الدستور الحائر.. بين الإسلاميين والليبراليين والجيش

الأحد، 15 يناير 2012 01:21 م
الدستور الحائر.. بين الإسلاميين والليبراليين والجيش صورة أرشيفية
أعد الملف قسم التحقيقات - كتبت رانيا فزاع - كتبت صفاء عاشور - كتبت آية نبيل - حاورته هدى زكريا - تصوير طارق الجباس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الدستور هو المعركة الكبرى التى قد تعتبر بداية الاستقرار على نظام سياسى، أو بداية المزيد من الصراعات السياسية، وقد شهدت الشهور الماضية جدلا سياسيا واسعا حول الدستور، ومنذ اللحظة الأولى لتنحى مبارك، كانت هناك لجنة لتعديل الدستور توقفت، واختار المجلس العسكرى لجنة برئاسة المستشار طارق البشرى، قدمت إعلانا دستوريا تم الاستفتاء عليه، وكان بداية الجدل، لأن المصريين اكتشفوا أن الدستور يجب أن يسبق البرلمان والرئيس، وبدأ جدل الدستور أولا، ثم دارت دورة الانتخابات، ووجدنا أنفسنا أمام برلمان يفترض أن يشكل لجنة تأسيسية لوضع الدستور.

وما زال الجدل دائرا حول من يمثلون الشعب فى اللجنة التأسيسية، هل هم من الأغلبية الإسلامية فى البرلمان؟ أم أنهم من عموم ممثلى الشعب بفئاته واتجاهاته وتياراته السياسية؟
وبعد الانتهاء من اللجنة التأسيسية- وهو الموضوع الذى شهد الجدل والصراعات والخلافات، واجتهد البعض وطرح وثائق استرشادية، أو اقتراحات بوثائق دستورية- هل يأتى دستور توافقى يعبر عن كل فئات المجتمع؟ وهل سيكون النظام السياسى رئاسيا أم برلمانيا أم مشتركا؟ وهل سيكون معبرا عن حريات سياسية واجتماعية ضمن دولة مدنية عصرية؟ هناك دعاوى للإسلاميين بأن تكون المرجعية الإسلامية إحدى دعائم الدستور، وهناك مطالب للأقباط بأن يكون الدستور ضامنا للمواطنة والمساواة بين المواطنين جميعا فى الحقوق والواجبات.. والتساؤل عن موقع الجيش فى الدستور.. وهل تكون القوات المسلحة ضامنا للدستور، والدولة المدنية؟

الإسلاميون يبحثون عن دستور ينص على الدولة الديمقراطية

دستور توافقى يعبر عن كل فئات المجتمع، يفضل النظام الرئاسى البرلمانى، ويحافظ على الدين الإسلامى مصدر رئيسى للتشريع، ويؤكد أن مصر دولة ديمقراطية ذات مرجعية إسلامية، ويحرم الربا وفوائد البنوك «كانت هذه أبرز المقترحات التى قدمها عدد من قادة التيار الإسلامى كمواد أساسية فى الدستور القادم الذى أثيرت حوله عدد من المواجهات بين المجلس العسكرى وبقية التيارات السياسية. هذه المقترحات شكلت قلقا لدى العديد من التيارات حول احتمالية صياغة دستور إسلامى يبتعد عن أسس الحكم فى الدول المدنية، وطرحت عدد من التساؤلات حول الصيغة التى ستقدمها التيارات الإسلامية للدستور، وهل ستكون فى صورة مشروع دستور إسلامى واحد، أم سيقدم كل منهم مشروعا منفصلا، وهل سيستعينون بنماذج من الدساتير الإسلامية التى تمت صياغتها من قبل، وكان أبرزها دستور الأزهر الشريف عام 1978 الذى رفضه الرئيس الراحل أنور السادات. الدكتور وحيد عبدالمجيد -رئيس لجنة التنسيق بالتحالف الديمقراطى- نفى ما يتردد حول وضع حزب الحرية العدالة، صياغة مبدئية للدستور، مؤكدا أن العمل يقتصر داخل الحزب على اقتراح أهم النقاط التى يشملها رغبة منه فى اختصار الوقت اللازم لصياغته. وأوضح عبدالمجيد أن الحرية والعدالة يبحث عن دستور توافقى يعبر عن كل فئات المجتمع، ولا نية لديه لتشكيل دستور إسلامى، قائلا: «كل تيار له توجه مختلف عن الآخر ومن الصعب صياغة دستور واحد لهم جميعا». واستطرد: يسعى الحزب إلى تشكيل دستور يؤكد أن النظام رئاسى برلمانى تتقلص به كل اختصاصات رئيس الجمهورية ويمنع تركيز السلطة فى يد شخصية واحدة خوفا من تكرار الفساد الذى لحق بالنظام السابق، ويعمل على ذلك من خلال تقاسم السلطة بين رئيس الحكومة الذى يعبر عن الأغلبية البرلمانية ورئيس الجمهورية، كما سيتم الاحتفاظ بالمادة الثانية والتأكيد على مدنية الدولة المصرية ذات المرجعية الإسلامية، نافيا ما يتردد عن استعانتهم بالدستور الذى شكلته جماعة الإخوان فى الخمسينيات أو الذى شكله الأزهر الشريف عام 1978. وقال الدكتور محمد البلتاجى القيادى بحزب الحرية والعدالة أنه لا يوجد تحضير مسبق للدستور، وعن أبرز المواد التى سيطالب بها الحزب قال هى أن يكون دستورا توافقيا يعبر عن كل فئات المجتمع». انتقالا من حزب الحرية والعدالة إلى الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح المكونة من مجموعة من القيادات السلفية والإخوانية، أبرزهم خيرت الشاطر نائب مرشد جماعة الإخوان والمسلمين والداعية إسحاق الحوينى فقامت الهيئة بوضع ثلاثة مشروعات للدساتير الإسلامية، من بينهم المشروع الخاص بدستور الأزهر عام 1978. على الجانب الآخر أكد عاصم عبدالماجد المتحدث الرسمى باسم الجماعة الإسلامية أن حزب البناء والتنمية يعكف الآن على وضع مشروع للدستور القادم ترتكز أبرز مواده على النظام الديمقراطى وسيادة القضاء وأحقية تداول السلطة، كما يؤكد الحريات العامة والشخصية ويحافظ على حرية الصحافة واستقلال القضاء. وحول هوية الدولة فى الدستور قال إنهم سيبتعدون عن المدنية لما تحتويه هذه الكلمة المطاطة من العديد من المعانى كما ترتبط بالعلمانية، لكنه سيؤكد الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسى للتشريع، مع احتكام غير المسلمين لشرائعهم. كما سيلجأ إلى نظام برلمانى رئاسى يتيح نوعا من تبادل السلطات، بالإضافة إلى اللجوء لأقتصاد السوق.

الأقباط والعلمانيون والليبراليون يتحدون وراء الدولة المدنية

تشابهت رؤية الأقباط والعلمانيين والحقوقيين فى صياغة دستور ما بعد الثورة، وإن ظلت المادة الثانية التى تجعل من الدين الإسلامى مصدر للتشريع تثير الجدل بين الفصائل الثلاث، فنجد أن عددا من الشخصيات القبطية المعتدلة ترى ضرورة البقاء على تلك المادة، مع إضافة عبارات تخص الأقليات، كما أعلنت «الجمعية القبطية للتغير» لمؤسسها دكتور سامح المصرى عن موافقتها على بقاء المادة الثانية عند صياغة دستور ما بعد الثورة، مع إضافة مادة جديدة تنص على أن «تتعهد الحكومة المصرية بحماية حقوق الأقليات الثقافية والاجتماعية والسياسية»، ذلك إضافة إلى فتح حوار مجتمعى للتعريف والاتفاق على «مبادئ الشريعة الإسلامية»، وهى العبارة التى تتكرر فى الكثير من المواد الدستورية، دون الإشارة إلى الهيئة الدينية التى يحق الرجوع إليها عند الاختلاف حول تلك المبادئ. وبوجه عام فقد بذلت القوى الليبرالية والمنظمات الحقوقية الكثير من الجهود لمحاولة إقناع المجلس العسكرى بأن صياغة «الدستور أولا» يعد ضمانة أساسية لبناء نظام ديمقراطى جديد فى مصر ما بعد الثورة، وأعربت تلك القوى عن مخاوفها فى تلاعب عدد من نواب برلمان ما بعد الثورة، والرئيس المنتخب الجديد، فى طريقة صياغة الدستور وفقا لمصالحهم الضيقة، فيمارس الرئيس المنتخب ضغوطه لضمان الإبقاء على أكبر قدر من الصلاحيات الدستورية، ويقف أعضاء مجلس الشورى حائل ضد إلغاء مجلس الشورى فى الدستور الجديد، ويمنع نواب البرلمان الذين يحتلون مقاعد العمال والفلاحين إلغاء نسبة الـ%50 من البرلمانات المقبلة.
وقام مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان إضافة إلى 26 منظمة حقوقية أخرى، بصياغة مبادئ أساسية لدستور ما بعد الثورة، أطلق عليها اسم البردية، وضمت 6 مواد رئيسية، تستمد بنودها من أهداف ثورة الـ25 من يناير، وتنص المادة الأولى منها على أن الدستور المصرى «يكفل تنوع مصادر التشريع، بما يعكس الروافد المتنوعة للهوية المصرية»، وفى المادة الثانية ذكرت الوثيقة أن «مصر دولة مستقلة حرة وديمقراطية، يرتكز نظامها السياسى فى الدستور على أساس عدة مبادئ: سيادة الشعب باعتباره مصدر كل السلطات، واحترام حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا للمواثيق الدولية والقانون الدولى كحد أدنى، على أن يقوم الدستور بتفصيلها دون الانتقاص منها، ولا يمنح المشرع الحق فى الانتقاص أو تقييد هذه الحقوق بأى مبرر لا تبيحه المواثيق الدولية»، وأكدت «البردية» استقلال القضاء، واقتصار اختصاص القضاء العسكرى على الجرائم العسكرية المنسوبة للعسكريين، كما أكدت أن الشرطة هيئة مدنية، وعلى خضوع وزارتى الداخلية والدفاع للرقابة البرلمانية.

اختلفت فى الإبقاء على المادة الثانية، التى صيغت فى الوثيقة على النحو التالى: «الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع»، كما أورد الباب الثانى من الوثيقة مادة تجيز حرية الاعتناق، وممارسة الشعائر الدينية، دون التعدى على حرية الآخرين، كما نصت المادة السادسة من الوثيقة على أنه «ليس فى هذه الوثيقة أى نص يجوز تأويله على نحو يفيد بانطوائه على تخويل أى من مؤسسات الدولة أو الجماعات أو الأفراد أى حق فى القيام بأى نشاط أو بأى فعل يهدف إلى إهدار أى من الحقوق والحريات المنصوص عليها فى هذه الوثيقة».

الخروج الآمن وعدم مراقبة ميزانية الجيش.. المطالب السرية للعسكر فى الدستور
سويلم: العسكرى لا يريد من الدستور سوى تأمين خصوصية القوات المسلحة وسيرفض أى مراقبة على ميزانيته

على مدى عدة أشهر فإن المجلس العسكرى منذ توليه إدارة البلاد عقب ثورة 25 يناير اتخذ قرارات غامضة حول وضع الدستور فى البلاد، الأمر الذى جعل الكثير يتساءل عن الهدف من وراء إصدار المجلس لقرارات أكثر من مرة حول الدستور، فتارة نراه يعدل بعض مواد الدستور القديم ويجرى استفتاءً حول هذه التعديلات تؤيده الأغلبية الشعبية رغم اعتراض النخبة، ولكنه يفاجئنا بعدها بأيام قليلة بإعلان دستورى آخر ينظم شؤون البلاد فى الفترة الحالية وحتى عمل دستور جديد بعد الانتخابات البرلمانية القادمة، على أن تكون اختصاصات المجلس الأعلى للقوات المسلحة «القائم محل رئيس الجمهورية»، تتمثل فى تشريع وإقرار السياسة العامة للدولة والموازنة العامة، وتعيين أعضاء مجلسى الشعب والشورى، ودعوة المجلس للانعقاد، وتمثيل الدولة فى الداخل والخارج، وإبرام المعاهدات، وتعيين رئيس مجلس الوزراء، ونوابه والوزراء والموظفين بالحكومة، كما يشترك مجلس الوزراء مع المجلس الأعلى فى رسم القوانين، حتى جاء شهر سبتمبر ليضيف إلى الإعلان الدستورى بعض المواد اقتصر نشر بنودها والإعلان عنها على الجريدة الرسمية فقط، الأمر الذى أثار الكثير من التساؤلات حول هذا النهج الذى ينتهجه المجلس العسكرى مع الدستور المصرى، وما الغرض من كل هذه التعديلات والإعلانات الدستورية فى الوقت الذى كان من الممكن أن ينهى هذا الأمر بتشكيل لجنة تعمل على وضع الدستور أولاً قبل الانتخابات التشريعية.

ظل الأمر مبهمًا لا أحد يعرف لماذا لجأ المجلس العسكرى لكل هذه الوسائل والتعديلات حتى فاجأنا الدكتور على السلمى، نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون السياسية بحكومة الدكتور عصام شرف السابقة، قبل الانتخابات البرلمانية بعدة أيام بوثيقة دستورية جديدة فيما عرف إعلاميّا بوثيقة السلمى بعد اجتماعه مع عدد من ممثلى الأحزاب وعدد من الوزراء غاب عنه ممثلو الجماعات والأحزاب الإسلامية، اتفق الجميع على التحفظ على المادة التاسعة بالوثيقة، والتى تنص على: «يكون للقوات المسلحة مجلس أعلى يختص بالنظر فى كل ما يتعلق بالشؤون الخاصة بها والميزانية المتعلقة بشؤون التسليح، ويؤخذ رأيه فى التشريعات الخاصة بالقوات المسلحة قبل إصداره، ورئيس الجمهورية هو الرئيس الأعلى للقوات المسلحة، ووزير الدفاع هو القائد العام لها».

اعترضت جميع القوى الوطنية وعدد من مرشحى الرئاسة فضلاً على الأحزاب والتيارات الإسلامية على هذه الوثيقة واعتبرتها اغتصابًا للشرعية وانقلابًا على إرادة الشعب وهددت الأحزاب بمظاهرات فى كل مكان إذا لم يتم سحب الوثيقة وعزل الدكتور على السلمى من منصبه، واستمرت الحرب الإعلامية بين الطرفين حتى جاءت جمعة المطلب الواحد ورفض الوثيقة، شارك فيها الآلاف من المتظاهرين، أعقبها فى اليوم التالى محاولات الأمن لفض اعتصام المصابين بميدان التحرير، وهو ما نتج عنه أحداث محمد محمود التى راح فيها عشرات الشهداء ومئات المصابين.

بينما قام الدكتور على السلمى بتعديل جديد فى الوثيقة على أن يكون نص المادة الأولى: «تكون جمهورية مصر العربية دولة ديمقراطية تقوم على المواطنة وسيادة القانون»، وحذف كلمة «مدنية» بناء على طلب حزب الحرية والعدالة وغيره من الأحزاب، واستخدام كلمة «دولة ديمقراطية»، التى وردت فى وثيقة الأزهر الشريف، وضع القوات المسلحة فى المادتين 9 و10، وهما المادتان اللتان أثارتا جدلاً كبيرًا، حيث جاء بالمادة «9» المعدلة أن «للقوات المسلحة مكانتها الخاصة وشؤونها التفصيلية المتصلة بالأمن القومى، والتى يجب أن تراعى عند مناقشة أمورها الفنية وميزانيتها، والقوات المسلحة كباقى مؤسسات الدولة تلتزم بالضوابط الدستورية والتشريعية، ويكون لها مجلس أعلى يختص دون غيره بالنظر فى جميع شؤونها، ويؤخذ رأيه فى التشريعات الخاصة بها قبل إصدارها، كما أن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ووزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة»، أما المادة «10» فنصت على أن «ينشأ مجلس يسمى مجلس الدفاع الوطنى، ويتولى رئيس الجمهورية رئاسته، ويختص بالنظر فى الشؤون الخاصة بالأمن القومى ووسائل تأمين البلاد وسلامتها، ومناقشة ميزانية القوات المسلحة».

واعتبر الكثير من الخبراء والمحللين أن تمسك المجلس العسكرى بهذه المادة التى تضمن عدم مناقشة ميزانية الجيش ضمانة لعدم معرفة حجم الاقتصاد والاستثمارات الموجودة بالجيش المصرى والتى يصعب حصرها وحصر تناميها خلال الثلاثين عامًا الماضية مؤكدين أن طرح مثل هذه الوثيقة كان بمثابة عرض على الشعب، إما اختيار السلطة المدنية وأن يحكم الشعب نفسه بعيدًا عن ميزانية الجيش أو الحكم العسكرى.

ومع تصاعد أحداث محمد محمود أُسدل الستار على وثيقة السلمى بعد قبول المجلس العسكرى لاستقالة حكومة شرف بما فيها الدكتور على السلمى. ولعل ما أثير حول وجود مفاوضات حثيثة تجرى بين قيادات المجلس العسكرى، وقيادات بجماعة الإخوان المسلمين، للوصول إلى صيغة توافقية لما يسمى بـ «وثيقة تأسيسية» للدستور الجديد، تتضمن تحصين المجلس العسكرى ضد المساءلة والملاحقة القانونية قبل وبعد 11 فبراير 2011، منذ قيام الثورة وتنحى مبارك، وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد، أحد أهداف المجلس العسكرى، بعد إقرار الدستور وتسليم السلطة.

