د. رضا عبد السلام

أنقذوا مصر من كارثة التطرف... والتطرف المضاد!!

الجمعة، 20 يناير 2012 10:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
علينا أن نتفق من البداية على أننا نتمنى أن نرى مصر الجديدة دولة مؤسسات حقيقية، بمعنى أن تكون الكلمة الأولى فيها للمؤسسات العامة، التى تسهر على حمايتنا وتحقيق طموحاتنا. تابعنا جميعاً موضوع جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وما تواتر من أخبار عن قيامهم باستيراد آلاف الصواعق الكهربائية وغيرها من الأدوات! وبدأت بالفعل فى ممارسة عملها فى عدد من المدن المصرية، كما أطلقت حملة لجمع المتطوعين من الشباب وغيرهم... إلخ!
لا يختلف مسلم، محب لدينه على أهمية أو فضيلة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والآيات والأحاديث فى هذا الأمر كثيرة ودامغة، ولكن... وأكرر ولكن، لمن يوكل هذا الأمر؟! أهو مسئولية الأفراد أم مسئولية الدولة؟! فحتى بالنسبة للتجربة السعودية الراسخة، فإن الأمر كله يدار من خلال مؤسسة ترعاها وتسأل عنها الدولة، أى أن الأمر ليس متروكاً لإدارة الأفراد، بحيث يقوم كل فرد بفعل ما يحلو له، وبما أن الشىء بالشىء يذكر، فقد أقال خادم الحرمين الملك عبد الله رئيس هيئة الأمر بالمعروف وعين غيره الجمعة (13 يناير)! إذاً نحن هنا بصدد دولة تعين وتعزل وتحاسب.
ما نشهده فى مصر، ومع تقديرنا الكامل لصدق نوايا من أطلقوا تلك الحملة، ليس إلا من قبيل الفوضى والجهل بأمور الدين والدنيا، كان أولى بهؤلاء أن يوكلوا الأمر للمؤسسات المحترمة كالأزهر، أو أن يتقدم به عضو مجلس شعب محترم كمشروع قانون، ليسن به قانونا ينظم عمل هيئة الأمر بالمعروف، وحدود دورها ومسئوليتها... إلخ.
وعلى الرغم من كون الهيئة القائمة فى المملكة العربية السعودية هى هيئة عامة تابعة للدولة، إلا أنها لم تسلم من الوقوع فى الأخطاء والأهواء، فما بالنا بهيئة أنشأها مجموعة من الأفراد دون ضوابط أو آلية محاسبة... إنه الجهل والفوضى فى أبهى صورها.
وبناءً عليه، فإن ما نحن بصدده – وإذا ما ترك هكذا - سيقودنا إلى مصير مظلم ونتائج لا تحمد عقباها.
ما أستطيع قوله إننا فى مصر ماضون – وبقوة فى اتجاه التطرف والتطرف المضاد، وهذا أمر حذرت منه فى أولى مقالاتى على صفحات هذه الجريدة عقب قيام الثورة، فالمجتمع يسير فى اتجاهين لا ثالث لهما: إما التطرف الدينى أو التطرف فى الانحلال والتردى فى القيم، نعم... يستطيع أى مواطن أن يشاهد بأم عينيه هذه الحقيقة، فالشارع يتشرنق، وبدأ يتشكل فيه من نوعين من البشر، نوع يغرق فى السواد الحالك، ونوع يغرق فى العرى المخجل، ففى نفس المكان ترى المنقبة وترى شديدة التبرج، وبدأت الصورة الوسطى للمرأة المسلمة فى الاختفاء شيئاً فشيئاً... فإلى أى مصير نحن منساقون؟!
ما نبتغيه هو الوسطية فى كل شىء، فى أقوالنا وأفعالنا وانفعالاتنا وملبسنا، ألسنا أمة وسطاً كما وصفنا المولى عز وجل فى كتابه الكريم؟ نحن لسنا بحاجة لأن نحاكى تجارب ونسعى لنقلها وتطبيقها حرفياً على مجتمعنا، فلكل مجتمع قسماته الفريدة. فمصر بها المسلم والمسيحى، بها الغنى والفقير، بها المتعلم وغير المتعلم، لقد كانت مصر على مدى التاريخ الإسلامى مثال الوسطية والاعتدال، ولهذا كانت المساهم الأكبر فى نشر تعاليم الإسلام السمحة للعالم أجمع... هل يستطيع أحد أن يجادل فى هذه الحقيقة؟
إذاً كلمة السر فى كل ما نقول هو "الأزهر"...نعم... لابد وأن يعود الأزهر إلى سابق عهده، ليواصل رحلة تقديم الإسلام الوسطى والسمح، وإلا فسيزداد انقسام المجتمع واشتعال الفتنة فيه، وأنا كمواطن أعتقد أن الأزهر فى سبيله لأن يعود كما كان، ومبادرة الأزهر الأخيرة هى خير برهان.
لا أختلف كمواطن مصرى مسلم على أهمية نشر فضيلة الأمر بالمعروف، ولكن من خلال الدولة، وبطريقة متحضرة تحفظ كرامة الإنسان، وتحضه على ممارسة الشعائر بحب وسكينة.
إذاً الكرة الآن فى ملعب الأزهر...كلنا كمصريين ننظر للأزهر بطموح كبير، فما قويت الجماعات – ومع احترامنا الكامل لها – إلا نتيجة ضعف الأزهر...على كافة القائمين على شأن الأزهر إعداد العدة وترتيب الخطط والبرامج لدعم مصر فى الانتقال إلى عهد جديد، ولكن من خلال رؤية وسطية، تعكس سماحة ورقى ديننا العظيم... وفى نفس الوقت ينقذنا من فتنة التطرف والتطرف المضاد، والله الموفق.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة