أكتب إليكم من وسط مدينة القاهرة بالقرب من ميدان التحرير والعتبة ورمسيس، التاريخ 26 يناير 1952 نعم أنا أكتب إليكم من داخل التاريخ لأعلمكم ببعض ما حدث فى هذه الأيام الذى يتشابه كثيراً كثيراً مع ما يحدث فى هذه الأيام، كلنا نعلم ما يسمى "بحريق القاهرة"، ولكن هل نعرف ماذا حدث ماذا يقول التاريخ عن هذا الحدث بعد مرور ما يقرب من ستين سنة، لن أخبركم بالنتائج التفصيلية عن هذا الحدث، ولكن سأنقل لكم صورة التاريخ وهو يتجسد فى هيئة إنسان وهو يشير إلى من كانوا وراء هذا الحدث.
مؤشرات الحدث بدأت فى 16 أكتوبر 1951 عندما وقف "مصطفى النحاس" ليعلن قراره بإلغائه معاهدة 1936 التى كانت تعطى المحتل البريطانى الكثير من الامتيازات والإعفاءات للقوات البريطانية الموجودة فى مصر وكذلك فإن انسحاب العمال المصريين من العمل فى معسكرات الإنجليز أدى إلى وضع القوات البريطانية فى منطقة القناة فى حرج شديد .
أدى ذلك إلى أن تتخذ بريطانيا عدة إجراءات وتدابير لإجبار حكومة الوفد عن التراجع عن موقفها منها خطة للعمل السياسى والدبلوماسى لإحراج الحكومة، وخطة عسكرية لاحتلال مدينة القاهرة، أو القيام بانقلاب عسكرى يقوم به الملك بمساعدة الجيش وأيضاً خطة تخريبية أرباكيه وهى حرق القاهرة لبث روح الفوضى فى كل أنحاء مصر .
وحدث ما حدث فى خلال ساعات قلائل التهمت النار نحو 700 محل وسينما وفندق ومكتب ونادٍ فى شوارع وميادين وسط المدينة، القاهرة تحترق والجميع فى حالة ذهول وفزع وعدم تصديق تخيل أنك تتجول معى فى كل الأماكن كل شىء يحترق والشوارع خاوية، لغة الكلام هى الصمت والقلب ينزف الم مما تشاهد فى شوارع المدينة، القاهرة تحترق على يد أشخاص مدربون نعم كانوا على معرفة جيدة بأسرع الوسائل لإشعال الحرائق، كما كانوا على درجة عالية من الدقة والسرعة فى تنفيذ العمليات التى كلفوا بها، كما كانوا يحملون معهم أدوات لفتح الأبواب المغلقة .
أقف هنا فى وسط القاهرة فى سنة 1952 وقلبى هناك فى مصر الحديثة مصر "ثورة 25 يناير"، أنظر واسمع حتى أعرف وأتعلم وأستفيد من مرارة ما حدث لم يستطيع حريق أكثر من 700 محل كبير فى القاهرة أن يسقط الدولة، بل سقط المواطن وقطع أرزاق العاملين فى هذه الأماكن ولم تسقط الدولة، بل كان أول قرار من حكومة الوفد بإعلان تنصيب مصطفى النحاس باشا حاكم عسكريا لمصر وإعلان الأحكام العرفية، وأصدر أمرًا عسكريًا بمنع التجمهر، واعتبار كل تجمع مؤلف من خمسة أشخاص أو أكثر مهددًا للسلم والنظام العام يعاقب من يشترك فيه بالحبس .
أتذكر وأنا هنا من يدعو إلى مشهد مشابه لذلك فى تاريخنا المعاصر بإسقاط الدولة بل هناك من يقول نعم نحن نريد فى يوم 25 يناير أن نحرق الدولة بدل من أن نحتفل ونُصِر على استمرار الثورة !
ويقول عقلى هل حريق القاهرة عاد على من خططوا ودبروا هذا الحريق بشىء أم وقفت القاهرة شامخة حتى ألان وذهب الاحتلال والملك منكسين رأسهم وذهب كل من أرد بمصر وأهلها سوء.
لن أريد لمصر حاكم عسكرياً آخر ولن أريد أحكام عرفية من جديد، أيضاً لن أنادى احد بالهدوء بل لابد من التأكيد على استمرار الثورة ولكن بسلمية الثورة التى عهدناها فى أيام الثورة الأول، أنادى بمحاكمات سريعة لكل رءوس النظام الفاسد ، أنادى بتمكين مجلس الشعب الجديد حتى يكون اليد الشرعية للثورة التى تمكنا من الحصول على أهداف الثورة أنادى، وسأظل أنادى بسلمية الثورة واستمرارها هل ستنادى معى أم ماذا؟
مدحت أباظة يكتب: هل انهارت الدولة بعد حريق القاهرة؟
الثلاثاء، 24 يناير 2012 08:31 م