إسماعيل كاشف يكتب: احتفلوا بـ 25 يناير أو لا تحتفلوا

الجمعة، 20 يناير 2012 01:49 م
إسماعيل كاشف يكتب: احتفلوا بـ 25 يناير أو لا تحتفلوا صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
احتفل الإخوة التوانسة السبت 14 يناير بذكرى ثورة الياسمين التى أجبرت زين العبدين بن على للهروب فى ذاك اليوم، تلك الثورة التى كانت ملهمة لثوار مصر، وكثير من فاعليات الثورة المصرية كانت شبيهة كل الشبه بفاعليات الثورة التونسية بدءاً من الحلقات الجماعية للشباب التى كانت تتقافز فى الهواء وترفع لافتات صغيرة بخط اليد وكانت تكتب فى تونس بالفرنسية والإنجليزية للمطالبة بالرحيل، وكانت فى مصر فى معظمها بالعربية وبالمصرية الدارجة ولافتات قليلة بالإنجليزية وكذلك كانت معظم الهتافات، وحتى وسائل الوقاية من الغازات المسيلة للدموع نقلها الشباب عن ثوار تونس، وانتصرت الثورتان بسرعة قياسية، حيث هرب الأول وتخلى الثانى، وعزونا ذلك السقوط السريع للحاكمين رغم أن حكام ليبيا لم يسقطوا إلا بالموت بعد سقوط مئات الألوف من الشهداء، وحاكم سوريا لا يزال يقتل فى الشعب السورى ومتشبث بحكم البلاد ويبدو أنه سيظل متشبثاً حتى آخر مواطن سورى وحينها لن يجد من يحكمه، وحاكم اليمن السعيد لا يعرف بالقطع إن كان ترك السلطة فى اليمن أم لا يزال يحكم فيها بنائبه وبأولاده وأبناء عمومته؛ بالرغم من أن الشعب اليمنى لم يترك ساحة التغيير أمام جامعة صنعاء ولا ساحة الحرية بمدينة تعز حتى صباح اليوم، وكان تفسيرنا لذلك السقوط السريع لمبارك وزين العابدين بن على هو اعتمادهما على الدعم الدولى من أمريكا لمبارك ومن فرنسا لبن على، وخذلت أمريكا مبارك كما فعلت مع شاه إيران محمد رضا بهلوى، وخذلت فرنسا بن على وحرمته حتى حق اللجوء ورفضت هبوط طائرته على أراضيها، وكذلك وهو الأهم أنهما كانا يرتميان فى أحضان زوجتيهما بشكل يقال بالمصرية (سلم لها ذقنه)، فكانت الأولى هى الحاكمة الفعلية المتنفذة لمصر بصفتها السيدة الأولى، والتى يخلو الدستور المصرى من توصيف وظيفتها وترك لها حرية السلب والنهب وتعيين الوزراء بل وإعداد الابن المدلل لحكم البلاد فيما يسمى بالتوريث والذى كان المسمار الأخير فى نعش النظام، وبالتالى تسببت بطريقة استغلال النفوذ فى الثراء الفاحش لأفراد عائلتها هى وحرمت أعضاء أسرة مبارك من العصب فى قريته كفر مصيلحى من تلك المليارات المنهوبة، وكذلك كانت زوجة بن على، وكلاهما كان معزولاً عن أسرته وعائلته ومسقط رأسه، ولم يكن لهما لا عمق قبلى ولا سند عائلى ولا حائط صد طائفى ولم يكن المساند لهما إلا بطانتهما من زمرة المنتفعين والذين سرقوا ثروات البلاد، ونهبوا خيراتها وأفقروا وأمرضوا وحبسوا وعذبوا شعوبها، وقتلوا أحلام شبابها ودفعوهم لليأس والقنوط والإحباط، وكانت مناسبة سعيدة حقاً للشعب التونسى والذى يقول كما يقول المتحدثون عندنا فى مصر من النخبة فى برامج التلفزة، أن أهداف الثورة لم تتحقق وأن الأمن يقمع المتظاهرين وأن المحاكمات الغيابية لبن على وعائلته مسرحيات هذلية وأن النظام البائد لا يزال قابعاً وهناك عندهم أيضاً فلول النظام ولديهم من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية ما تنوء منه الجبال كما فى مصر وكذلك تصدر الإسلاميون المشهد السياسى، وفاز بالأغلبية حزب النهضة وأقصيت قائمة العريضة التى يتزعمها الدكتور الهاشمى صاحب قناة المستقلة باعتبارها من فلول النظام، وهذا بالضبط ما حدث فى مصر أن أقصت الجماهير المصرية من خلال صناديق الاقتراع معظم فلول النظام والذين كانوا ينجحون بالتزوير على قائمة الحزب الوطنى المنحل فى المجالس التشريعية طوال العقد الماضى.

قضى بعض التونسيين ليلة السبت أمام مبنى المسرح البلدى حتى لا يفوت على نفسه الفرصة الاحتفال بالحدث فى الصفوف الأولى ومن الصباح الباكر توافد الألوف رجالاً ونساءً إلى جادة الحبيب بورقيبة بوسط العاصمة التونسية؛ للمشاركة فى احتفال الذكرى الأولى للإطاحة ببن على ورددوا هتاف (ما لا راحة من بن على) أى باللهجة التونسية المحببة (كم هو مريح التخلص من بن على)، وارتدى أحدهم قناع وجه يجسد صورة بن على وهو مكبل اليدين ويرتدى لباساً سعودياً وبرفقته زوجته ليلى الطرابلسى وألبسوها ملابس ساحرة وجاب الشوارع طولاً وعرضاً بما يشبه المحاكمة الشعبية للحاكم الهارب، ووسط هتافات تنادى بإعدامه، ورفع المتظاهرون لافتة كبيرة تتوسطها خريطة تونس محاطة بأسماء الشهداء وعلى رأسهم محمد البوعزيزى البائع المتجول الذى أقدم يوم 17 ديسمبر بحرق نفسه أمام مقر ولاية سيدى أبو زيد احتجاجاً على مصادرة بضاعته وإهانته ومنعه من إيصال شكواه للمسئولين، وبعدها توفى فى 4 يناير وتلك الحادثة هى التى أشعلت الثورة الشعبية التى لا سابق لها وأطاحت بحكم زين العابدين بن على الاستبدادى بعد عشرة أيام فقط من موت البوعزيزى، وكان الحفل الرسمى فى قصر المؤتمرات وبعد الحفل الرسمى، بدأ الحفل الفنى بعد أن طلب مذيع الحفل الداخلى خروج رؤساء الوفود من القاعة ولا ندرى هل كانت تلك رغبة رؤساء الوفود فى عدم حضور الحفل الفنى أم هو البروتوكول التونسى، وعزفت إحدى الفاتنات التونسيات مقطوعات موسيقية على آلة الكمان، وبعدها توقف بث القناة التى نراقب منها الحفل وتحولت القناة لاستديوهاتها لبث خريطته التلفزيونية اليومية، وإن كان قد خرج علينا بعض المراقبين والذين لا يعجبهم العجب ولا الصيام فى رجب ووصفوا الحفل بالبرودة، والشعب المصرى أصبح قاب قوسين أو أدنى من تلك الاحتفالات، والبعض يحبذها ويدعو للمشاركة الحضارية فيها، لأنها كانت يوماً مشهوداً وعبقرياً فى تاريخ مصر الحديث، حيث ذاب المصريون فى بوتقة حب مصر والإصرار على إسقاط نظام لم يرى بر مصر له مثيل، وذابت العصبية والطائفية والحزبية، فلا اعتداءات ولا سرقات ولا تحرشات، فلا مانع من الاحتفال لاستحضار هذا اليوم فى الذاكرة، والبعض متخوف منه لما قرأه على وسائل التواصل الاجتماعى من مهاترات من بعض المجهولين والذين لا يمكن أن يكونوا من الثوار الحقيقيين والتهديد بالحرق والقتل والخنق، والبعض يرى أن الثورة لم تحقق شيئاً حتى الآن، ولا يعقل أن تنجب طفلاً ومنذ ولادته يعانى من الأمراض السارية والمزمنة والمعدية وغير المعدية، فقيء ويتلوه إسهال ويتلوه إمساك وحمى وكحة وبرد وأنفلونزا تتلوها نزلة معوية ثم التهاب رئوى وبعده قىء ويتلوه إسهال ويتلوه إمساك وحمى وكحة وبرد وأنفلونزا تتلوها نزلة معوية ثم التهاب رئوى، وكلفك كثير من المال ووقف الحال، فهل ستكون لديك قابلية للاحتفال بعيد ميلاده الأول؟، وأكيد أنك ستؤجل حفلك بعد شفاء وليدك، وبالتالى لا داعى للحفلات قبل تحقيق الأهداف، والبعض يرى أن الثورة أجهضت أى ماتت وهنا يجب أن يكون البكاء والنواح حتى الصباح أفضل وسيلة للاحتفال، وليس من الضرورى أن نتفق فقد اتفقنا على أن لا نتفق.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة