اهتمت صحيفة "الجارديان" البريطانية بانعقاد أولى جلسات برلمان مصر بعد الثورة، وقالت فى تقرير لمراسلها بالقاهرة جاك شنيكر، وتحت عنوان "البرلمان المصرى يؤدى القسم فى ظل توقعات من الوزن الثقيل"، إن البعض يعتبر هذا البرلمان هو ثمرة انتصار الثورة، فى حين يراه آخرون سلاحاً يهدف إلى إخضاع الثورة المستمرة، وأضافت أن الفجوة بين الآمال المعلقة على هذا البرلمان والإنجازات التى يمكن أن يحققها تتسع بشكل كبير على ما يبدو.
وتناولت الصحيفة أحداث الساعات الأولى من الجلسة قائلة: إن النواب وقفوا دقيقة حداداً على أرواح الشهداء الذين ساعدوا فى تحويل هذا الحلم التاريخى إلى حقيقية، ثم قاموا واحداً تلو الآخر بأداء اليمين الدستورية فى أول برلمان منتخب ديمقراطياً تشهده البلاد منذ 60 عاماً، وبعدها بدأ التصدع.
وتشير الصحيفة إلى أن هذا التصدع فى إصرار أحد النواب السلفيين، وهو ممدوح إسماعيل، على أن يتبع القسم بجملة "ما لم يخالف شرع الله"، وقيام عدد آخر من النواب بإتباع نهجه، ورد عليهم الليبراليون من جانبهم بإتباع القسم بجملة "بالتوافق مع مطالب الثورة".
وأشارت الصحيفة إلى ارتداء عدد من النواب لأوشحة صفراء مكتوب عليها "لا للمحاكمات العسكرية"، فى معارضة قوية للمجلس العسكرى حتى أنهم رفضوا الانضمام إلى التصفيق الجماعى للمجلس العسكرى الذى لا يزال يحكم البلاد بقبضة حديدية على حد قول الصحيفة.
واستعرضت الصحيفة الاهتمام الشعبى فى مصر بأولى جلسات البرلمان التى استمرت قرابة الاثنى عشر ساعة، وقالت إن الكثيرين تجمعوا حول شاشات التلفزيون فى القاهرة عند واجهات المحلات وفى المقاهى ليشاهدوا افتتاح البرلمان، لكن هذا الحدث كان يرمز لأشياء كثيرة أخرى إلى جانب تحول مصر إلى الديمقراطية، فكما يقول أحد أنصار الإخوان المسلمين "إن هذا هو اليوم الأكثر أهمية فى تاريخ مصر الحديث لأننا نشهد للمرة الأولى مكاسب ملموسة لثورتنا المجيدة". وأضاف أننا من هنا يمكننا أن نبنى مجتمعا جديداً ودولة جديدة، ولا يمكن أن يقف شيئاً فى طريقنا، نعم لا تزال هناك بقايا للنظام القديم بينا، لكننا فى العام الماضى أطحنا بالشيطان فى 18 يوما، ومع وجود هذا البرلمان، فإن أعداء الثورة يعرفون أن أيامهم معدودة.
لكن الصحيفة ترى أن مصطلحات مثل الأعداء والثورة أصبحت غامضة فى مصر اليوم، حيث يتحدث الجميع عن التغيير السياسى فى حين أن جوهر هذا التغيير لم يتفق عليه سوى قليلين.
من ناحية أخرى، أبرزت الصحيفة التظاهرات التى شهدتها القاهرة أمس متجهة زحفاً نحو مجلس الشعب سواء من الفنانين أو العمال أو المتظاهرين الرافضين للمجلس العسكرى، والذين اقتربوا من بوابة البرلمان وهتفوا "يسقط يسقط حكم العسكر" و"الثورة لا تزال مستمرة".
وترى الجارديان أن الفجوة بين هؤلاء الذين ينظرون إلى البرلمان الجديد باعتباره انتصاراً للثورة، وأولئك الذين يعتبرونه أحد مظاهر سقوط الثورة عميقة وفوضوية، فتلك الفئة الأخيرة ترى فى البرلمان سلاحاً يهدف إلى إخضاع الشارع من خلال إنشاء واجهة للديمقراطية، حتى مع رفض النخب السياسية الإفصاح عن مواقفها وسحق المعارضة بوحشية من جانب قوات الأمن، وكثيرون لا يأملون سوى أن يروا هؤلاء النواب يفعلون شيئا لتخفيف العديد من المشاكل الملحة الاجتماعية والاقتصادية والتى تفاقمت خلال 30 عاماً من الركود فى حكم مبارك، لكن فى ظل محدودية سلطان البرلمان وفقا للدستور المؤقت، وعدم تمثيله للمجتمع بشكل صحيح، حيث إن نسبة المرأة فى البرلمان 2% فقط، فإن الفجوة بين الآمال والإنجازات يبدو أنها ستكون واسعة.
الجارديان: اتساع الفجوة بين الآمال والإنجازات فى مصر مع افتتاح البرلمان
الثلاثاء، 24 يناير 2012 11:57 ص