أحمد أبو زريعة يكتب: الانقلابيون الجدد

السبت، 14 يناير 2012 12:58 م
أحمد أبو زريعة يكتب: الانقلابيون الجدد صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يكد يمض عام على ثورة 25 يناير المجيدة التى استطاع من خلالها شعب مصر العظيم التخلص من أعدائه الحقيقيين الذين عاثوا فى الأرض فسادا قبل الثورة والذين هم من بنى جلدتنا لكنهم باعوا الوطن فى سوق النخاسة، وكانت مصر لا تساوى بالنسبة إليهم سوى حفنة دولارات يتحصلون عليها ممزوجة بذل وهوان وعار العمالة للأجنبى، وملطخة بدماء المصريين فكان مصيرهم السقوط الشنيع والسجون والملاحقات القضائية.

لكن الأمر لم ينته عند هذا الحد، حيث ظهرت علينا فئة جديدة هى أقرب للمنافقين، عاشوا فى رغد العيش أيام الحكم البائد وامتلكوا الدور والقصور وفتحت لهم قنوات فضائية تبث أكاذيبهم على الشعب ليل نهار من دون خجل ولا حياء، ويدّعون الآن أنهم من حملة لواء الثورة على الظلم زورا، ويتشدقون بوقوفهم ضد الطغيان بهتانا، فانخدع بهم العامة والبسطاء والمساكين، يتحزبون ويتجمعون على غير هدى، هم العدو فاحذرهم، انكشفت حقيقتهم وبانت هويتهم وافتضحت مخططاتهم وتعرت مؤامراتهم فوضح ما يسعون إليه. إن أخطر ما نواجه الآن هم أولئك، فصيل العبيد والمرتزقة، هؤلاء الذين يريدون اقتناص الحرية التى حصلنا عليها.

مازالوا يقبعون فى برجهم العالى، وينظرون إلى الشعب المصرى النبيل على أنه حفنة من الجهلة والجياع الذين لا يعرفون مصلحتهم، ومازالوا يتعاملون معنا على أننا قطيع من الماشية جُل ما يمكن أن نتطلع إليه كسرة خبز لا تسد الرمق يمنون بها علينا.

أما أن نفكر أو نختار أو نبدى رأيا، فهذا فى عرفهم قمة التخلف وأعلى درجات الجهل والأمية، فالشعب يجب ألا يشغل نفسه بالتفكير فى تقرير مصيره وطلب حريته واختيار نواب منه يمثلونه فى دولة تقوم على المؤسساتية والقانون، فهذه أمور كلها يجب أن تكون فى أيديهم، فهم النخبة والمثقفون والمفكرون، أما نحن فلم نتعلم فى مدارسهم ولم نشرب من مشاربهم ولم نعش على الأرض التى تقلهم أو تحت السماء التى تظلهم.

لم يكن لديهم ما يقدمونه لهذا الشعب بعد ثورته، كما لم يقدموا له شيئا قبلها، انشغلوا بمناقشة أمور تافهة لا تسمن ولا تغنى من جوع، تركوا النضال الحقيقى والعمل وسط الجماهير من أجل توفير لقمة العيش وتحقيق الأمن، وهرولوا خلف سراب وأوهام لا أساس لها، لم تكن أبدا، فى أى زمان ضمن ذاكرة هذا البلد العربى المعروف بقيمه المحافظة وعاداته وتقاليده النابعة من هويته الإسلامية.

الشعب يعانى الجوع والفقر والبطالة وغياب الأمن وانتشار البلطجة وهم يجلسون فى الصالات المكيفة فى الفنادق الفخمة ويخرجون علينا عبر شاشات الفضائيات فقط لينشغلوا بالدستور أولا أو ثانيا، هدم الأضرحة أو بنائها، بيع الخمور وشربها أو تحريمها، ارتداء النساء للنقاب أو تعريتهن، لبس البكينى أو خلعه، فتح شواطئ العُرى أو إغلاقها، تغطية وجه التماثيل أو كشفها، قطع الأذن أو عدم قطعها، اللجنة التأسيسية للدستور يختارها البرلمان المنتخب أو يختارها من لا يمثلون الشعب، مجلس الشعب يشكل الحكومة أم يشكلها المجلس العسكري. مرت الأيام والشهور وهم فى غيهم يعمهون.

حتى اللحظة لم يقتنعوا البتة بأن هناك انتخابات برلمانية قد جرت وخرج لها ملايين المصريين وفق خارطة طريق وافقت عليها الجماهير بأغلبية كاسحة، لم يرضهم ذلك فأرادوا الانقلاب على إرادة الشعب بديلا، لم تكفهم الملايين التى خرجت فى مقابل الآلاف التى يعتمدون عليها، هدفهم واحد يقاتلون من أجله، أن يكونوا السادة والحكام لهذا الشعب، رغم أنف الجميع، ولتسقط كل صور الديمقراطية فى استبداد يفوق كل استبداد وديكتاتورية ما بعدها ديكتاتورية.

أخيرا نقول لهم: كفى سخرية واستهزاء بهذا الشعب الصابر الذى أسقط الظلم والطغيان وأقصى أزلامه وذيوله وفلوله من المعادلة السياسية وأظهر فطنة وحنكة وذكاء غير مسبوق فى قدرته على التفريق والتمييز بين الغث والسمين، وعاشت مصر حرة رغم حقد الحاقدين وكيد الكائدين.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة