د. مصطفى النجار

رسالتى لمبارك يوم 22 يناير 2011.. سيادة الرئيس.. لماذا 25 يناير؟

الأحد، 22 يناير 2012 11:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سيادة الرئيس.. يبدو أن رسالة شعب تونس الشقيق لم تصل إلى نظامكم الرشيد، فمازال رموز النظام يخرجون كل يوم علينا ويقولون نحن نختلف عن تونس وما حدث فى تونس لا يمكن أن يحدث فى مصر.

ونحن بالطبع نختلف عن تونس، فما وصلنا إليه من تدهور وتراجع مخيف فى جميع المجالات لم تصل إليه أى دولة فى العالم، بفضل جهود نظامكم العشوائى والقائم على الفساد الممنهج، أصبحنا نحتل بجدارة كل المراكز المتقدمة فى المؤشرات العالمية السلبية، بدءًا من الفساد والأمية، ومرورًا بالالتهاب الكبدى الوبائى، وانتهاءً بمعدلات الاكتئاب التى تطورت إلى الانتحار وحرق المواطنين لأنفسهم تعبيرًا عن سعادتهم ورضاهم البالغ بما أوصلتم المصريين إليه.

سيادة الرئيس.. لم يفعل زين العابدين فى شعبه ما فعله نظامكم بنا، وثار الشعب التونسى حين ضاقت به الحياة، لماذا تعتقدون أن المصريين لا يثورون؟ لماذا تعتمدون وتثقون فى قوة جهازكم القمعى فى إسكات آلام الملايين؟ هل تظنون أن هذا سيستمر إلى ما لا نهاية؟ إنكم تراهنون على المستحيل، لأن كل السنن الكونية والعلوم الاجتماعية والسياسية تقول إنه قد انتهى عصركم، وأن التغيير قادم لا محالة.

باستطاعتكم أن تختاروا شكل النهاية كما تريدون، تستطيعون أن تنقذوا ما يمكن إنقاذه بالتخلى طواعية عن حكم استمر لثلاثة عقود كاملة لم تحدث فيها أى انتخابات نزيهة، تستطيعون ترك الشعب المصرى يختار حياته ومستقبله ورؤساءه كما يريد، تستطيعون أن تسدلوا الستار على حقبة حكم من أسوأ الفترات فى تاريخ مصر على الإطلاق، وترك ذكرى طيبة ليذكركم الشعب المصرى بالخير ويسامحكم رغم كل ما اقترفتموه فى حقه.

وتستطيعون أن تعاندوا أكثر وأكثر وتتخيلوا أن أحكام السيطرة القمعية على الشعب ستؤمّن لكم مزيدًا من الوقت للاستمرار، ولكن بلا شك، دعنى أؤكد لسيادتكم أنه سيكون الرهان الخاطئ الذى ستندمون عليه ما تبقى من حياتكم، لأن هذا الشعب قد تغيرت طبيعته، ولم يعد هو هذا الشعب الطيب المسالم الذى عرفتموه فى بداية حكمكم.

سيادة الرئيس.. إن النار تحت الرماد مشتعلة وتبعث إليكم بين الحين والحين بلفحات من حرّها، ولكنكم لا تبالون، إن ما حدث فى تونس من الشعب ضد النظام سيكون قليلا جدا بالمقارنة بما سيصنعه الشعب المصرى حين تخرج الأمور عن السيطرة.

إننا لا ننادى بالتغيير لنستبدل شخصًا مكان شخص آخر، بل لنحمى وطنًا من الفوضى والانفجار الذى سيحرق الجميع، إننا نخاف على أنفسنا وعلى أبنائنا وبيوتنا من النهب والفزع والدمار، إن انطلقت ثورة الجياع والمحبطين والراغبين فى الانتقام من كل ما حولهم بسبب ما وصلوا إليه من بؤس وقهر وحرمان. 

