بعد أن قال الشعب كلمته وأُسدل الستار على الانتخابات البرلمانية التى أنتجت لنا برلمانا لم يستطع أى فصيل سياسى أن يُحقق به الأغلبية المطلقة التى تمكنه من الانفراد بتسيير البرلمان وفقا لرؤيته وتوجهاته، وهذا من فضل الله علينا، لأن هذا البرلمان يُعد من أهم البرلمانات فى تاريخ مصر والذى يعقد عليه الشعب المصرى آمالاً كبيره ليكون برلماناً حقيقيا معبراً عن كل أطياف الشعب المصرى، ويقوم بالدور الأساسى المنوط به ألا وهو الرقابة الحقيقية على أعمال الجهاز التنفيذى وتشريع القوانين التى تصب فى صالح الوطن والمواطنين.
ويختلف هذا البرلمان عن كل البرلمانات السابقة الفاسدة التى كانت تأتى بالتزوير والتلفيق، وكان ولاء النواب لمن أتوا بهم وليس للشعب الذى لم ينتخبهم والذى كان يتخذ قرار المقاطعة للتعبير عن رفضه لتزوير إرادته.
أما هذا البرلمان والذى جاء بعد ثورة من أعظم الثورات فى العصر الحديث بإرادة شعبية ورغم حدوث بعض التجاوزات، إلا أنها فى المجل لم تكن لتؤثر على نتائج تلك الانتخابات، وبغض النظر عن تشكيلة هذا البرلمان وسيطرة أحزاب الإسلام السياسى عليها فإن هذا البرلمان يقع عليه عبء كبير، فهل يكون نواب هذا البرلمان على قدر الأمانة والمسئولية التى حملهم إياها الشعب والسؤال الذى يطرح نفسه الآن.
هل ينجح نواب هذا البرلمان فى انتخاب جمعية تأسيسية للدستور معبرة عن كل أطياف الشعب المصرى لعمل أهم دستور فى تاريخ مصر والذى يؤسس لحاضر ومستقبل مصر التى نتمناها جميعا؟
هل يستطيع نواب هذا البرلمان مكافحة كل أنواع الفساد الذى استشرى فى كل مؤسسات الدولة، ومازالت معظمها تعج بهذا الفساد والذى كان عنوناً لمرحلة حكم مبارك؟
هل يستطيع نواب هذا البرلمان النزول إلى القرى والنجوع والأحياء والمدن للتعرف على هموم ومشاكل المواطنين والعمل على حلها؟
هل يستطيع نواب هذا البرلمان تشريع القوانين التى تحقق التوازن والتكامل بين السلطات وتقضى على التداخل بينهما؟
هل يستطيع نواب هذا البرلمان محاسبة الوزراء ومسائلتهم على تقصيرهم فى أداء واجبهم أم أن الحصول على تأشيرات الوزراء للمصالح والطلبات الخاصة سيحول دون ذلك؟
هل يستطيع نواب هذا البرلمان المساهمة فى بناء اقتصاد قادر على تحقيق العدالة الاجتماعية وتحقيق النهضة التى يحلم بها أبناء الوطن؟
هل يستطيع نواب هذا البرلمان أن يضعوا قضية التعليم والعلم والبحث العلمى كأحد أهم الألولويات فى تقدم المجتمع وازدهاره؟
هل يستطيع نواب هذا البرلمان المساهمة فى القيام بثورة إدارية فى كل كيانات الدولة، ووضع معاييرعادلة للتوظيف ولمن يتولون المناصب القيادية، ومن يُديرون مصالح الوطن والمواطنين أم أن المحسوبية والانتماء السياسى سيكون له دور فى هذه الاختيارات؟
وفى النهاية إننى أدعو نواب البرلمان أن يضربوا لنا المثل والقدوة فى تغليب مصلحة الوطن والمواطنين فوق توجهاتهم السياسية، ومصالحهم الخاصة، وأن يكون شعارهم جميعا مصر فوق الجميع.
