قبل أن أكتب أى سطر، وحتى لا تفهمنى حضرتك أو غيرك خطأ، كنت ومازلت من أشد المعجبين بالأستاذ، من هو.. وهل هناك غيره «هيكل».. وحتى الآن لست أعرف لماذا اختار له مريدوه لقب الأستاذ الذى ينطبق على كل المهن، أكثر من انطباقه على مهنة الصحافة، لأن لديهم ألفاظا أقوى من لقب الأستاذ هذا، بصراحة وكلمة بصراحة هذه - كانت عنوان مقاله السياسى - الذى كنا نقرأه كل جمعة بشغف ونهم، وأعترف أن جزءا من تربيتى ونشأتى السياسية لعب هذا المقال دوراً كبيراً فيها.
أرجع تانى لكلمة بصراحة لأقول إن الرجل حير الجميع، مسؤولين، سياسيين ومواطنين عاديين، وأنا لا أقصد أن أتهمه بشىء، كما فعل معه مريدو النظام السابق عندما تصدر لهم الأوامر لمهاجمته.
الحيرة هنا حيرة مستحبة، وهى تتعلق بما هو اللقب الأفضل ليطلق عليه بعد هذا التاريخ الطويل، هل هو صحفى «جورنالجى»، كما يجب أن يطلق على نفسه، طبعاً هو كذلك ولكن هناك صحفيين كثيرين، وفيهم كثير من الموهوبين كعادل حمودة مثلاً، أم هو محاور كما فعل فى لقاءاته مع كثير من الرؤساء والمسؤولين الكبار فى العالم، أم هو محلل فريد، كما نرى قوة تحليلاته السياسية، أم هو مؤرخ باعتباره محباً وصديقاً للتاريخ فهو يبدأ مقالاته ويقدم وثائقه، ويؤرخ تأريخاً ليس تقليدياً، كما فعل بعض المؤرخين المصريين المشهورين.
أنا شخصياً يعجبنى أكثر كمفكر، ورجل ذى تفكير تقدمى يقرأ الأحداث، ولديه القدرة على التنبؤ بما هو قادم بالرغم من أننا فى العلوم السياسية نقول إن التنبؤ فى السياسة عملية صعبة بل ومستحيلة والأمثلة على ذلك كثيرة، خذ كل ثورات العالم التى لم يتوقعها أحد، خذ ثورة يوليو، خذ ثورة 25 يناير خذ سقوط الاتحاد السوفييتى وهدم سور برلين، وغير ذلك كثير.
طيب قد يثار هنا سؤال: ماذا عن كتاباته، وما هو التميز فيها، وأى نوع منها يفضل ويبدع، فى ظنى أن كتابته عن الشخصيات السياسية الكبيرة فى العالم هى الأثيرة عنده، ويمكن أن ترجع إلى كتابين فقط عن زعماء مصر مثل «خريف الغضب» للرئيس السادات وكتابه عن مبارك «من المنصه إلى الميدان».
عزيزى القارئ
آه، سامحنى فقد نسيت أن أسرد لك مشاعرى نحوه، إعجاب طبعاً، قناعة بفكره مؤكد، إعجاب آخر بشخصه وبطريقته فى الحياة وأناقته وسيستم حياته.. كل هذه العلامات تثير الإعجاب.
أنا لا أفكر أننى طلبت من صديقى عادل حمودة منذ سنوات أن أذهب معه للقاء الرجل للتعرف عليه ولمحاورته ومناقشته، ولكن صديقى أعطانى الطرشة ولم يفعلها - ما علينا - أذكر أن اللقاء الوحيد الذى تم معه يوم أن تصادف أن جاورته فى لقاء عام - ربما لا يذكره - ويومها سألته عن استعداده للقاء بعض من شباب مصر فى اللقاءات التى كنا نقيمها للشباب، الرجل لم يرفض ولم يوافق، ربما لأنه يعلم أنها لن تتم، فالمسؤولون لن يوافقوا، وفعلاً طلبوا منى عدم إجراء هذا اللقاء.
ثم كان هناك لقاء آخر لكنه لقاء من خلال رسالتى فى الماجستير، التى كان عنوانها «الاستراتيجية الأمريكية فى الشرق الأوسط»، وهى تتحدث عن كيف دخل الأمريكان الشرق الأوسط، وكيف أزاحوا بريطانيا العظمى بمواقف سياسية أسميتها فى الرسالة «تغيير الحراس CHANGE GUARDS» كالعادة الشهيرة التى يتغير فيها الحراس فى قصر الملكة بلندن.
أشرت فى الرسالة إلى أحد كتبه ووثائقه، وبعدها عاتبنى البعض من مسؤولى الرئاسة والجهاز إياه عن تلك الإشارة، هكذا كانوا يفكرون لإرضاء النظام السابق.
حضرات القراء
اسمح لى الآن بعد هذه المقدمة الطويلة أن أدخل مباشرة فى قلب المقال، شهور مرت علىّ، وأنا أفكر فى كتابة دراسة أو كتاب عن شخصية مصر وشخصية ومزاج المصريين بعد ثورة 25 يناير، ولكن الأحداث المتلاحقة والسريعة وغير المتوقعة أحالت دون ذلك، وظللت أقول لنفسى: لماذا لا يكتب غيرى فى ذلك الموضوع؟ هذه لعبة المفكر د.جلال أمين، والسيد يس وسعد الدين إبراهيم وبعض علماء الاجتماع السياسى، ومن الأطباء النفسيين كالدكتور عكاشة والدكتور خليل وغيرهما.. وكنت أقول فى نفسى، يا سلام إنه يتحمس لهذا الموضوع الأستاذ، أقصد محمد حسنين هيكل، لكنه خيب ظنى واختار الكتابة فيما يحبه، وهو الكتابة عن الرؤساء، وهذا النوع من الكتابة هو الأسهل له، وهو الذى يجذب القراء أكثر، ولذلك اختار الكتابة عن الرئيس السابق مبارك، صحيح لم نقرأ الكتاب بعد ولكنه من المقدمة التى قرأناها يظهر ما سيدور فيه من أفكار وكتابات داخل الكتاب، على عينى ورأسى يكتب عن مبارك ولكن لماذا لا يضيف فصلاً أو باباً عن مصر والمصريين، كما فعل د.جلال أمين عندما كتب كتاباً رائعاً عنوانه كان «ماذا حدث للمصريين؟» واسمحوا لى أن أختم وأتساءل: رجل مفكر بحجم هيكل لماذا يختصر نفسه ومصر والمصريين فى كتاب عن الرئيس السابق مبارك؟
ميزة الأستاذ هى فى الكتابة عن الاستراتيجيات وعن إدارة الأزمات وعن القراءة المستقبلية، فهل كتابه سيشير إلى كل ذلك، أما إذا كان فى طعم وروح كتاب خريف الغضب عن السادات، فليسمح لى أن أقول إن إعجابى بالرجل لن يزيد، بل سيكون محلك سر، أو يبقى الحال كما هو عليه، وقد يخسر معجباً من معجبيه.
وثائق الأزهر.. نعم .. شباب الثورة ألف نعم
فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر، كنت سعيداً باختياره لهذا المنصب، صحيح الذى رشحه د.أحمد نظيف والذى أصدر قراره مبارك.. ولكن ليس معنى أن الذى رشحه هذا وعينه ذاك أمر يؤخذ عليه.
صحيح قامت بعض الاعتراضات وقلة من المظاهرات ضده تحت حجة أن الذى عينه الرئيس السابق، وهى اعتراضات لم أوافق عليها بل لم أسترح إليها.
وقد أحزننى أن بعض الذين قاموا بها من أبنائه الأزهريين، كنت أرى -وهذا ما كتبته عن الرجل - أنه لا ينقصه شىء سوى أن تسود الابتسامة وجهه التى للأسف غائبة عنه، فربما كنت متأثراً بابتسامة الراحل العظيم شيخ الأزهر السابق د.طنطاوى.. أقول ربما، لأن الابتسامة تظهر سماحة الشخصية، وتبرز أهم عواطفها الإنسانية خاصة لقيادة إسلامية كبيرة.
وكنت غاضباً لغيابه عن ميدان التحرير، فأنا لم أكن أطلب منه أن ينزل ثائراً، وهو أمر لم يكن يعيبه لو حدث، فمازالت مواقف الشيخ عمر مكرم وموقفه الوطنى عالقة بالأذهان، وأعترف أننى غضبت كثيراً لهذا الغياب خاصة أنه لم يصلِ ولو جمعة فى الميدان ولكن وجدنا الشيخ الكبير يوسف القرضاوى يصلى ويخطب فى جمعة رئيسية تمنيت أن يكون خطيبها وإمامها فضيلة الإمام الأكبر.
عزيزى القارئ
كان حماسى لوجود الإمام الأكبر فى الميدان لأننى كنت أشعر، كيف كان يمكن أن يكون حجم تأثيره على هذا الشباب الثائر، حيث إن وجوده سيعطيهم دفعة معنوية نفسية كانوا فى أشد الحاجة لها.
ومع ذلك فأنا سعيد الآن بأداء ومواقف الرجل فقد استطاع بهدوء واقتدار أن يكتسب ثقة الجميع بأدائه الهادئ والواثق والوطنى مع كل الأطياف، المجلس العسكرى ومجلس الوزراء والكنيسة، والقوى السياسية، والمجتمع المدنى، والأهم أنه استطاع أن يدير حواراً ناجحاً مع الشباب الثائر كسب فيه ثقتهم وودهم، ويا ريت تكثر من لقاءات الشباب فى فترات متوالية.. أقسم بأنه لن يخسر.
أيضاً التاريخ سيذكر أنه قدم وثيقتين مهمتين ترتبطان بالعمل الوطنى وبمستقبل مصر، يعتبران ركيزة مهمة لانطلاقة العمل الوطنى خاصة الدستور الجديد ولمصر المستقبل.
وقد تسأل حضرتك وأتساءل أنا: ماذا تسمى الذى حصل؟ وما تقييمك لهذا الأداء؟ وهل هو نجاح دينى أم سياسى أم اجتماعى؟
وهل هذا نجاح ننسبه إلى شخصية الرجل أو لمستشاريه أى هل هى حنكة سياسية أم نفحة روحية من رجل صوفى قريب لله، أم هو رضا من الله على الرجل وعلى مصر، أعتقد أن هذا السبب هو الأقوى وأيضاً لا تنسى رضا الوالدين.
عمرو خالد.. أين دوره السياسى؟
كنت ومازلت من المحبين للداعية الإسلامى عمرو خالد ففى شخصيته توليفة كاملة، فلديه ذاكرة حديدية، ومعلومات دينية كافية ومقنعة ووسطية، يؤمن بآيات القرآن مثل «قولوا للناس حسنا» لديه قدرات ومهارات ناجحة فى إدارة الحوار مع الشباب، ومع ذلك وهذا ليس فى صالحه ليس لديه قدرة على السباحة ضد التيار ولا حب فى عدم الصدام مع الغير. سلبيات وإيجابيات ولكن إيجابياته فرضت اسما كبيرا فى الدعوة وفى نشر الإسلام الوسطى الجميل.
إذن الرجل فرض نفسه على المجتمع المصرى بل والعربى، بإمكاناته وجهده وأفكاره الخلاقة وإبداعاته فى هذا المجال.
ولهذا نجح فى جذب قلوب الشباب بل أن يسيطر على كثير من الشباب بأفكاره وبقناعاتهم به وبها، الرجل فى ظنى ظاهرة، يمكن القول إنه كظاهرة عادل إمام فى الفن وعمرو دياب فى الغناء والخطيب فى كرة القدم، هو وهم ظواهر لكنها استمرت ولم تختفِ. هو أكثر الدعاة شهرة بل وموهبة.
كان سؤالى عنه قبل الثورة: هل سيستمر الرجل وإلى متى؟ وهل سيكون الجديد دائماً الذى يمكنه من الجلوس على العرش الذى يجلس عليه، قلت ربما هذا النجاح واستمرار سببه موقفه من النظام السابق المعادى له والذى لم يكن يستريح له والذى حجمه إلى حد كبير، ويبدو أن حدسى كان صحيحاً، ذلك لأن هذا اللمعان فى فترة مبارك قد خفت إلى حد ما بل وإلى حد كبير، ومازلت أتساءل: كيف يكون ذلك والمناخ أكثر حرية والبيئة الدينية قد اتسعت وانتشرت، فالملعب أصبح ملعبه، هل هو لا يلمع إلا فى وجود الضغوط السياسية؟ هل هو كالسياسى المعارض الذى يتألق فى وجود المعارضة ومن خلال الضغوط السياسية التى يتعرض لها؟ وهل رجل الدين كرجل السياسة؟.. الشواهد تقول إن كثيراً من رجال الدين عاشوا وبرزوا وازدادت شعبيتهم من خلال هذه الضغوط، كما فى حالة الشيخ عمر مكرم، والإمام محمد عبده، والشيخ جمال الدين الأفغانى.
عزيزى القارئ..
أنا لا أملك الإجابة عن هذا السؤال، ولكن عمرو خالد يملكها، وعندما ناقشته فى هذا الأمر أبدى رأياً لم يقنعنى، فالرجل قيل إنه ضايقوه لأن لديه أحلاما بالترشح للرئاسة ضد جمال مبارك، طيب لو سيادتك لديك كل هذه الإمكانات التى لدى عمرو خالد، أهمها عاملان، عامل الشعبية بين البسطاء المتدينين فى مصر، وعامل حب الشباب له وحماسهم له ولأفكاره، هل يمكن أن تفكر فى ترشيح نفسك نائباً فى مجلس الشعب، وربما يرى المنصب قليلاً عليه، إذن فلماذا لا يفكر أن يعرض نفسه مرشحاً محتملاً للرئاسة. أزعم أن لديه إمكانات أكبر وأوسع من كثير من المرشحين الحاليين، فلديه ترسانة من الأسلحة، أهمها قبوله العام لدى المصريين، وأولها حب الشباب له والتفاتهم حوله.
قلت إن الرجل لا يحب العوم ضد التيار، ولا يحب الصدام، فهل يخذل رأيى، ويقرر عرض نفسه مرشحاً للرئاسة؟
فى ظنى لديه فرصة كبيرة، خاصة بعد انسحاب الدكتور البرادعى من الترشح والذى أرى أن انسحابه خسارة كبيرة لمصر وليست له.
هل أقول إن الدكتور عمرو خالد اعقلها وتوكل، ممكن ولكن هل هو يريد أن يعقلها وأن يتوكل.. هو الوحيد الذى يعلم والله سبحانه وتعالى.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmed saasd
أنت اللى أستاذ ورئيس قسم
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
مقال جيد
عدد الردود 0
بواسطة:
imad
سؤال بسيط !!
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد ماهر توفيق احمد
لحد امتى هنفضل منافقين
عدد الردود 0
بواسطة:
ولا ء سيد
سمك لبن تمر هندى
كل مفكك ومشتت وممل جدا