ثمة أسباب كثيرة تدفعنى للقول.. متى يتم الإعلان عن وفاة مبارك؟
لكن دعنى قبل كل شىء، وقبل أن تتهمنى بأننى من الفلول وتصب على اللعنات والشتائم، أبادر فأقرر إبتداءً أن قلبى ومشاعرى مع الامهات الثكالى اللواتى فقدن فلذات أكبادهن بطلقات طائشة اخترقت أجساد أبنائهن وقطعت أحلامهم واوصالهم، أشارك كل أب وكل أم أحزانهما وآلامهما، ومهما كتبت وكتب غيرى فى هذا السياق، تظل الغصة فى القلب، تقف معها الكلمات حائرة، عاجزة، عن التعبير والوصف.
مع هذه المرارة، يجب ألا يفوتنا أن الجريمة الحقيقية التى ارتكبها مبارك وحكوماته المتعاقبة، ليست قتل هؤلاء الأبناء الأبرياء، بل قتله للشخصية المصرية وإهانتها وتهميشها من خلال انهيار التعليم، وانتشار العشوائيات، وتفشى الأمراض، وتنامى ظاهرة أطفال الشوارع، وحدث ولا حرج عنهم وعن رقصة البجعة التى رقصوها والمجمع العلمى يحترق مثلما احترق قلب كل أب فقد ابنه.
فكيف نحاكمه عن الأدنى – إن جاز التعبير – ونغض النظر عن مسئوليته الكبرى فى تخريب مجتمع بأكمله مما أدى لتأخر الدولة المصرية عشرات السنين؟ ولماذا نحاكمه وحده؟
ألم نشارك معه، مشاركة معنوية فى الفساد، بسكوتنا وخنوعنا وقبولنا بالأمر الواقع لمدة 30 عاما؟ ألم نشارك مشاركة مباشرة فى قيامنا بدفع (القهوة) عند تجديد رخصة السيارة، أو لاستخراج تصريح بناء، أو نقل أحد الأبناء من مدرسة إلى أخرى أو لقبوله فى كلية الشرطة !!...إلخ الخ.
هل استمرار حبسه والتناطح الدائر خلف أسوار القاعة التى تجرى فيها محاكمته بين مؤيد ومعارض، يصب فى صالح بلدنا أم يدفعها إلى المجهول؟
ماذا لو وفرنا جهدنا، وركزنا عملنا على حسم قضايا الفساد المالى والتربح له ولعائلته حتى يتسنى لنا استرداد أموالنا المهربة فى الخارج.
ثم من ذا الذى يستطيع أن يحكم حكما عادلا – سواء بالبراءة أو الإدانة - تحت هذا الضغط الشعبى الهائل..؟
وأخيرا.. هل أحد منا لديه رؤية لما سوف تفضى إليه الأمور إذا قضت المحكمة ببراءته فى قضية قتل المتظاهرين، باعتبار أنها قضية تحوم حولها الشبهات من الناحية القانونية؟
لا أدعى أننى أمتلك الإجابة الصحيحة على هذه الأسئلة، لكن مجرد التحاور بشأنها والتفكير فيها سوف يقودنا حتما إلى رؤية أوسع، وأكبر، وأعمق، لما فيه الخير لصالح بلدنا واستقرارها داخليا وخارجيا، سيما وأن لائحة الاتهام لمبارك ونظامه أكبر بكثير مما يحاكم عليه الآن، فاتركوه يعيش ما تبقى له من أيام معدودة فى حياته قيد الإقامة الجبرية، وتعالوا نتفرغ لبناء بلدنا حتى تتنفس الأجيال القادمة هواءا نقيا، تعالوا نعلم اولادنا ثقافة التسامح التى اختفت فى سلوكياتنا وتصرفاتنا، ولسوف يسجل التاريخ لهذا الشعب العظيم أنه تخلى عن محاكمة رئيسه المخلوع بعد أن جعله ربه آية لكل متكبر متجبر.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية أنا
مقالة تستاااااااااااااااهل التأمل وصاحبها له منا كل الإحترام لأنها موضوعية جدا
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
وانا مؤيدك في هذا الاقتراح
وعفى الله عما سلف وخلينا ننظر إلى المستقبل .
عدد الردود 0
بواسطة:
مريم مجاهد
العسل والسم
عدد الردود 0
بواسطة:
على درويش
عندك حق
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد المصري
وجهة نظر
عدد الردود 0
بواسطة:
أيــــــــــــــــــــوب
حتى أذا حضر راكبا صاروخ.. فى مصر شباب عظيم
عدد الردود 0
بواسطة:
احمدسلامة
كلام عا قل
عندك حق فكل كلمة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد هلال - مسقط
مقال محترم
عدد الردود 0
بواسطة:
لفلوف
انا معاك في كل كلمة
عدد الردود 0
بواسطة:
سعيد خضر
حرر تراب بلده