إن القنابل الموقوتة التى تحيط بالقاهرة وبمحافظات مصر المتمثلة فى العشوائيات وفى الملايين من أطفال الشوارع، وكذلك ميليشيات البلطجة والإجرام التى تستخدمونها ضد خصومكم السياسين، كل هؤلاء لن يقودوا ثورة سلمية بل سيشعلون حمم غضبهم على الجميع ليتمزق هذا الوطن وتصبح أرضنا أرض الأشباح والخوف والموت.

سيادة الرئيس.. لا نزعم أن نزولنا يوم 25 يناير هو ثورة ولكنه بالتأكيد بداية، وهذا الحدث بالذات يرسل إليكم رسائل بالغة الأهمية، هذا الحدث لم يدعُ له كبار المعارضين ونخبتهم، بل دعا له الشباب الذين يمثلون نحو %60 من شعبك الذى تحكمه، هؤلاء الشباب لم يعودوا ينتظرون أحدا، لا نظاما ولا معارضة، فقد ضاقت بهم الحياة ولم يعد لديهم ما يخسرونه، فقد قتلتم الأحلام فى قلوبهم البريئة، وسُفكت دماؤهم على تراب مصر الشاهد على ذلك، وصورة خالد سعيد والسيد بلال تبرق أمام أعيننا كل يوم وتحذّرنا من نفس المصير إن استمر نظامكم.

لسنا فى عداوة مع الشرطة ولا مع أى مؤسسة وطنية مصرية، بل إننا نقدّر ونحترم ونعلى دور وقيمة جميع مؤسساتنا الوطنية التى هى ملك لكل المصريين، ولكننا مع خصومة أخلاقية وإنسانية، مع كل يد آثمة امتدت لتفتك بالمصريين وتنهش فيهم بالتعذيب والاعتقال والإهانة،  إننا نميز تمامًا بين هؤلاء وهؤلاء الشرفاء الذين هم غالبية جهاز الشرطة من أقاربنا وأهلنا وجيراننا وزملائنا الذين يعانون مثلما يعانى كل المصريين من الغلاء وصعوبة العيش وصعوبة ظروف العمل، ونعلم يقينا أنهم يقفون معنا فى نفس الجهة حزنًا على حال الوطن.

لذا فنزولنا يوم 25 يناير ليس ضد الشرطة، بل  لصالح المصريين، ومن أجل المصلحة العامة لهذا الوطن، إن ما بداخلنا من انتماء وولاء وعشق ووفاء لهذه الأرض الطيبة يوجب علينا أن ننزل جميعا ونصرخ من قلوبنا: «لقد حان وقت الرحيل، وآن الوقت لتشرق الشمس وسط غيوم الظلام».

سيادة الرئيس.. نعلنها بكل وضوح لقد انتهى زمانكم، وحان أن تتجدد الدماء، وأن يستعيد الوطن عافيته، ولن تعدم الدولة المصرية رجلا من رجالاتها ينطلق بها من كبوتها إلى آفاق المستقبل، نريدها سلمية حضارية، نريدها آمنة لا تراق فيها دماء المصريين، نريدها نموذجًا لثورة سلمية يطلقها النظام بنفسه للتصحيح، سيسامح الشعب الآن ويغفر، ولكنه قد لا يستطيع بعد ذلك.

رهاننا على جيلنا وعلى أحلامنا وعلى جراحنا التى لابد أن يداويها التغيير، رهاننا مضمون النتائج ورهان الظلم والاستبداد خاسر وبائس وزائل مهما بدا غير ذلك.
نشرت هذا المقال يوم 22 يناير 2011 قبل الثورة بثلاثة أيام








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 6

عدد الردود 0

بواسطة:

farid

اتنشر فين

عدد الردود 0

بواسطة:

amgad

الثقة

عدد الردود 0

بواسطة:

الدسوقى ابراهيم محمد

كلمة حق.. أمام سلطان جائر...

عدد الردود 0

بواسطة:

محمدعبدالجواد عمارة

نصيحة من محب

عدد الردود 0

بواسطة:

مجدي قنديل

لك الله يامصر...

عدد الردود 0

بواسطة:

رفقاً بمصرنا

نُشّرت أو لم تُنشّر .. فهو من القلب

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة