د. عثمان فكرى يكتب: أحمد عاطف.. الشاب الذى ثار

الأحد، 22 يناير 2012 07:43 م
د. عثمان فكرى يكتب: أحمد عاطف.. الشاب الذى ثار صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الأحد 21 نوفمبر، الساعة الثامنة مساء، والظلام والهدوء يخيمان على شارع محمد محمود، بعد هدنة اتفق عليها المتظاهرون وقوات الأمن عقب مواجهات استمرت عدة أيام .. بعدها قرر المتظاهرون نقل عدد من المصابين فى هذه الاشتباكات، حيث لم تكن ظروف الاشتباك المستمر بين الطرفين تسمح بنقلهم إلى المستشفى الميدانى ..

انضم أحمد عاطف، طالب الهندسة، إلى فريق الكشافة الذى كان مكلفاً بهذه المهمة، نظراً لقوته الجسمانية الكبيرة.. سارع ومعه مجموعة من رفاق المهمة الصعبة إلى مكان الاشتباكات، يحملون فى أياديهم تليفوناتهم المحمولة لتضىء لهم الطريق، وفجأة وبدون سابق إنذار، سمعوا صوتاً جسوراً "ابدأوا الضرب"، ليجد أحمد ورفاقه أنفسهم محاصرين من جميع الجوانب بكميات هائلة من الدخان المنبعث من قنابل الدخان والقنابل المسيلة للدموع، قرروا مواصلة المهمة، لكن لم تكن هذه سوى البداية فقط .. حيث بدأت أشعة الليزر الخضراء تسطع في الضوء، وعندها عرف فريق الكشافة أنهم مستهدفون.

لم يستطع أحمد حين رأى شعاع الليزر يترصده أن يبعد عنه كثيراً، وحين حاول التخفى كانت رصاصتان قد استقرتا فى كليته ليرقد على الأرض بين الحياة والموت، وحوله تساقط بعض من رفاقه، منهم من سقط على قدميه، وآخر سقط فوق بطنه.. لم يكن أحمد يستطيع النطق.. الدماء تسيل من جنبه.. أيقن أنه بين لحظة وأخرى سيفارق الحياة.. انطلق عدداً من المتظاهرون إلى موقع ضرب النار فى محاولة لإنقاذ من تبقى حياً من زملائهم .. كان محمد يريد أن يصرخ " أنا هنا.. مازلت حياً.. لم يستطع.. بدأت قواه تخور تماماً، وحينها وجد قدما تعبر بجانبه.. جمع كل ما تبقى لديه من قوة، وألقى بيده ممسكا هذه القدم.. ثم غاب عن الوعى".

سارع زملائه بنقله إلى مستشفى المنيرة.. أخبره الطبيب أن حالته مطمئنة.. دقائق قليلة وسيغادر المستشفى.. وبالفعل قرر الطبيب مغادرة أحمد بعد ما يقرب من ساعة كان حالته قد ساءت خلالها إلى حد كبير، وبدأ ينزف من عينيه وفمه.. لم يستطع أصدقاؤه تحمل المشهد.. هددوا الطبيب إذا لم يجر له اللازم سيقتلونه بأيديهم.. بدأ الطبيب فى الكشف الجدى على أحمد، وأجرى عددا من الأشعة والتحاليل، لكن الحالة تسوء أكثر.. حينها قرر الرفاق نقله إلى مستشفى القصر الفرنساوى.. استقبال المستشفى رفض دخوله إلا بعد أن مضى أصدقاؤه إقراراً يلزمهم بدفع 9 آلاف جنيه، نقلوه إلى غرفة العمليات فور دخوله، أعطاه طبيب التخدير إبرة "بنج"، استيقظ بعد أربع ساعات، ليجد نفسه محاطا بمجموعة من الأطباء، وبطنه مفتوحة عن آخرها، وأمعاءه خارجها.. فأدرك أنه مازال بغرفة العمليات، وأن المخدر كان يجب أن يستمر 6 ساعات وليس أربعة كما قرر طبيب التخدير.. أصابه المشهد بحالة تشنج وعصبية هائلة، فتم تخديره للمرة الثانية .

8 عمليات جراحية أجراها أحمد حتى الآن توزعت جميعها بين القولون والكلى في محاولة لوضعه على أول طريق العلاج.. من المقرر خروجه فى الأيام القادمة، وكليته موصولة بأنبوبة ودعامة لتسهيل خروج البول.. ثم فى فترة لاحقة سيعود إلى المستشفى لتوصيل الأمعاء بالمعدة مرة أخرى .. غير أن المشكلة الحقيقية هى ضرورة سفر أحمد إلى ألمانيا لاستكمال علاجه، ونزع الرصاصة التى لا تزال موجودة بالعمود الفقرى، وإلا سوف يصاب بشلل كامل مدى الحياة.. المشكلة أن جميع مستشفيات ألمانيا تم حجزها لمصابى الثورة الليبية، والله وحده يعلم متى يمكن أن يجد أحمد مكانا فيها، حسبما وعده وزير الصحة.. يرقد أحمد حاليا فى الغرفة رقم 47 بالمستشفى الفرنساوى.. يزوره كثيرون.. أصدقاؤه.. وغيرهم لا يعرفونه.. يتعاطفون مع حالته.. ويطلبون منه التحمل والصبر.. وهو بالمقابل يطلب منهم استكمال تحقيق أهداف الثورة التى سقط هو وزملاؤه من أجلها.. وفى الختام نناشد وزير التعليم العالى أن يراعى ظروفه الصحية، ويلحقه بامتحانات هذا العام، خاصة وأنه الأول فى كلية الهندسة.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة