م الــزيف وتملا
إسمع حكايتها كامـلة
الظلم ماهوش شطارة
خالتــك سلمية عايشــة
مش ناوية تبقى طايشة
وح تفضل برضه حايشــة
عن أوطــــاننا الخســارة
خالتك سلمـية يــامـا
حـاولوا الناس اللمامة
يبقى طريقها الندامة
بالفتنة المستعـــــارة
خالتك سلمية قـــالت
ياكابات وعيارها فالت
يا طــرف أول وتـــالت
قولوا للجنـرال عمـارة
خالتـــــك سلميـة زاد
شهدائها بناس جداد
وعلاء والشيخ عمــاد
موتهــم أكبـــر أمــارة
خالتك سلمية صابهـا
الطاغى اللى غصبها
اللى سحلها وضربها
وهتك عـرض العذارى
خالتــك سلمية باعهـــا
النــدل اللـى خدعهــــا
سابهــا بتنـــزف وجعها
ف مستشفى الدوبارة
خالتك سلمية معنى
بيهـا العـــالم سمعنا
وح نستحمل وجعنــا
مادام جايبة البشارة
آدى الثورة
وآدى اللى سرقها
وآدى أبطالها وآدى شهدائها
وآدى قلوب الظلم حرقها
علشان شايفة العدل بطىء
وآدى عقول مبقتش تطيق
وتصدق مكر العواجيز
وآدى طريق مش لاقى طريق
وآدى المجرم لسه عزيز
آدى الثورة
وآدى اللى حماها
وآدى اللى مسكها وغماها
وآدى القايل إنه معاها
بيسلمها بالمجان
وآدى سجين وأوامره بتمشى ع السجان
وآدى فلوس بالكوم منهوبة
واللى يغيظك مش بتبان
وآدى النخبة اللى بتتكلم
وماهيش حاسة بالغلبان
وآدى حوار والاسم بيان
بس اللى هيفضل فى الآخر
هو المشهد والعنوان
آدى الثورة
وآدى شبابها
وآدى غضبها
وآدى ميدان
كان صاحبى..
كان صاحب عُمرى ومش هانكر
وبيعرج لما يسنّدنى
ودموعه على كتافى بتنقُر
لو دقنه سابتها توضّينى
أنا فاكر بحّة صوته تمام
وف مدخل بيت بيودّينى
يينده
مايكل.. كله تمام؟
وانا أقولّه «بموت» بينه وبينى
ودموعه تزيد من فوق دقنه
والطوب كان صوته موتّرنى
بيخبّط على باب المدخل
وصديقى بكلمة يصبّرنى
دانا كنت بخاف من دقنك ياض
قلتها وأنا بضحك من خيبتى
وأنا كُنت بحاسب م الأقباط
رديت: ماهو أنت كمان قبطى
وضحكنا شوية
وماسكتناش
قلتله دى مصالحة ومش ببلاش
قام قاللى استرجل
ماتعبناش
وأنا برضه معاك يمكن تهدى
كان صاحب عُمرى ومن ساعتين
سلّمت عليه من هتافاتى
كان اسمه محمد سامى حسين
كان عارف اسمى وكتاباتى
كان صاحبى وأول من شالنى
من بعد أبويا وأنا صغيّر
وربطلى الجرح ويسألنى
تفتكر الدقن دى بتغيّر؟
كان صاحبى وكنت بغنّى كمان
وندهت عليه وهو سايبنى
ماتخافش هاترجع، كله أمان
علشان قدامنا كتير نبنى
كان صاحبى
بكيت من قلبى كتير
على صورته ف ذكرى استشهاده
لو طوّل ف الدنيا دى يومين
أنا كُنت بقيت عَم ولاده
فلان الفلانى
فلان الفلانى اللى كان يومها جنبى
ساعة لما بدأوا فى ضرب الرصاص
فلان الفلانى اللى معرفش اسمه
ودايما بقول يابن عمى وخلاص
فلان اللى سابلى بقيت سندوتشه
ليلة لما شافنى بغنّى وجعان
فلان اللى مش فاكرَه غير شكل وشه
فلان اللى عدانى جوه الميدان
فلان اللى فتشنى بالابتسامه
فلان اللى قال هو فعلا حيمشى؟
فلان اللى قاللى طريق السلامة
ساعة لما قولنا زهقنا وحنمشى
فلان اللى مرضيش ياخد منى أجره
ساعة لما قلت إنى رايح مظاهره
فلان اللى قاللى حيتنحى بكره
وحنفرح ونرقص وراح تبقى سهره
فلان اللى كان بيناولنى القزايز
ويقفلها بعد أما أعبيها جاز
فلان اللى يشرب ويسألنى عايز؟
فلان اللى كان وشه مليان قزاز
فلان اللى مطلعش جوه البرامج
وكان بس صوته فى قلب الهتاف
فلان اللى روح أكل واستحمى
فلان اللى ضايع فى وسط الآلاف
فلان اللى غرقّلى خل الكوفيه
وشالنى ساعة لما جت طلقه فيا
فلان اللى مات يومها تلزمله ديه
من ابن الفلانى اللى كل لحمه حاف.
الثورة بدأت ببيت شعر أبى القاسم الشابى: إذا الشعب يوما أراد الحياة ودخلت عامها الثانى مع كلمات الأبنودى فى ضحكة المساجين
الأربعاء، 25 يناير 2012 11:17 ص
ميدان التحرير
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
koky
شعارات
شعارات
عدد الردود 0
بواسطة:
ليلى
لقد أبكيتنى
عدد الردود 0
بواسطة:
ابوحمني
اجمل الصفحات
عدد الردود 0
بواسطة:
حسن المرجاوى
الله الله على كل إيد شاركت الله الله على كل إيد باركت..
عدد الردود 0
بواسطة:
الاميره الفرعونيه
الله عليك
بجد الله
بحبك يا مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال مغربى قاسم القبانى قنا
الثورة يا تكون ثورة وثوار يا شربة ملح وفوار
عدد الردود 0
بواسطة:
الرحال
مصر هتفضل غالية عليااااااااا
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
شكرا
عدد الردود 0
بواسطة:
حسن
ظلمتو قصيدة الميدان
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود يحيى
الابنودى
الابنودى ملهم الثورة