مع قرب حلول الذكرى الأولى لثورة 25 يناير المجيدة التى نادت بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتحرر الشعب المصرى من دولة الاستبداد والفساد السياسى لمبارك وأعوانه ورغم وجود بعض التحديات التى تواجهها مصر ما بعد الثورة ووجود جهات داخلية مازالت مرتبطة بالنظام السابق وجهات خارجية أخرى تعمل على عدم نهضة مصر ونجاح ثورتها، إلا أننا متفائلون بمستقبل مصروتقدمها فى أسرع وقت وانطلاق الاقتصاد المصرى الذى يمتلك الكثير من مقومات النمو والازدهار، فمصر قادرة على أن تستعيد مكانتها الإقليمية والدولية بما فيها من كفاءات ومقومات تسطيع أن تحقق طموحات الشعب المصرى وآماله.
وتتجه الحكومة الحالية برئاسة د.الجنزورى إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات الإيجابية الفاعلة والقرارات الإصلاحية فى تحسين الأوضاع الاقتصادية والأمنية فى فترة وجيزة للغاية بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية التى هى من المطالب الأساسية لثورة 25 يناير.
وبدأالمواطن العادى يشعر باستعادة الأمن فى الشارع المصرى تدريجياً، فهناك تحسن كبير فى الوضع الأمنى منذ تعيين وزير الداخلية الجديد اللواء محمد إبراهيم، الذى شدد منذ توليه على استمرار الحملات الأمنية المكثفة على كافة البؤر الإجرامية، واستهداف التشكيلات العصابية التى تروع المواطنين، ولإثبات قدرة أجهزة الشرطة على إعادة الأمن لربوع البلاد والعبور بمصر إلى بر الأمان، وكذلك تفعيل الأداء فى مجال تنفيذ الأحكام القضائية وضبط المحكوم عليهم الهاربين تحقيقاً للعدالة وسيادة القانون، فكل هذه الإجراءات الإيجابية ساهمت فى تهيئة المناخ الآمن للتنمية وتحريك عجلة الإنتاج من جديد، وجذب المزيد من الاستثمارات العربية والأجنبية وتشجيعها دون إهدار حق الدولة فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد، وكذلك ما كشفت عنه المؤشرات الاقتصادية أخيرا من تحسن أداء السياحة والاستثمارات والصادرات لارتباطهما الوثيق بعودة الأمن والاستقرار، بدليل زيادة استثمارات قطاع البترول بنسبة تقارب 9%، وارتفاع الصادرات فى عام الثورة2011 بنسبة تقترب من 20%، من ثم فلم يعد ثمة مجال للتشكيك أو المزايدة على مكانة مصر.
ونجاح الانتخابات البرلمانية وضعنا أيضاعلى بداية الطريق الصحيح نحو تحقيق الديمقراطية، ولعل ما يميز هذه الانتخابات أنها أول انتخابات ديمقراطية حقيقية منذ 60 عاما، أثبت الشعب المصرى من خلالها أنه مصمم على ممارسة الديمقراطية، وأنها هى السبيل الوحيد للنهوض بمصر والانتقال بها إلى مرحلة الاستقرار والبناء والتنمية، بعد أن شعرالمواطن المصرى أن صوته الانتخابى له قيمة وأنه قادر على التغيير والتعبير عن رأيه فى اختيار من يمثله فى البرلمان المصرى الذى سيضع دستورا جديدا للبلاد يحفظ فيه حق المواطن المصرى وكرامته، ومعبراً عن شعب مصر بكل فئاته وطبقاته وطوائفه وانتماءاته السياسية وسيكون اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية التى ستتولى صياغة الدستور الجديد بالتوافق بين مختلف الأحزاب والقوى السياسية والشخصيات العامة والنقابات المهنية وكافة مؤسسات المجتمع المدنى.
وكذلك جاءت وثيقة الأزهر وسط حالة من الاستقطاب التى سادت الوضع السياسى فى مصر بعد ثورة يناير لتضع لنا صيغة توافقية فى ضوء الرؤية الوسطية التى مثلتها، والتى جعلت الكثيرين يعتبرونها بمثابة البوصلة التى تقود مصر نحو العبور الآمن فى مسيرتها نحو المستقبل والتى اتفقت عليها كل القوى السياسية والدينية فى مصر، حيث تؤكد الوثيقة على تحقيق الهوية المصرية وضمان الحقوق والحريات، والتأكيد على مبدأ المواطنة كأساس للمساواة بين المصريين جميعا بدون أى تفرقة وأن الجميع أكد على ضرورة نبذ أى خلافات هامشية وأهمية الالتفاف حول الوثيقة لتكون استرشادية عند وضع الدستور الجديد وتعيد هذه الوثيقة للأزهرالشريف دوره الأساسى المفقود الذى لعبه على مدى عقود طويلة.
إذن المبادئ التى كرستها ثورة 25 يناير ستخلق مناخا سياسيا واجتماعيا جديدا يقود إلى مستقبل أفضل للأجيال القادمة ليشهد رخاء اقتصاديا ينعم فيه المواطن بالعدالة الاجتماعية.
لذلك لايستطيع أحد أن ينكر فضل ثورة 25 يناير على مصر وشعبها غيرالمغيبون ويعتبر ذلك إجحافاً وظلما بينّا لحق الشهداء ومصابى الثورة ولحق كل من شارك فيها، ولكى نكمل مسيرتنا نحو الاتجاه الصحيح علينا ألا ننسى حق الشهداء ودمائهم وضرورة القصاص العادل من قتلة المتظاهرين وينال الفاسدون عقابهم.
محمود عبد الله الباز يكتب: مصر تسير فى الاتجاه الصحيح
الأربعاء، 18 يناير 2012 12:44 ص
ثوار يناير