قال اللواء حسام سويلم، المدير السابق لمركز الأبحاث الاستراتيجية للقوات المسلحة، إن المجلس العسكرى لا يريد من الدستور القادم للبلاد إلا تأمين خصوصية القوات المسلحة شأن جميع الدساتير المصرية السابقة لتأمين احتياجاتها الأمنية والذى من شأنه تأمين الدولة والشرعية الدستورية.

وأضاف سويلم لـ«اليوم السابع» أن المجلس سيرفض أى مواد دستوريه من شأنها فرض مراقبة برلمانية على ميزانية القوات المسلحة وعرض تفاصيلها لتأمين متطلبات الجيش من معدات وتطوير لمواجهة مسؤولياتها فى الداخل والخارج. وأكد سويلم أن القوات المسلحة تخشى من عرض ميزانيتها على البرلمان المصرى حتى لا تقوم بعض الجماعات ذات التحالفات الخارجية مثل الإخوان المسلمين المتحالفة مع إيران بعرض ميزانية الجيش المصرى على إيران فى اليوم التالى أو عمل ميلشيات الحرس الثورى الإخوانى وميلشيات الحرس الثورى السلفى بما يهدد الأمن القومى للبلاد.

وأشار سويلم إلى أن القوات المسلحة تتم مراجعة ميزانيتها من الجهاز المركزى للمحاسبات مؤكدًا أنه فى حال الإصرار على مراقبة الميزانية ومراجعتها فإن الأمر سيتم من خلال تشكيل مجلس الأمن القومى بأمر من رئيس الجمهورية باعتباره القيادة السياسية وعرضها على هذا المجلس وفقًا لقواعد السرية وبما يضمن سرية الميزانية.

وأوضح سويلم أن وثيقة السلمى ظهرت عندما رفض الإخوان مطلب المجلس العسكرى بتشكيل اللجنة التى ستضع الدستور من خارج مجلس الشعب لضمان عدم استئثار تيار معين بوضع الدستور فى البرلمان القادم، وحتى تضم اللجنة جميع التيارات المعبرة عن المجتمع المصرى.

ولفت سويلم إلى أن وثيقة السلمى كانت فى صالح الليبراليين حتى لا ينفرد تيار معين بوضع الدستور وليس لعدم مراقبة ميزانية القوات المسلحة التى تخضع لمراجعة الجهاز المركزى للمحاسبات لكنهم اتحدوا مع الإسلاميين ضد الوثيقة حتى تم إلغاؤها. مضيفًا أن التيار الإسلامى «استفرد بالانتخابات وهايستفرد بالدستور وهاتيجى على دماغ الكل وربنا يقدركم على ميليشيات الإخوان وميليشيات الحرس الثورى السلفى».

خبراء الاقتصاد ينقسمون حول وضع دستور اقتصادى منفصل.. أهم مطالبهم الخروج من نفق «الاشتراكية».. وتحقيق العدالة الاجتماعية

العدالة الاجتماعية.. أهم الركائز التى أكدها خبراء الاقتصاد فى تصورهم للدستور القادم برغم اختلاف آليات تحقيقها لدى كل منهم ما بين «دستور اقتصادى» منفصل عن الدستور السياسى ينادى به اتحاد الغرف التجارية ومبادئ اقتصادية يتضمنها الدستور بشكل واضح دون انفصال.

وما بين هذا وذاك يبقى ترسيخ الحقوق الاقتصادية داخل الدستور مطلبا أساسيا يطرحه الاقتصاديون فى مناقشتهم التى تتحد جميعها على ضرورة ألا يتأثر بشكل قاطع بأى فصيل سياسى يحكم البلاد فى الفترة المقبلة، منوهين بأن التخبط الذى وقع فى عهد النظام السابق كان من أسبابه الرئيسية ميل المشرع إلى وضع القوانين التى تخدم مصالح طبقة معينة من أعوانه بشكل جعل عددا منها يخالف مبادئ رئيسية فى الدستور نفسه.

يقول دكتور عبدالخالق فاروق، الخبير الاقتصادى، إن مصر كانت تحت نظام مختلط ما بين نظام السوق المفتوحة والمغلقة رغم أن دستور 71 ينص على أننا دولة اشتراكية، مضيفا: «لا أتفق مع أن يكون الدستور مقيدا بنظام اقتصادى معين لأن كل مرحلة لها احتياجاتها، لكن فى الوقت ذاته لا يجب أن يكون النظام مفتوحا على أهواء المشرع، كما كان يفعل النظام السابق من حيث تضليلنا بكونه يتجه إلى النظام المختلط، بينما نجد أنه لا يخدم سوى رجال الأعمال».

وأكد فاروق أن الوضع الاقتصادى لمصر يحتاج إلى أن يتم ترسيخ مبادئ تحقيق العدالة الاجتماعية والتخطيط المنظم لقطاع الأعمال ما بين القطاع العام أوالخاص، وذلك بشكل صريح فى الدستور ومن خلال قواعد أساسية لضمانتها.

أضاف فاروق أن أيام النظام السابق كان النص الدستورى فى اتجاه والواقع فى اتجاه آخر، ولم يكن يلتزم النظام بأى من قوانينه لدرجة أنه كان يبيع القطاع العام بالرغم من مخالفته للقانون، وهو ما جعله يسرع إلى تعديل القوانين حتى لا يكون فى مأزق قانونى يجعله مدانا، معتبرا أن النظام كان يطبق النظام الرأسمالى بوقاحة.

اتفق معه دكتور إبراهيم المصرى، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات، الذى أكد وجوب ألا يحدد الدستور للنظام الاقتصادى معالم محددة، وإنما «أهداف» بضمانات يفرضها الحاكم مهما كان الفصيل الذى سيدير النظام، رافضا أن تنحصر التوقعات فى وضع دستور إسلامى بسبب أغلبية أعضاء التيارات الإسلامية فى البرلمان حتى لا يكون فى مأزق فيما بعد إذا ما رحل الإسلاميون عن إدارة البلاد.

قائلا: «لا يجب أن نقيد أنفسنا بنظام واحد، لكن علينا أن نركز على معايير ثابتة تشترك فيها مختلف الأنظمة القادمة مهما كانت توجهاتها».

وأشار المصرى فى حديثه إلى أن مختلف القوى الاقتصادية فى العالم تعتمد على النظام المختلط فى دساتيرها، طارحا على سبيل المثال، الاقتصاد الأمريكى، الذى اعتبر أن نجاحه ينبثق من اهتمامه بالحقوق الاقتصادية.

من جانبه، شدد دكتور عبدالرحمن عليان، أستاذ بكلية التجارة جامعة عين شمس، أن يركز الدستور على تنظيم العلاقة بين الدولة والمواطن بمبادئ ترسخ المواطنة بحيث تكون أهدافه الاقتصادية على نفس المسافة من الجميع دون تفرقة بين لون أو دين.
وأضاف العليان أن المواطنة والمساواة وتكافؤ الفرص مبادئ أساسية يقوم عليها دستور أى دولة تريد أن تحقق العدالة الاجتماعية وتنهض بمواطنيها لأنها تحقق الحياة الكريمة بإبعادها المختلفة.

وقد أصدر اتحاد الغرف التجارية فى وقت سابق مشروع دستور اقتصادى بضرورة إعداد دستور اقتصادى جنبا إلى جنب مع الدستور السياسى، بحيث يتضمن رؤية متكاملة للسياسات والاستراتيجيات الاقتصادية لمدة زمنية طويلة لا تقل عن 50 عاما، وبحيث تلتزم به الحكومات المتعاقبة أيا كانت انتماءاتها السياسية. وينطلق اتحاد الغرف من كون الدستور الاقتصادى المنفصل، كما يؤكد أحمد الوكيل فى تصريحاته، يتضمن إطار قانونى ضامن وحامى للاستثمارات بحيث لا يؤدى تغيير الحكومات السياسية إلى المساس بها، مشيرا إلى أن تسويق فكرة الدستور الاقتصادى لدى المستثمرين فى الخارج سيؤدى إلى استقطاب الاستثمارات.


وثائق دستور الثورة فى انتظار مصيرها بعد سيطرة الإسلاميين على البرلمان

خلال عام مر على ثورة يناير، وحوارات وجلسات للقوى السياسية والمجلس العسكرى أصبح أمامنا ما يقرب من سبع وثائق، تؤسس جميعها للمبادئ العامة التى يجب أن يكون عليها الدستور الجديد، يراها البعض استرشادية والبعض الآخر يطالب بأن تكون إلزامية، وبين الصوتين يبقى المواطن حائرا، ويظل الخلاف على تلك الوثائق بشكل يثير توقع مزيد من الخلافات حول نصوص الدستور أو اللجنة التأسيسية للبرلمان

«وثيقة التحالف الوطنى الديمقراطى».. يونيو 2011

شارك فيها نحو 18 من الأحزاب الليبرالية والإسلامية منها الحرية والعدالة والنور والوفد والكرامة ونادت بالحريات العامة، وأولها حرية العقيدة والعبادة وتطبيق العدالة الاجتماعية.
أكدت تداول السلطة عبر اقتراع عام.

- شددت على ضرورة حرية الرأى والتعبير والإعلام، وتداول المعلومات والتظاهر السلمى والاعتصام، ودعم القضية الفلسطينية.

«وثيقة البرادعى»... يونيو 2011

ركزت على حقوق الإنسان، وتم الاعتراض عليها بحجة أنها تروج لمشروع الدستور أولا.
- أطلقها الدكتور محمد البرادعى المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية. ركزت على الحقوق الأساسية للمواطن المصرى من خلال 11 مادة و6 مواد بنظام الدولة. أهم ما تضمنته أن نظام الدولة جمهورى ديمقراطى يقوم على حقوق المواطن وسيادة الشعب، وأن الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع.
- ونصت على ضمان الدستور لحرية الرأى، وأن جميع المصريين أحرار متساوون فى الحقوق والواجبات والحريات أمام القانون والدستور دون تمييز.

«وثيقة البسطاويسى».. يوليو 2011

حددت دور الجيش، ورفضها الإسلاميون بسبب مصطلح «فوق دستورية». ضمت ثمانى مواد حول القوات المسلحة، تشير إلى أن الدولة وحدها هى التى تنشئ الجيوش، ومهمتها حماية البلاد، وضمان عدم الانقلاب على المبادئ فوق الدستورية، ويقوم على شؤونها مجلس أعلى برئاسة القائد العام وعضوية قادة الأسلحة، ويختص هذا المجلس وحده بوضع لائحة عمله. ونصت على إنشاء مجلس دفاع وطنى برئاسة رئيس الجمهورية، وعضوية القائد الأعلى للقوات المسلحة، يختص المجلس دون غيره بالنظر فى ميزانية القوات المسلحة ومناقشة بنودها.
- حددت الوثيقة 10 مبادئ «فوق دستورية» تدور حول الالتزام بحماية حقوق الإنسان.

د. إبراهيم درويش يكشف أسرار لجنة البشرى فى وضع التعديلات الدستورية.. التعديلات كلبشت مصر وودِّت البلد فى داهية ونحتاج إلى 20 مادة فقط.. وأطالب بانضمام زويل والباز والبرادعى والغريانى للجنة التأسيسية

انتقد الدكتور إبراهيم درويش، أستاذ القانون الدستورى بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، طريقة تعامل المجلس العسكرى مع ملف الدستور واللجنة التأسيسية التى من المقرر أن تضع الدستور فى البرلمان القادم. مؤكدًا على أن سبب الأزمة التى نحن فيها هو لجنة الدكتور طارق البشرى التى صاغت التعديلات الدستورية قائلاً إنها قدمت «طبخة زفرة ودت البلد فى داهية»، كاشفًا عن كثير من التفاصيل المتعلقة باختياره فى اللجنة التى شكلها الرئيس السابق لتعديل بعض المواد الدستورية.. وفيما يلى نص الحوار:

> كيف ترى الجدل الدائر حول اللجنة التأسيسية والقول بإمكانية أن تتضمن عناصر من الجيش والشرطة؟
- أولاً أرفض أن يتم تشكيل اللجنة التأسيسية من داخل البرلمان فقط، أو أن ينضم إليها عناصر من الجيش والشرطة، فمن الأفضل أن تضم هذه اللجنة 10 من المفكرين والعلماء واثنين من خبراء القانون مثل فاروق الباز، أحمد زويل، مصطفى السيد، علاء الأسوانى، محمد البرادعى، عبدالغفار شكر، فاروق جويدة، حسام الغريانى وجابر جاد نصار فجميعهم أعضاء محايدون وما نحتاج إليه هو دستور من 20 مادة فقط، وليس من مئات المواد، تتعلق بالسلطة التنفيذية والتشريعية، وتمزج بين النظام الرئاسى والبرلمانى، إضافة إلى المواد التى تتعلق بالحريات العامة.

> وما توقعاتك لملامح الدستور القادم بعد فوز التيارات الإسلامية وسيطرتها على البرلمان؟
- لا يستطيع الإخوان أو السلفيون أن يضعا دستور البلاد، وأتحداهم، وسبق أن نادينا بضرورة وضع الدستور أولاً لأنه البناء الهندسى للنظام السياسى، وهناك أصوات تنادى بذلك الآن، ولكن بعد خراب مالطة، ولا يوجد منقذ مما يحدث فى المجتمع بأكمله سوى القيام بثورة أخرى أو انقلاب عسكرى.

> البعض يرى أن سبب الأزمة التى نعانيها يرجع إلى التعديلات الدستورية التى صاغتها لجنة المستشار طارق البشرى..
- ما حدث هو أن مستشارى المجلس العسكرى من المحكمة الدستورية العليا دائمًا ما يعطون استشارات سيئة له، والإخوان المسلمون وقتها بدأوا فى ركوب الموجة، فتشكلت اللجنة الثانية برئاسة المستشار طارق البشرى، وهو صاحب توجهات إسلامية ومحسوب على الإخوان، سواء اعترف بذلك أو لم يعترف، إضافة إلى أن اللجنة ضمت صبحى صالح، وعلى الرغم من أن اللجنة كانت تضم الدكتور محمد حسنين عبدالعال وهو فقيه دستورى عظيم، لكن طبخوا طبخة سيئة وزفرة، هى التى «ودت البلد فى داهية إلى الآن»، وكل ما نحن فيه الآن من بلايا لجنة البشرى لأنه عدّل 8 مواد كلبشت مصر وقيدتها بجدول زمنى وأفرزت 10 مواد وغير ذلك، فيما يسمى بخارطة الطريق، وهى فى الأصل إضلال للطريق، لذا انتقدنا التعديلات وقلنا إنها هتودى البلد فى داهية.
والإعلان الدستورى تضمن المواد المعدلة وبقية المواد تم نقلها من دستور 71 بأخطائها الإملائية واللغوية وتناقضاتها، وفى رأيى أن مصر ليست بحاجة لمجلسى شعب وشورى لأنها دولة موحدة بسيطة، والمجلسان يكونان فى دولة مركبة. وأخطر ما فى الإعلان الدستورى أنه قال: يجتمع الأعضاء المنتخبون من مجلسى الشعب والشورى لاختيار لجنة تأسيسية لوضع الدستور خلال 6 أشهر، وبعد أسبوعين يتم الاستفتاء عليه، ويتم انتخاب رئيس الجمهورية، وهذا زاد الموضوع غموضًا وتصادمًا فالبعض يريد اللجنة من خارج البرلمان، فى حين أن الإخوان المسلمين يريدونها من الداخل.

> وهل عرضوا عليك الانضمام فى لجنة المستشار طارق البشرى؟
- لا، لم يعرضوا. لأنه فى يوم 15 مايو اتصل بى مكتب المشير، وقالوا: هناك اجتماع غدًا. ورفضت، وبعدها بساعة اتصل بى اللواء ممدوح شاهين ورفضت، ولكن أصر على ذهابى، وذهبت، وكان هدف الاجتماع محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولكن كان قد فات الميعاد. وعندما سألته عن سبب عدم دعوتهم لى للانضمام للجنة البشرى قال إننى كنت فى اللجنة التى شكلها رئيس الجمهورية السابق، فقلت إن الدكتور محمد حسنين عبدالعال كان فى اللجنة الأولى وتم اختياره فى اللجنة الثانية.

خلال الاجتماع أوضحت لهم كل الأخطاء التى ارتكبوها، وقلت إنه لا يجوز أن تتم انتخابات مجلسى الشعب والشورى والانتخابات الرئاسية بدون وجود دستور، لأنهم من صنعه وليس العكس، فالدستور هو الذى يصنع البرلمان.

> إذا عدنا إلى الوراء قليلاً.. فماذا حدث بخصوص تعديل المواد الدستورية التى أعلن عنها الرئيس السابق؟
- تم الاتصال بى من قبل الدكتور فتحى سرور ثم عمر سليمان فور تعيينه نائبًا لرئيس الجمهورية، قالوا لى إنه تم تشكيل لجنة لتعديل بعض مواد الدستور، وأنا طبعًا مستقل على مدى تاريخى ولم أنضم لحزب، فقلت لهم: على مدى 40 سنة وأنا أطالب بتغيير دستور 1971 كليّا، لأنى كنت مقررًا فى لجنة الدستور آنذاك ووقتها أعددنا دستورًا عظيمًا يأخذ ببعض مناسك النظام الرئاسى والبرلمانى والحقوق والحريات بدون قيود، وسلمناه للرئيس الراحل أنور السادات فى 1 سبتمبر 71، ولكنه نُشر فى 4 و5 سبتمبر بالصحف القومية كمشروع دستور مختلف تمامًا عن الذى أعددناه، فجاء يركز جميع السلطات فى يد رئيس الجمهورية، وهذا هو وضع الدستور الحالى، ووثقنا وقتها قضية تزوير الدستور على يد أعظم أستاذ فى تاريخ القانون، وهو الدكتور عبدالحميد متولى.

لذلك عندما طلبوا منى التعديل قلت: هذا الدستور يسقط، ولا يصلح للتعديل ولا للترقيع، ويجب أن يتم إعداد دستور جديد يليق بمصر خاصة ونحن لدينا مشروعات كثيرة، فحدثت مشاورات على مدى 48 ساعة، وأصررت على موقفى، فسألونى: ما الذى يريحك؟ فتوصلنا لحل وسط، وهو تعديل المواد كذا وكذا و«غيرها»، وهذه الكلمة وضعت لى خصيصًا لأفعل ما أريد، فقلت إذن لابد من تغيير الدستور بالكامل، وبالفعل وضعت 20 مادة للدستور المقترح تمزج بين النظامين الرئاسى والبرلمانى وتوفر المبادئ الأساسية للحقوق والحريات العامة بشكل مطلق على عكس دستور 71 الذى كان يقر الحق ثم يسلبه، ولكن الأحداث تطورت بشكل كبير جدّا.

> لو كان تم الإعلان عن تغيير الدستور بشكل كامل.. فهل كان الوضع سيهدأ؟
- الشباب قام بثورة، ولم يكن فى ذهنه ذلك فقط، بل طالب بالتغيير، ولكن هذه المطالبة بالتغيير كانت تُقابل بعناد وعجرفة وجهل وغباء سياسى، فلو كانوا استجابوا بتغيير الدستور وإقالة الحكومة وتطبيق الحقوق والحريات العامة بدون تحفظ ووقف الفساد وإحداث تغييرات سريعة استجابة لمطالب الشباب لما حدث هذا، ولكن تسبب فى ذلك العجرفة والعناد، وهذا معروف عن مبارك، وتدخل الست والابن، وحدوث خلاف بين مبارك والمشير، بدليل أنه لم يحضر كل اجتماعات المجلس الأعلى للقوات المسلحة وقتها.

> وبعد مرور عام كامل على الثورة.. ما الخطايا التى ارتكبها المجلس العسكرى من وجهة نظرك؟
- الثورة أسقطت النظام السياسى، بما فيه الدستور، لكن المجلس العسكرى عطل الدستور، وهذه كانت أولى خطاياه، فلا يجوز له تعطيل الدستور، ولم يستمد وجوده من التنحى أو نقل سلطاته لأن هذا كلام عبث، بل استمد وجوده من شرعية ثورة 25 يناير.

وبقية الخطايا تمثلت فى وزارة أحمد شفيق ثم عصام شرف والحوار الوطنى ليحيى الجمل ثم الوفاق الوطنى لعبدالعزيز حجازى. والجنزورى أول ترحيب به كان حكمًا صادرًا من محكمة القضاء الإدارى بإلغاء عقد بيع شركة الأقطان التى باعها بـ 6 ملايين وثمنها 400 مليون. طوال أشهر الثورة لم يتم اتخاذ قرار اقتصادى لصالح مصر سواء من المجلس العسكرى أو من الوزارات الثلاث.

فالنتيجة صفر، وما يحدث الآن تخبط بسبب عدم اتخاذ القرار فى الوقت المناسب، مما أفضى إلى عدم تحقيق هدف واحد من أهداف الثورة، وزادت الأمور تعقيدًا وأصبح الوضع ضبابيّا وأصبحت الحالة خطيرة جدّا أكثر مما كانت عليه قبل سقوط المخلوع.

> وما السبب فى ذلك؟
- هناك أسرار كثيرة لم يصارح المجلس العسكرى بها الشعب، من بينها على سبيل المثال كيف تم خلع الرئيس السابق، سواء من الناحية الفعلية أو من الناحية القانونية والدستورية، لأن الخطاب الأخير الذى أذاعه اللواء عمر سليمان، الخاص بتخلى مبارك عن منصبه، سبقته مجموعة من المباحثات بعدها سافر فى 10 فبراير إلى شرم الشيخ، وترك الأمور معلقة ظنّا منه أن الأمور سوف تهدأ، ولكن فى مساء يوم 10 فبراير تبين أن الموضوع أخطر من سفره إلى شرم الشيخ وتعيين نائب، لأن الثوار بدأوا الزحف على قصر الرئاسة، قبل كل ذلك كان هناك مفاوضات أيضًا على مدى أيام 24 و25 و26 يناير، تولاها الدكتور حسام بدراوى وكان من الممكن أن ينتهى الأمر بصورة يسيرة جدّا، فهذا الرجل كان أمينًا فى تصرفاته، ولم يكن يبتغى إلا مصر، وعرض على رئيس الجمهورية فى ذلك الوقت أن يستقيل وأن يترك الأمر، خاصة أنه لا توجد كلمة «تنحى» فى الدستور، بل الأكثر من ذلك استطاع بقدراته أن يذكره بما حدث فى رومانيا وأن مصيره سيكون مثل نيكولاى تشاوتشيسكو.

ولكن هناك جبهة أخرى تزعمتها الست سوزان والابن جمال بينما كان عمر سليمان على الحياد، فكان الإصرار على البقاء من قبل زوجته وابنه الذى تعامل بعجرفة وتطاول إلى أبعد الحدود مع حسام بدراوى وفاروق العقدة، فعندما بدأ الوضع الاقتصادى يتدهور خلال يومى 27 و28 استدعى مبارك فاروق العقدة، وكان جمال فى انتظاره بالخارج، وعندما رآه قال له «إنت مالك ومال ما يحدث، روح عد فلوسك فى البنك المركزى»، ومن ناحية أخرى أريد أن أقول أيضًا إن بيان عمر سليمان كله غير صحيح، لماذا؟ لأن البيان ذكر حرفيّا أن الرئيس قرر تخليه عن موقع رئيس الجمهورية، ونقل سلطاته إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وفى حقيقة الأمر الرئيس لا يملك نقل سلطاته ولا تفويض سلطاته، ولا يملك التنحى لأن فى ذلك الوقت كان الدستور القائم هو دستور 71 الذى يتضمن ثلاث مواد تحكم موقع رئيس الجمهورية المادة 82 فى حالة العجز النسبى يتولى نائب رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء، المادة 83 فى حالة الاستقالة يقدمها لمجلس الشعب ويتولى موقع الرئاسة مؤقتًا رئيس مجلس الشعب إذا كان موجودًا أو رئيس المحكمة الدستورية العليا، ثم تتخذ الإجراءات خلال 60 يومًا لإعلان خلو المكان ويتم اختيار رئيس جديد، المادة 84 فى حالة الوفاة، وهنا يجب الإعلان عن خلو الموقع وإجراء الانتخابات، وبالتالى هو لا يملك التنحى ولا يملك نقل سلطاته وكل ما ورد فى بيان عمر سليمان خاطئ، ويجب على المجلس العسكرى أن يوضح الظروف التى صاحبت هذا الخطاب، فمن صاغه هو رئيس المحكمة الدستورية العليا وصاغه صياغة خاطئة ومتصادمة ومتناقضة مع الدستور. وكل هذه قصص ووقائع ملك تاريخ مصر وعلى المجلس العسكرى أن يوضحها كتابة للأمة لأن المجلس سوف ينقضى هو والمشير إن آجلاً أو عاجلاً، ولكن هذه الحقبة من 10 يناير إلى 11 فبراير من أخطر ما مرت به مصر، وينبغى على المجلس أيضًا أن يقدم 100 اعتذار للشعب عن خبايا تلك الأسرار، وعن التخوين وسحل شبابنا وقضايا هتك العرض.

> ولماذا رئيس الدستورية العليا تحديدًا هو من وقع عليه الاختيار فى صياغة خطاب التنحى؟
- رئيس المحكمة الدستورية العليا قبل أن يتولى هذا المنصب فى 2010 كان يرأس محكمة جنوب القاهرة، ولا علاقة له بالدستور والدستورية، ولكنه أجرى انتخابات نقابية على مزاج النظام السابق، وأنا لا أجرح أحدًا، ولكن هذا ما حدث، أتوا به فى هذا المنصب ليجرى انتخابات التوريث فى سبتمبر 2011 وعُين خطأ لأن تعيين رئيس المحكمة لابد أن يتم من خلال الجمعية العامة للمحكمة الدستورية، لذلك المجلس العسكرى أصدر منذ ثلاثة أشهر تعديلاً لقانون المحكمة الدستورية ينص على أن الجمعية العمومية هى التى تختار رئيس المحكمة، ولكن هذا القرار جاء متأخرًا.

التوافق السياسى على وثيقة الأزهر ينتظر تفعيلها فى الدستور الجديد

«وثيقة المجلس الوطنى»... يوليو 2011

قدمت المستشارة تهانى الجبالى الوثيقة التوافقية التى جمعت من الـ7 وثائق التى طُرحت تضمنت 11 مادة من بينها أن جمهورية مصر العربية دولة مدنية ديمقراطية موحدة تقوم على التعددية السياسية والثقافية، والشعب المصرى جزء من هذه الأمة، وأن الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع، ومبادئ غير المسلمين هى المصدر الرئيس للتشريعات المتعلقة بأحوالهم الشخصية وشؤونهم الدينية، والنظام السياسى جمهورى ديمقراطى، وأن يقوم نظام الدولة على مبدأ الفصل بين السلطات بما لا يحول بينه وبين الرقابة المتبادلة، واستقلالية القضاء، وقد تراجع حمزة عن وثيقته فى النهاية مؤيدا وثيقة السلمى.

«وثيقة السلمى».. نوفمبر 2011

استجابت لضغوط الإسلاميين، واستبدلت كلمة «مدنية» بــ«ديمقراطى»، وأدت إلى استقالة حكومة شرف
تعد الوثيقة الأبرز، حيث إنها فجرت الثورة الثانية، ودفعت الآلاف للتوافد إلى ميدان التحرير، للإعلان عن رأيهم فى رفض مبادئ السلمى للدستور، مما نتج عنه إصابة المئات وسقوط عشرات القتلى انتهت جميعها باستقالة حكومة عصام شرف التى استمرت طوال ثمانية أشهر تقريبا.
تشابهت إلى حد كبير مع بقية الوثائق، فيما يتعلق بالحريات العامة والمبادئ الخاصة بنظام الدولة وديانتها ولغتها الرسمية.

«وثيقة الأزهر».. يونيو 2011

توافقت عليها القوى السياسية ومازالت تبحث عن آليات تفعيلها.
نصت على مجموعة من المبادئ التى تتماشى مع فكر الإسلام الوسطى الذى جسده شيخ الإسلام حسن العطار وتلميذه الشيخ رفاعة الطهطاوى والإمام محمد عبده وتلاميذه وأئمته المجتهدون أمثال المراغى ومحمد عبدالله دراز ومصطفى عبدالرازق وشلتوت وغيرهم.
ونصت على دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة، التى تعتمد على دستور ترتضيه الأمة، إضافة إلى اعتماد النظام الديمقراطى، القائم على الانتخاب الحر المباشر.





مشاركة




التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

جمال مغربى قاسم القبانى قنا

امة بل دستورمسبق يحدد مسارات بناءها هى امة من جامعى القمامة والزبالين ولو فيها الف برلمان

عدد الردود 0

بواسطة:

منال غانم

بروفه لدستور مصر بعد 7سنوات

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة