نشرت صحيفة "الجارديان" البريطانية تحقيقاً لمراسلها فى سوريا إيان بلاك، يتحدث فيه عن الانهيار البطئ للدولة "خلف جدار الخوف"، ويقول إنه برغم الهدوء السطحى فى دمشق، إلا أن الجميع يعلمون أن التغيير آت، والسؤال الوحيد الآن يتعلق بالثمن الذى سيُدفع مقابل هذا التغيير.
ويسرد بلاك فى التحقيق المعاناة التى يلقاها النشطاء السوريون من خلال قصة مهندس وزوجته تحولا إلى النشاط السياسى والعمل على حشد المظاهرات المناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد. ويقول المراسل إن الزوجين وهما عدنان وريما غير قادرين على العمل أو الاتصال بعائلتهما، ولديهما هويات مزيفة، ويغير عدنان مظهره بانتظام كى لا يتم التعرف عليه بسهولة. كما أن أصدقائهما يحاولون دائما تجنب الاعتقال من جانب الشرطة السرية.
ويقول عدنان إنه وزوجته اعتادا على الظروف المخيفة، فالثورة دمرت جدار الخوف. ويضيف: فى المدرسة تعلمنا أن نحب الرئيس حافظ الأسد فى البداية، ولم يتحسن الأمر أبدا عندما جاء بشار.. والآن تغير كل شىء، فصورة الأسد فى كل مكان ونحن واثقون من أننا سنطيح بالنظام فى وقت ما.
من ناحية أخرى، نقلت الصحيفة عن أحد قيادات المعارضة قوله إن دمشق تعد مهمة لبقاء نظام الأسد، لذا فهم لن يسمحوا أبدا بوجود ما يشبه ميدان التحرير هناك. وإذا سقطت دمشق، فسينتهى الأمر.
ورصد التحقيق أهمية السرية والابتكار فى استمرار الثورة السورية، لكونهما يساعدان على إيجاد سبل جديدة لتنظيم المظاهرات المعادية للنظام والتى عادة ما تكون ليلية فى أغلبها، وقال بلاك إنه فى أول أيام شهر رمضان الماضى، تم تشغيل أغنية "ارحل يا بشار" عبر مكبرات للصوت فى منطقة تسوق بأحد الميادين، وهى الأغنية التى كتبها إبراهيم قاشوش والذى تم اغتياله فى يوليو الماضى، بعد أن أدى هذه الأغنية فى حماه، وقام قاتلوه باستخراج حنجرته من داخل جسده وقطعوا أحباله الصوتية.
ويقول أحد سكان دمشق إن الناس كانت مرعوبة عندما سمعت تلك الأغنية فى البداية، لكن فى المرة الثانية استرخوا، وفى المرة الثالثة كانوا يضحكون. وقد تم وضع زيت على مكبرات الصوت المنتشرة على الأسطح لكى يصبح إسكاتها أمراً أكثر صعوبة.
وتشير الجارديان إلى أن هناك حالة أشبه باليقين لدى نشطاء المعارضة بأن الثورة لن تحقق أهدافها قريبا خاصة بعد الخطاب الأخير للأسد، والذى كان أشبه بإعلان حرب من أجل حشد مؤيديه. كما أن المسئولين عن الأمن فى سوريا يعتقدون أن الخروج من الأزمة يتم من خلال استمرار عمليات القتل حتى تتوقف الاحتجاجات وانتظار حدوث تغيير فى الموقف الغربى حسبما يقول أحد رجال الأعمال المقربين من النظام.
من ناحية أخرى، تحدثت الجارديان عن الانهيار البطىء للدولة فى سوريا مع انقطاع الكهرباء لساعات طويلة وبشكل يومى ونقص إمدادات الوقود الخاص بالسيارات بسبب الكميات الكبيرة التى يستهلكها الجيش فى عملياته.
وبشكل عام، لا أحد يستطيع أن يتنبأ بدقة إلى أى مدى ستطول الانتفاضة السورية، فبالنسبة للمعارضة هناك إحساس بالتفاؤل لكن يشوبه إدراك أن توزان القوى على المدى القصير ليس فى صالحهم ومن غير المحتمل أن يتغير بشكل سريع على غرار ما حدث فى ليبيا من تدخل أجنبى، وهو ما لا يريده أو يتوقعه كثيرون.
الرئيس السورى بشار الأسد
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة