«متى ينتقل مبارك لمستشفى السجن؟!»

عندما كتبت فى هذه الزاوية، سطوراً بعنوان «عيون زكريا وسرور والعادلى» فى إشارة للطريقة «المتحضرة»، التى تعاملت بها السجون مع حالات مرضية للمسؤولين السابقين، فهِم البعض- على سبيل الخطأ- أننى أسخر أو أطلب من السجون أن تتعامل مع هؤلاء كما تتعامل مع الكافة، بينما الحقيقة أنى كنت أطلب العكس، بأن يعامل الكافة بذات الدرجة من الاهتمام والتساهل، التى يتم بها التعامل مع رجال النظام السابق– وتحديداً– الحق فى العلاج، والنقل للمستشفيات الخاصة، لإجراء العمليات والفحوص وخلافه..

مئات الاتصالات، وصلتنى من أسر سجناء مرضى بالسرطان، والقلب، والفشل الكلوى، تروى قصصاً مأساوية، وتطالب بالمساواة والحق لذويهم فى معاملة إنسانية.

وهذا ما يحملنى على أن أفتح هذا الملف الذى عايشته لسنوات ومرات سجنى الطويلة، ليس بفقه ومنطق التشدد مع الجميع، ولا أيضاً الترخص والتساهل مع البعض دون الآخر، لكن بمنطق ضرورة تعديل الوضع التشريعى واللائحى بما يوفر الكرامة الإنسانية للكافة– دون استثناء– ويفتح أبواب التقدير والموازنة لجهات التنفيذ.

.. ولعل ما أعلنت عنه وزارة الداخلية، والنيابة العامة، مراراً وتكراراً، بشأن استحالة نقل الرئيس السابق لمستشفى يتبع السجون، لأن مستشفيات السجون لا تفى بما يحتاجه من رعاية صحية!! يحملنا للسؤال المنطقى: كيف، ولماذا يعالج آلاف المرضى من السجناء فى هذه المستشفيات دون غيرها ومعظمهم فى حالات أسوأ وبعضهم تتجاوز سنه سن مبارك؟!
.. استغربت هذه التصريحات، التى نقلت عن أشخاص ومسؤولين كانوا هم أنفسهم الذين يؤكدون– فى حالتى– أننى أقيم بمستشفى سجن مزرعة طرة، ويصفونه بأنه «ذو الخمسة نجوم» وبه كل أوجه الرعاية الصحية اللازمة لأخطر الحالات الحرجة، وإذا بهم يفقدون الذاكرة، ويقولون العكس، عن نفس المستشفى الآن، وبعد تأهيله وتطويره!!

.. استغربت أكثر، أنه بعد شهور طويلة، من احتجاز مبارك، على ذمة التحقيقات، وعلى ذمة المحاكمة، مازالت «الدولة» غير قادرة على تأهيل مستشفى من مستشفيات السجون ليناسب حالة مبارك!!

.. تُرى كم من الوقت والمال تحتاجه «دولة» لتأهيل مستشفى من مستشفيات السجون بغرفة عناية مركزة؟! ألا تكفى نفقات إقامة مبارك فى المركز الطبى العالمى فى شهر واحد لتأسيس وتأهيل عشرات من غرف العناية المركزة، فى مستشفيات السجون، بما كان يسمح لحالات أسوأ من حالة مبارك وأكثر احتياجاً لمثل هذه الرعاية، بالاستفادة من هذا المستوى المطلوب من الرعاية الطبية التى يتمتع بها مبارك دون غيره؟!!

إذا كانت مستشفيات السجون، لا تفى باشتراطات علاج الحالات شبه الحرجة، والحرجة، كما قالت التصريحات، فكارثة ألا تتم معالجة هذا الخلل حتى الآن، وإذا كانت التصريحات كاذبة، فنحن أمام كارثة أخرى!!

ليس هدفى– الآن – هو إيداع مبارك فى مستشفى السجن، لكن هدفى هو المساواة بين مبارك وغيره، وأن يستفيد الجميع مما يستفيد به البعض دون تفرقة..

مات أمامى عشرات من السجناء، بفعل غياب الرعاية الحقيقية، ومازال– يومياً– يفقد البعض حياته، بفعل هذا الخلل، الذى لابد أن يعالج بتشريع جديد يلزم الدولة– قانوناً– بما تلتزم به «أدبياً» تجاه مبارك ورجاله.