ما حدث فى أرض الضبعة يجب أن يثير قلقنا جميعاً، خاصة ما أعلنته هيئة الطاقة الذرية، ظهر الأربعاء، عن أنه تمت سرقة خزينة من الموقع وكسر أخرى بها مصادر مشعة، وهذه الأخيرة تعنى أنه يمكن أن يكون هناك خطر حقيقى على سكان المنطقة، أو المقيمين فى الموقع، فضلاً على البيئة المحيطة.
الواضح فى المشهد أن الأهالى لديهم احتجاج على إقامة المحطة فى أرضهم، والواضح أيضاً أنهم يريدون أرضاً بديلة أو تعويضاً مادياً يناسب قيمة الأرض، وهذا حقهم الطبيعى، وما كان ينبغى للجهات المسؤولة أن تتركهم هكذا بلا تعويض، حتى يثوروا أو يعبروا عن غضبهم، لكن المحير فى هذا الأمر أن مسألة الضبعة مثارة منذ سنوات، وكان أحد رجال الأعمال - محمد إبراهيم كامل - يعترض بشدة على إقامتها، لأن لديه مشروعات استثمارية وسياحية مجاورة يخشى عليها من إقامة المحطة النووية، وفضلاً على ذلك فقد عبر هو - قبل ذلك - عن رفضه إقامة محطة نووية قريبة من ساحل المتوسط، باعتبار أن هذه المنطقة يمكن أن تكون مصدراً لمشروعات سياحية هائلة تدر عائداً ضخماً على مصر، وكان رد خبراء الطاقة الذرية، أن هذه المنطقة هى الأصلح والأنسب للمحطة النووية. الآن اختفى اعتراض رجل الأعمال، واختفى صوته فى الإعلام، فهو أحد المتهمين فى قضية موقعة الجمل، لكن مع اختفائه ظل الأهالى يعترضون.. هل هناك علاقة بين الطرفين، وهل.. وهل..؟!
تساؤلات كثيرة لا يمكن أن تقطع فيها بإجابة، والأمر متروك لجهات التحقيق، إذا كان هناك تحقيق يتم، وحسم د.كمال الجنزورى، رئيس الوزراء، الأمر بإعلانه أن المحطة ستقام فى الموقع المحدد لها، وأن أهالى المنطقة وأصحاب الأرض سوف يتم تعويضهم جميعاً.
المشكلة فى التأمين، ما حدث من اقتحام للموقع وسرقة خزينة وكسر الثانية، أمر مخيف، ماذا لو حدث هذا والمحطة قائمة وتعمل بكل قوتها وفيها من الأجهزة والمواد المشعة الكثير؟.. هل يمكن ساعتها أن نجد أنفسنا إزاء حادث «تشرنوبل» آخر؟ يقول لنا علماء الطاقة النووية إن المفاعلات النووية الحديثة بها معدلات أمان تامة، تقترب من نسبة %100، وإن حادث «تشرنوبل» غير قابل للتكرار بالنسبة للمفاعلات النووية، هذا بالنسبة لعمل المحطة والأجهزة.. لكن، ماذا عن العوامل الأخرى كالتخريب المتعمد، أو أن تحدث حالة غضب فيقتحم أفراد أو مجموعات غاضبة المحطة ويعبثون بها مما يترتب عليه كوارث كبرى؟ هل الذين سرقوا الخزينة وكسروا خزينة أخرى، أرادوا أن يقولوا لنا أو يقنعونا بأن فكرة إقامة محطة نووية فى بلادنا عموماً محفوفة بمخاطر واحتمالات التفجير، وإن الأمر أكبر من عملية الأمان الذاتى للأجهزة والمحطة؟
منذ سنوات سرق أحد الموظفين جهازا مشعا من كلية العلوم بجامعة القاهرة، وهو فى نهاية الأمر جهاز صغير وقديم يستغل فى تعليم الطلاب وإجراء بعد التجارب التعليمية من خلاله، وبلا وعى سرق السارق، وألقى به فى حقل برسيم فى إحدى قرى القليوبية، وأدى إلى نتائج كارثية رغم أنه اكتشف بسرعة، وعبرنا جميعاً الحادث ولم نعطه ما يستحق من اهتمام، ويأتى حادث الضبعة ليجدد المخاوف.