أتفهم الرغبة فى تنظيم احتفال يليق بثورة 25 يناير، التى أزاحت مبارك وزمرته، وأغلقت باب تمديد الحكم، وتوريثه، وكشفت عن فساد مذهل لا تزال حلقاته تتوالى، وحلت مجلس الشعب المنتخب بالتزوير، وفتحت الباب أمام تشكيل قوى سياسية حقيقية، وليست وهمية. الثورة التى زلزلت هذا الكيان العتيد من الاستبداد والفساد تحتاج إلى احتفال من نوع خاص. الاحتفال الحقيقى عندما يتعافى الاقتصاد المصرى، الذى يعانى من تدهور وتراجع لافت، ويكفى أن نعرف أن هناك إقبالاً - وصفه مصدر دبلوماسى - بأنه غير معتاد من جانب المصريين على السفر إلى بريطانيا لقضاء إجازات، وشراء ملابس بأسعار منخفضة، وهى بالمناسبة أرخص وبجودة أعلى من مثيلاتها فى مصر، ولا عزاء أن يشترى مصرى بضائع مصرية، فالمستهلك يبحث عن الأرخض والأجود، ولا تفترض النظريات الاقتصادية أن المستهلك العادى ينبغى أن يكون مناضلاً وطنيّا حتى يضحى بـ«رشادته» فى الشراء والاستهلاك.
الاحتفال الحقيقى عندما يختفى النظام القديم بمختلف مشتملاته، الناس كانوا أكثر ذكاء وسرعة وحسّا سياسيّا عندما قرروا إسقاط من يطلق عليهم «المرشحون الفلول»، والذين كان الخبراء يحذرون من أنهم سوف يحصدون نصف مقاعد مجلس الشعب. ظهر ضعفهم وهشاشتهم، ولو كانوا أقوياء كما يتصور البعض فهل كانوا اختاروا موقف الاستكانة والصمت والفرجة والقفز من المركب الغارقة أثناء سقوط نظام مبارك؟
الاحتفال الحقيقى هو عندما نضع لبنات نظام ديمقراطى حقيقى، تتنافس فيه القوى السياسية على قدم المساواة، وينحاز فى تكوينه إلى قيم الحرية، والعدالة الاجتماعية، والمساواة. الاحتفال الحقيقى عندما نقدم خدمات اجتماعية تحقق العدالة والمساواة، لم تُـمح أمية نصف الشعب المصرى بعد، والنظام التعليمى مترهل، والخدمات العامة سيئة، حدث ولا حرج. الثورة قامت من أجل حياة أفضل، وبخاصة على مستوى العدالة الاجتماعية، الاحتفال الحقيقى أن نعيش مثل الأمم المتقدمة، الناس يختلفون فى شكل السياسة والدين والثقافة والمصالح الاجتماعية، ولكن القانون يسود على الكل، لا مجال للخوف من تمييز أو مجهول لم يأت بعد. نريد أن نغلق إلى الأبد ملف التمييز بين الناس على أسس سياسية أو دينية أو نوعية أو ثقافية أو اجتماعية، ويعيش الناس متساوين، يحصلون على حقوقهم، ولا يخشون من مغبة تحولات فى المستقبل.
فى رأيى أن كل ما سبق، لو تحقق، أو حتى بدأنا خطوات جادة لتحقيقه، هو الاحتفال الحقيقى بالثورة التى جاءت من أجل تحسين نوعية الحياة للمصريين على جميع الأصعدة، ليست الاحتفالات موسيقى وأغانى، وليست الاحتفالات فقط مظاهرات، وليست نزاعًا على ملكية ثورة لم تنتج مفعولها بالكامل، ولم تحقق كل أهدافها.
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد بلال
25 يناير
هذه ثورة عظيمة