أكدت عدد من وسائل الإعلام الإسرائيلية، فى تقارير منفصلة، اليوم الأربعاء، أن كلاً من جماعة الإخوان، التى فازت بغالبية مقاعد برلمان ما بعد ثورة 25 يناير، والإدارة الأمريكية يحتاج الآخر، مشيرة إلى أن الجماعة تضم كوادر سياسية واقتصادية بإمكانها إدارة مصر بعد انتهاء المرحلة الانتقالية، وتسليم المجلس العسكرى السلطة للمدنيين.
وبحسب ما ذكره الكاتب الإسرائيلى، تسيبى بارئيل، فى تقرير بصحيفة "هاآرتس"، فإن خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان، يعد من الكوادر الاقتصادية البارزة، وفى حال توليه مهام أى من حقائب المجموعة الاقتصادية الوزارية، سيكون وزيراً "ممتاز"، مشيراً إلى أن "الشاطر" شيد البنية الاقتصادية والتنظيمية للجماعة، رغم كافة محاولات نظام مبارك للنيل من الجماعة.
وقال بارئيل، فى تقريره، "الجماعة لديها اقتصادها الخاص، وهى فى حاجة إلى 10 مليارات دولار فى المدى القصير كى يحدثوا انعطافة اقتصادية تهدئ الشارع". وتابع، "10 مليارات دولار هو مبلغ هائل لدولة غارقة فى ديون رهيبة، وليس لديها دخل من السياحة، والمستثمرون الأجانب تجاوزوها هذه السنة".
ولفت بارئيل، فى تقريره، إلى أن محمد مرسى، رئيس حزب الحرية والعدالة ـ الجناح السياسية لجماعة الإخوان المسلمين ـ بحث خلال اجتماعه بنائب وزير الخارجية الأمريكية، الذى أنهى مؤخراً زيارة إلى القاهرة، سبل دعم الاقتصاد المصرى، وأعرب عن أمله فى استمرار تقديم الولايات المتحدة المساعدات المالية لمصر، والتى كانت تقدمها فى عهد مبارك.
وأوضح بارئيل أن مرسى يعرف جيداً شروط استمرار تلقى المساعدة، وهى التعهد بمواصلة تنفيذ اتفاقية كامب ديفيد للسلام الموقعة بين مصر وإسرائيل، والحرص على حقوق الإنسان، خاصة حقوق الأقلية القبطية.
وأضاف، "العلاقة بين الإخوان المسلمين والولايات المتحدة أخذت بالتعزز، ومن اتصالات سرية جرت فى عهد مبارك، انتقل الإخوان الآن إلى اتصالات علنية مع ممثلى الإدارة الأمريكية". وتابع، "آخر تلك الاتصالات العلنية كان لقاء الأسبوع الماضى بين نائب وزيرة الخارجية وليم بيرنز مع محمد مرسى، رئيس حزب "الحرية والعدالة" الذراع السياسية للحركة.
وأوضح المحلل الإسرائيلى الكبير، أن اللقاء بادرت إليه وزارة الخارجية الأمريكية، التى تعترف منذ الآن بأن الحكومة القادمة فى مصر ستتشكل من الإخوان المسلمين، وبالتالى لا تجد أى داعٍ لتأجيل لقاءات العمل بينهما. وكشف بارئيل أنه بين واشنطن والإخوان المسلمين يوجد تفاهم بأن دون مساعدات اقتصادية ودون إعادة بناء الاقتصاد المصرى، فإن فوزهم السياسى سيكون عديم المعنى. وأضاف "الإخوان لديهم مال كثير كسبوه من استثمارات حكيمة فى دول الخليج وفى أوروبا".
واستطرد بارئيل، "ملف حقوق الإنسان، والتعهد بالحفاظ عليها لا يشكل صعوبة بالنسبة للإخوان المسلمين، فهذا جزء من برنامجهم، كما أنهم يجتهدون لأن يبعدوا أنفسهم عن مواقف الحركة السلفية التى فازت هى الأخرى بنصيب كبير نحو 25% فى الانتخابات". وأشار إلى أن مرسى نشر فى حسابه على موقع "تويتر" عبارة كتب فيها، "لا بديل عن الاتفاق بين كل القوى السياسية، إذا كان الهدف هو تحقيق الأمن والتغيير الذى بحث عنه الشارع فى ثورة 25 يناير". وقال إن مثل هذا الاتفاق سيستوجب تنازلات أيديولوجية، ليس فقط من جانب الإخوان بل أيضا من جانب الليبراليين، الذين يتعين عليهم أن يبتلعوا مثلا قوانين تتعلق بالتعليم الدينى، كى يتمكنوا من تحقيق قوانين صحفية أكثر ليبرالية.
وفيما يتعلق بموقف مصر ما بعد 25 يناير، من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتى كانت العلاقات بينها وبين نظام مبارك فاترة، أوضح بارئيل أن إيران هى مسألة موضع خلاف فى أوساط الإخوان المسلمين، مشيراً إلى أنه قبل سنتين نشب جدال عنيد بين قادة الحركة فى مسألة صلاحية إسلام التيار الشيعى، وأن مرشد عام الجماعة السابق مهدى عاكف، امتنع عن الحسم وقضى فقط بأن كل من يعرب عن موقفه فى هذا الموضوع لا يعبر عن موقف الحركة.
وأضاف بارئيل قائلا، خلال مقاله، "إن العلاقات بين الإخوان وإيران ليست فقط مسألة دينية، بل هى أساسا مسألة سياسية، فمن جهة إيران أيدت حماس، سليلة الإخوان المسلمين، بينما مصر فى عهد مبارك رأت فى حماس وفى الإخوان المسلمين نباتا ضارا وتهديدا على أمنها، بالمقابل، فإن هذه هى إيران نفسها التى تمول حزب الله، الذى حاول إقامة قاعدة نشاط فى مصر، وقف الإخوان المسلمون ضده أيضا".
وقال بارئيل، إن الأهم من هذا أن إيران تدعم سوريا التى تذبح مواطنيها، بينما تتخذ جماعة الإخوان موقفا حازما من الرئيس السورى بشار الأسد، فهو ـ من وجهة نظر الجماعة ـ مجرم، ليس أقل من أبيه فى نظرهم، لأنه ذبح عشرات الآلاف من الإخوان المسلمين. ونقل بارئيل مقولة سابقة ساخرة لجمال حشمت، أحد أهم السياسيين فى الجماعة، "نعم الأسد هو مقاتل، لأنه لم يحرك قطعة سلاح واحدة ضد العدو الصهيونى، بل فقط ضد شعبه البائس". مضيفا أن الأسد فى نظر الإخوان، هو صيغة إجرامية لـ"مبارك"، وبالتالى فإن إيران جديرة بالتنديد من الإخوان.
واستطرد، "هناك سبب عملى آخر على أن إيران لن تكون فى الزمن القريب القادم حليفة الحكومة المصرية بقيادة الإخوان، وذلك لأن السعودية وعدت مصر بأربعة مليارات دولار، وبالتالى فإن المملكة السعودية لن تعطى مالاً لحكومة تعقد حلفاً مع إيران".
وتابع المحلل الإسرائيلى، "الولايات المتحدة ستكون مطالبة بأن توصى صندوق النقد الدولى بمنح الحكومة المصرية قرضاً بمبلغ 3 مليارات دولار، وأنه فى الأسبوع الماضى أعلن الإخوان أنهم لم يعودوا يعارضون، خلافاً لموقفهم السابق، طلب القرض من صندوق النقد، شريطة أن يستنفدوا بداية كل الإمكانيات الأخرى وألا يكون ضرر بالمصالح الوطنية لمصر".
وأنهى برائيل مقاله قائلا، "يتبقى موضوع واحد آخر، وهو اتفاقية كامب ديفيد، فقد أكد عصام العريان، نائب رئيس حزب العدالة والحرية، فى مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن هذا التعهد هو تعهد الحكومة وليس الحركة أو التيار، ولهذا فإن الحركة ترى نفسها ملتزمة بالاتفاقات".
وأشار بارئيل إلى أن الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر، الذى زار مصر الأسبوع الماضى والتقى قيادات الإخوان، سمع أموراً مشابهة عن تعهد الجماعة بالسلام مع إسرائيل، وأن الناطق بلسان وزارة الخارجية، فيكتوريا نولند، تحدث صراحة عن ذلك بأن الإدارة تلقت تعهداً بالتمسك بهذه الاتفاقات.
من جهة أخرى، أوضح تقرير للقناة الثانية بالتليفزيون الإسرائيلى وصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أن فوز الجماعة بقرابة 45% من الأصوات فى انتخابات مجلس الشعب، دعاها تزهو بنفسها وتحتفل فى كل أنحاء مصر بانتصاراتها فى الانتخابات، مشيرة إلى أن هذا الفوز يعبر عن الانعطافة المركزية التى طرأت على الثورة فى مصر.
وأضافت التقارير الإعلامية الإسرائيلية، أنه من ناحية الجماعة فإن الانعطافة بدأت منذ فبراير الماضى، عندما تنحى الرئيس السابق حسنى مبارك عن الحكم، وكفت الصحف القومية التابعة للحكومة عن تسميتهم بـ"الحركة المحظورة"، واستمرت عندما أصبح بناء الحزب الجديد موقع زيارات لزعماء ومسئولين كبار من الدول الغربية.
الإعلام الإسرائيلى: علاقة "واشنطن" و"الإخوان" حتمية.. ولا قيمة لفوز "الجماعة" سياسياً دون إصلاح الاقتصاد.. وكاتب بـ"هاآرتس" يؤكد: "الشاطر" سيكون وزيراً "ممتازا" فى حال توليه أياً من الحقائب الاقتصادية
الأربعاء، 18 يناير 2012 02:51 م