فى زمن ما قبل 25 يناير 2011م، كانت تظهر مسألة يتم النقاش حولها، ولم يكن لها فى الحقيقة محل من الإعراب! هى مسألة (حزب الحكومة أم حكومة الحزب).
وكان الواقع الذى يفهمه الجميع ويعيه تماما أنه لا فرق بين الاثنين بعد أن حدث التماهى بين الحزب والحكومة، وقد كانت الحكومة فى خدمة الحزب وأعضائه (خدمة العبد للسيد)!
والآن أصبحنا فى مجال الإعلام نردد بشكل دائم: حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، أو المنبثق عن الجماعة، إذًا فهو حتى الآن حزب الجماعة، لا أعترض على ذلك ما دام الحزب ناشئا، بل ويجب على الأب القادر أن يساعد ابنه حتى يقف على قدميه.
أما وقد بدأنا مسألة الأذرع فالأمر يحتاج إلى فصل وتفصيل.. لا بد أن يتم الفصل بين الحزب والجماعة، ولا أعلم هل يمكن تحقيق ذلك أم لا، ولا بد أن يتم تفصيل الأمر، فلا يعتقد أحد أن هناك ذراعا سياسية وأخرى عسكرية، بل ذراع سياسية وأخرى دعوية.
إن مدرسة الإخوان الدعوية التربوية نجحت فى تربية أجيال يفهمون الدين فهما صحيحا، ونرجو لها ألا تنشغل بالسياسة عن الدعوة والتربية، لهذا يجب الفصل بين الحزب والجماعة، ولتعد الأخيرة إلى الجمعيات المشهرة، رغم أن القضاء منذ عشرات السنين لم يفصل فى قضية حلها، ولتعلن عن مصادر تمويلها، والحزب كذلك لا ريب، إعلاء لدولة القانون أولا، ودرءًا للشبهات ثانيا.. وهذه رسالتى للجماعة، التى يجب أن تحرص على أن يظل الأزهر الشريف مرجعية للجميع.
أما حزب الحرية والعدالة فما حققتموه هو حصاد خبرة الجماعة فى سنين عمرها التى هى من عمر الرئيس السابق مبارك، فقد ولدت الجماعة فى عام ميلاده، هى مارس وهو مايو عام 1928م)، وكان عمر المؤسس (حسن البنا) 22 عاما، وفى هذا دلالة لا تخفى على أحد.
إن الامتحان الحقيقى لم يبدأ بعد، وإنى أخاف عليكم "يوم حنين"، وأرجو الله ألا تقعوا فريسة العجب بالذات، فلقد وقع فيها من هم خير منكم، صحابة رسول الله وبينهم الرحمة المهداة، والصديق ـ رضى الله عنه، فكيف بكم؟!
ولتتذكروا جيدا قول الإمام حسن البنا: "كم منا وليس فينا، وكم فينا وليس منا"، إنكم لستم معصومين، ولستم أكبر من النقد ولا أعلى، بل وسيلتف حولكم فى هذه الفترة المنافقون، وربما يصلون للعب دور ما، فلا تترددوا فى كشف نفاقهم، وكشف من بدّل نيته منكم، ولا تترددوا كذلك فى مد أيديكم للجميع، ما دام ينطلق من أرضية وطنية تبحث عن مصلحة مصر وتخاف عليها، وليظل الشعب يريد، فبإرادته يتحقق المزيد، فمصر الأم أخشى ما أخشاه عليها ألا يجتمع أبناؤها إلا فى عزائها!
هذه رسالتى إليكم، أختمها بأن أقول للجميع: لا تتوقعوا أننا نتعامل مع ملائكة دائما مصيبون، بل بشر يخطئون.
ورحم الله الشيخ الغزالى إذ يقول: "اِسألِ اللهَ أنْ يُقوى ظهرَك، ولا تسأل اللهَ أنْ يُخففَ حِمْلَك؛ فإنّ خِفّة الحِمْل مِن شِيَمِ الصِّغار".
حفظ الله مصر وألهمنا جميعا الصواب والرشاد، وهدانا إلى سواء السبيل.
حازم البهواشى يكتب: رسالة إلى الإخوان.. الحزب والجماعة
الأربعاء، 18 يناير 2012 01:29 م