أصدرت المحكمة الدستورية العليا فى جلستها اليوم الأربعاء، برئاسة المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة، قراراً بأن عدداً من مواد القانون 174 لسنة 2005 بشأن تنظيم الانتخابات الرئاسية غير مطابق لأحكام الإعلان الدستورى، الصادر فى الثلاثين من مارس عام 2011.
جاء قرار المحكمة بهذا الشأن لتقرير مدى مطابقة أحكام مشروع المرسوم بقانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 174 لسنة 2005، بتنظيم الانتخابات الرئاسية لنصوص الإعلان الدستورى.
وذكرت المحكمة الدستورية العليا فى جلستها اليوم برئاسة المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة، فى قرارها، إن اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالرقابة السابقة على مشروع المرسوم بقانون المعروض يجد سنده فى نص المادة (28) من الإعلان الدستورى الصادر فى الثلاثين من مارس سنة 2011، وهذه الرقابة وإن كانت تقف عند حد التأكد من مطابقة نصوص المرسوم المعروض لأحكام الإعلان الدستورى المشار إليه، باعتباره الوثيقة الدستورية التى تحكم البلاد بعد تعطيل العمل بأحكام الدستور الصادر عام 1971، إلا أن هذه الرقابة كان من الممكن أن تكون أكثر فاعلية لو وردت على مشروع مرسوم بقانون يعيد تنظيم الانتخابات الرئاسية برمتها فى ضوء الأحكام التى انتظمها الإعلان بما فيها نص المادة (28) منه، يؤكد ذلك أن المرسوم بقانون المعروض حين عالج الأمر على نحو جزئى شابته مثالى عدة تجتزئ المحكمة، منها ما نصت عليه المادة (10) من القانون رقم 174 لسنة 2005 المشار إليه من أن "يحدد ميعاد بدء إجراءات انتخابات رئيس الجمهورية ويوم الانتخاب ويوم الإعادة بقرار من لجنة الانتخابات الرئاسية، وذلك بمراعاة المواعيد المنصوص عليها فى الدستور".
وأوضحت أن الدستور المشار إليه فى هذه المادة هو الدستور الصادر عام 1971 الذى عطل العمل بأحكامه، وكان يقتضى الأمر تعديل هذه المادة على نحو مغاير أو إلغاء عبارة (وذلك بمراعاة المواعيد المنصوص عليها فى الدستور) منها.
وقالت المحكمة إنه بالبناء على ما تقدم، فإن هذه المحكمة تؤكد على ما سبق أن قررته من ضوابط لممارسة رقابتها السابقة على دستورية مشروع قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية، وما يخرج عن اختصاصها السابق تحديده فى دستور عام 1971 وردده الإعلان الدستورى الصادر فى الثلاثين من مارس عام 2011، والذى يتمثل فى مراجعة الصياغة القانونية للمشروع، والنظر فى أى تناقض بين نصوص المشروع بعضها البعض، أو تعارضها مع أية نصوص قانونية أخرى ما لم يرق هذا التناقض إلى مخالفة دستورية، وتقرير مدى ملائمة بعض الأحكام التى حواها المشروع باعتبار أن ذلك الأمر يدخل فى نطاق السلطة التقديرية للمشرع.
وذكرت المحكمة أنه فى ضوء ما تقدم فقد استبان للمحكمة أن المادة (5) المستبدلة بالمادة الأولى من المشروع، تضمنت تشكيل لجنة الانتخابات الرئاسية، وعقدت رئاستها لرئيس المحكمة الدستورية العليا، وعضوية كل من: رئيس محكمة استئناف القاهرة، وأقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا، وأقدم نواب رئيس محكمة النقض، وأقدم نواب رئيس مجلس الدولة، ونصت على أنه فى حالة وجود مانع لدى رئيس اللجنة يحل محله من يليه فى تشكيلها، والتالى فى تشكيل اللجنة بعد رئيسها رئيس محكمة استئناف القاهرة، والنص على هذا النحو يخالف نص المادة (28) من الإعلان الدستورى الصادر فى الثلاثين من مارس عام 2011، والذى أفصح عن أن رئاسة اللجنة المشار إليها منوطة برئيس المحكمة الدستورية العليا بصفته هذه، للاعتبارات التى قدرها، وترتيبا على ذلك فإن صفة رئيس المحكمة الدستورية العليا - عند وجود مانع لديه - تنتقل إلى الأقدم من نوابه، فيحل محله طبقا لنص المادة (3) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.
وأشارت إلى أنه يؤيد ذلك أن المحكمة الدستورية العليا طبقا للمادة (49) من الإعلان الدستورى هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، والنص المعروض يحجب من يتولى رئاسة المحكمة الدستورية العليا (الأقدم من أعضائها) عن رئاسة اللجنة بما يخالف نص المادتين (28 و 49) من الإعلان الدستورى، ومن ثم يتعين تعديل هذا النص على نحو يسمح بأن تؤول رئاسة اللجنة إلى أقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا الذى هو عضو فى اللجنة ذاتها على أن يضم إلى عضوية اللجنة - حال قيام المانع - أقدم نواب رئيس المحكمة بعد نائبها الأول.
وأضافت أنه من ناحية أخرى فقد نصت المادة ذاتها فى فقرتها الأخيرة على أن (وتنعقد اللجنة فور العمل بهذا القانون لوضع القواعد اللازمة لإجراءات الترشيح والانتخابات).
ويتعين تفسير هذه العبارة على نحو لا يعطى اللجنة المذكورة الحق فى إضافة أية قواعد جديدة تخالف الأحكام المنصوص عليها فى الإعلان الدستورى.
وذكرت المحكمة الدستورية العليا أن المادة (11) المستبدلة بالمادة الأولى من المشروع المعروض الإجراءات المتعلقة بإثبات حصول طالب الترشيح لرئاسة الجمهورية على النصاب الذى حددته المادة (27) من الإعلان الدستورى الصادر فى الثلاثين من مارس سنة 2011، سواء ما كان متعلقا بتأييد أعضاء مجلسى الشعب والشورى أو من المواطنين ممن لهم حق الانتخاب، ونصت على أن يكون تأييد الطائفة الأخيرة، وهم المواطنون على النموذج الذى تعده لجنة الانتخابات الرئاسية، ويلتزم المؤيد بالتوقيع على هذا النموذج بما تضمنه من بيانات، وأن يثبت صحة هذا التوقيع، بغير رسوم، بمعرفة أحد مكاتب التوثيق بمصلحة الشهر العقارى والتوثيق وفقا للضوابط التى يصدر بشأنها قرار من وزير العدل.
وأشارت إلى أنه إذ ناط هذا النص بوزير العدل - وهو أحد أعضاء السلطة التنفيذية - إصدار قرار بالضوابط التى تتبعها مكاتب التوثيق لدى إثباتها صحة توقيعات المؤيدين للمرشح من الناخبين، فإنه يكون بذلك قد خالف حكم المادة (28) من الإعلان الدستورى الذى خص لجنة الانتخابات الرئاسية بمهمة الإشراف على هذه الانتخابات بجميع مراحلها بدءاً من الترشح وحتى إعلان النتيجة، وبدهى أن الإجراءات المتعلقة بضوابط إثبات صحة توقيع المؤيدين للمرشح تعد جزءاً من إجراءات الترشح مما يدخل فى اختصاص اللجنة المذكورة، الأمر الذى يتعين معه النص على أيلولة الاختصاص بوضع ضوابط صحة توقيع المؤيدين إلى لجنة الانتخابات الرئاسية شريطة ألا تخالف هذه الضوابط أيا من أحكام الإعلان الدستورى.
وأضحت أن المادة (13) تنص المستبدلة بالمادة الأولى من المشروع فى فقرتها الثانية على أن (ويجب أن يرفق بالطلب المستندات التى تحددها اللجنة، وعلى الأخص: النماذج الخاصة بتأييد طالب الترشح أو مستخرج رسمى منها)، ويتعين تفسير عبارة (المستندات التى تحددها اللجنة) على نحو لا يعطيها الحق فى إضافة شروط جديدة للشروط الواردة بنص المادتين (26) من الإعلان الدستورى الصادر فى الثلاثين من مارس سنة 2011، و(1) من القانون رقم 174 لسنة 2005، والتى أضيفت إليها فقرة ثانية بالمادة الثانية من مشروع المرسوم بقانون المعروض.
وذكرت المحكمة الدستورية أن المادة (13) فى فقرتها الثانية مستبدلة بالمادة الأولى من المشروع المعروض إلى بعض المستندات التى يجب أن ترفق بطلب الترشيح، ومنها ما ورد بالبند رقم (3) الخاص بإقرار طالب الترشيح بأنه مصرى من أبوين مصريين، وبأنه أو أى من والديه لم يحمل جنسية أخرى. والنص على هذا النحو يتفق وحكم المادة (26) من الإعلان الدستورى الذى اشترط فيمن ينتخب رئيسا للجمهورية أن يكون مصريا من أبوين مصريين، وأن يكون متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية، وألا يكون قد حمل أو أى من والديه جنسية دولة أخرى. فى حين أن نص المادة (1) فقرة ثانية الواردة بالمشروع المعروض نص على أنه (يشترط فيمن ينتخب رئيسا للجمهورية أن يكون مصرى الجنسية من أبوين مصريين، وأن يكون متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية، وألا يكون قد حصل هو أى أى من والديه على جنسية دولة أخرى..) والنص الأخير استبدل كلمة (حصل) بكلمة (حمل) المرددة فى المادة (26) من الإعلان الدستورى، والبند رقم (3) من الفقرة الثانية من المادة (13) من المشروع المعروض ذاته.
وأضافت المحكمة أنه لذا يلزم توحيد المصطلح بحيث يعبر بكلمة (حمل) بدلا من (حصل) كى تتفق ونصوص الإعلان الدستورى من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن كلمة (حصل) تعنى أن الجنسية كانت بالاكتساب فى حين أن كلمة (حمل) أشمل وأعم إذ تعنى أن الجنسية تم حملها إما أصليا بواقعة الميلاد مثلا أو بالاكتساب.
وقالت المحكمة إن المادة (30) المستبدلة بالمادة الأولى من المشروع المعروض نصت على أن يجرى الاقتراع فى يوم واحد، وأجازت عند الضرورة إجراء الاقتراع على يومين متتاليين، وفى بيان كيفية إدلاء الناخب بصوته فى محافظة غير المحافظة المقيد اسمه فى قاعدة بيانات الناخبين بها، أجازت المادة (33) من القانون مستبدلة بالمادة الأولى من المشروع المعروض أن يدلى ذلك الناخب بصوته أمام أية لجنة من لجان اقتراع بالجهة التى يوجد بها، وأن يثبت اسمه ورقم بطاقة الرقم القومى فى كشف مستقل يخصص للوافدين، على أن يقوم بالتوقيع بخطه أو ببصمة إبهامه قرين اسمه، وغرض إصبعه فى مداد غير قابل للإزالة قبل أربع وعشرين ساعة على الأقل، وإذ أجاز المشروع المعروض إجراء الاقتراع على يومين، وهو ما يجاوز مدة بقاء المداد المذكور، فإن الأمر يقتضى تعديل النص بتخويل لجنة الانتخابات الرئاسية - عند تقرير إجراء الاقتراع على يومين - وضع الوسيلة المناسبة، كى لا يستطيع الناخب أن يدلى بصوته أكثر من مرة لمرشح واحد تحقيقا للقاعدة الدستورية المرتبطة بحق الانتخاب، وهى أن يكون للناخب الواحد صوت واحد.
وقالت المحكمة إن المادة الثالثة من المشروع المعروض نصت على إلغاء بعض مواد القانون رقم 174 لسنة 2005، وورد من بينها نص المادة (18) من ذلك القانون، والتى تنظم حالة خلو مكان أحد المرشحين لأى سبب غير التنازل عن الترشيح، وإلغاء هذا النص على إطلاقه يشوبه عدم الدستورية، إذ قد يخلو مكان مرشح أحد الأحزاب بسبب قوة قاهرة كالوفاة مثلا، ففى هذه الحالة يحرم ذلك الحزب - وقد يكون ممثلا لأغلبية شعبية - من ترشيح آخر لسبب لا دخل له فيه، الأمر الذى يتصادم وحكم المواد (1 و 3 و 27) من الإعلان الدستورى التى تنص أولاهما على أن جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطى يقوم على أساس المواطنة، وتقرر ثانيهما أن السيادة للشعب وأنه وحده مصدر السلطات، وتقضى ثالثتهما بأحقية الحزب كشخص اعتبارى فى ترشيح أحد أعضائه لرئاسة الجمهورية.
وأوضحت أنه غنى عن الإشارة أن يقتص نص المادة الرابعة من المشروع على نشر المرسوم بقانون فى الجريدة الرسمية والعمل به اعتباراً من اليوم التالى لنشره، مع حذف عبارة (بعد عرضه على المحكمة الدستورية..) وإضافة عبارة تفيد عرض المشروع بقانون على المحكمة الدستورية العليا فى ديباجته.
وانتهت المحكمة الدستورية إلى أن المواد (5 و11 و33) المستبدلة بالمادة الأولى من المشروع المعروض، والمادة الثالثة فيما تضمنته من إلغاء المادة (18) من القانون رقم 174 لسنة 2005 بتنظيم الانتخابات الرئاسية، غير مطابقة لأحكام الإعلان الدستورى الصادر فى الثلاثين من مارس سنة 2011، وذلك على النحو الوارد بالأسباب.
"الدستورية": نصوص قانون انتخابات الرئاسة مخالفة للإعلان الدستورى
الأربعاء، 18 يناير 2012 12:46 م