طالب السفير عزت سعد، محافظ الأقصر، بأن تكون الذكرى الأولى لثورة 25 يناير لا هى ثورة غضب ثانية، ولا هى احتفالات بما تم إنجازه حتى الآن، وإنما تكون تقابلاً مع المستقبل حيث يقوم العالم الخارجى بمتابعة ما يحدث داخل مصر، مضيفًا أن هذا الجدل له انعكاسات سلبية على واقع السياحة المصرية، مشدداً على ضرورة إصدار تشريع جديد للتعامل مع الأراضى التى حصل عليها أباطرة تجارة الأراضي، لكن مع رسالة للمستثمر العربى والأجنبى تؤكد له أن الثورة المصرية "ثورة شعب ليست ثورة شيوعية".
وقال "سعد"، على هامش لقائه مع محررى السياحة، مساء أمس فى مدينة الأقصر، والذى نظمته غرفة المنشآت الفندقية، إن الاستثمارات قبل الثورة كانت "منيلة بستين نيلة"، كما أن هناك سقفاً فى المرحلة الحالية لجذب السائحين انتظارًا لما تسفر عنه احتفالات 25 يناير القادمة، والتى ينظر إليها الغرب باهتمام شديد، موضحاً أن ذلك يعود إلى طريقة التعامل مع الذكرى الأولى للثورة، و التى تأتى من وجهة نظر البعض باعتبارها "ثورة الغضب الثانية"، فيما يعتبرها البعض الآخر احتفالاً بالثورة.
وأضاف محافظ الأقصر أن الأجانب يرصدون كل كبيرة وصغيرة عن مصر، مؤكداً أن الوضع ليس بالسوء الموجود فى الإعلام الغربى، وأن تأثير مصر يتجاوز بكثير حدودها الإقليمية، قائلاً إن الغرب يرى قوى غامضة صاعدة بشكل غير متوقع، وهى السلفيون، مشيراً إلى أن العضو الفائز عن قائمة حزب النور لم يحضر احتفالات أعياد المسيحيين وهى صورة سلبية.
ونبه "سعد" إلى أن الاحتفال بثورة 25 يناير هو الحد الفاصل بين مرحلتين، مرحلة الفعل الثورى ومرحلة البناء، مقارنًا بين نموذج الثورة التونسية الذى سبق الثورة المصرية بأسابيع قليلة، لكنه سبق النموذج المصرى فى توزيع السلطة، مشيرًا إلى أنه بالرغم من حصول تيار الإسلام السياسى على الأغلبية فى تونس إلا أن الرئيس جاء من اليسار، كما أن هناك صوتاً قوياً صادرًا عن مؤسسات الدولة يحافظ على مدنيتها، بينما الصورة فى مصر ما زالت غير واضحة.
وقال "سعد" إنه لا يستطيع أن يؤكد أو ينفى ظهور رئيس الجمهورية المقبل، مؤكدًا أن إشكالية اختيار رئيس الجمهورية ليست أزمة إذا ما كان لدينا قناعة وإصرار على تنشأ دولة مؤسسات، بما فيها من برلمان يقوم بلعب دوره فى الرقابة والتشريع والمحاسبة، مؤكدًا أنه فى ظل تلك الرؤية فإن جميع المرشحين يصلحون لرئاسة الدولة، وطالب جميع مرشحى الرئاسة بالترفع عن الصغائر.
وانتقد "سعد" أداء القوى المدنية خلال إجراء الانتخابات البرلمانية قائلاً إنها لم تفعل ما عليها لتحصل على العدد الكافى من مقاعد البرلمان، فقد انشغلت تلك القوى بالفضائيات، كما أنها تتحدث بطريقة "تحرق الدم"، وتركت الشارع للإسلاميين، ولم يضعوا فى اعتبارهم أن قوى الإسلام السياسى تعيش فى الشارع منذ 80 عاماً، بينما ما كان مفاجأة حقيقية بالنسبة له هو التيار السلفى الذى لم يكن يتوقع أن يحصد ذلك العدد من مقاعد البرلمان، مؤكداً أنه لا وجود للعلمانية فى مصر لأن العلمانى الحق هو من "طلق الدين بالثلاثة".
وشكك "سعد" فى أن أهالى الأقصر صوتوا بطريقة عقابية، موضحاً أن التيار الإسلامى حصل على 60% فقط فى المحافظة، وهى من أقل المحافظات التى حصل فيها الإسلاميون على أصوات.
فى سياق متصل كشف "سعد" عن أن الأرض التى حصل عليها رجل الأعمال الهارب حسين سالم فى "جزيرة الملوك"، والتى يقع فيها فندق "جولى فيل"، ليست ملك سالم ولا الأهالى من واضعى اليد، لكنها أرض الدولة وسيفصل القضاء فى ذلك، موضحًا أن وضع اليد لا يمنح ملكية، مضيفًا أن واضعى اليد اتفقوا مع حسين سالم، وتم عمل محاضر فى أقسام الشرطة، ولم يوثق ذلك، لأن الأرض ملك الدولة، لكن الأهالى عادوا بعد الثورة لوضع أيديهم على الأرض، معتبرين أن التعويضات التى حصلوا عليها من "سالم" لا تساوى قيمة الأرض، مشيرًا إلى أن قيمة التعويضات بلغت 20 مليون جنيه لمحيط الفندق، وتبلغ تلك المساحة 37 فداناً من المساحة الكلية للجزيرة البالغة 157 فداناً.
وأوضح المحافظ أن القائمين على إدارة الفندق شكوا من مضايقات واضعى اليد، حيث قاموا فى بعض الأوقات بحرق الحشائش، ودخلوا فندق "الجولى فيل" بالمواشى، مما تسبب فى مضايقات للسائحين المقيمين بالفندق، مشيرًا إلى أنه أثناء مرحلة الشد والجذب صدرت القرارات الخاصة بالتحفظ على أموال حسين سالم، وقام السكان الجدد فى ذلك الوقت ببناء المنازل على الجزيرة، مؤكداً أن هذه التعديات ستتم إزالتها، وأن المحافظة تقوم حاليًا بحصرها، لكن الحلول الأمنية لم تعد مناسبة فى مثل هذه النوعية من المشاكل بعد ثورة 25 يناير، وأن المحافظة سوف تبدأ بالتفاوض وبعد استنفاد كافة السبل يمكن اللجوء للحل الأمنى، كما أن قوات الأمن الموجودة حالياً فى المحافظة مشغولة بتأمين العملية الانتخابية بالمحافظات المجاورة، أو بالبحث عن "الحمبولى" وتأمين الطرق والسياح، وهو ما يقف حجراً عثرة أمام تنفيذ الإزالات، وبرغم ذلك تمت إزالة 350 تعدياً، منها 78 على أراضى الدولة، و7 على النيل، و4 إزالات رى وصرف، و80 إزالة مبانى مخالفة.
وأكد "سعد" أن حالة جزيرة الملوك ليست الوحيدة، وأن هناك تعديات صارخة على النيل من فنادق 5 نجوم أيضاً، ودعا إلى ضرورة وجود تشريع لإعادة الأراضى التى استولى عليها أباطرة الأراضي، وضرورة وجود دراسة تضمن حق عودة الدولة مع الحفاظ على حقوق المستثمر الجاد الذى لا يحتال ليأخذ الأرض، أما جزيرة الملوك فيجب إعادة تسعيرها إذا كانت الدولة ترغب فى بيعها من الأساس.
وطالب "سعد" بضرورة عدم وضع المستثمرين فى كفة واحدة، مشددًا على ضرورة أن نبعث برسالة للمستثمر الأجنبى والمحلى مفادها أن الثورة فعل عظيم كنا فى انتظاره حتى ينعم المواطن بحقوقه، كما أننا نحترم الملكية الخاصة ونشجع الاستثمار مؤكدين على أن ثورتنا ليست شيوعية.
وقال "سعد" إن التجربة المريرة مع السياحة، والضربات المتلاحقة لها، علمتنا ضرورة تنوع موارد الاقتصاد والاهتمام بالظهير الصحراوى، ووجه التحية لأصحاب المنشآت السياحية الذين حافظوا على العمالة برغم الظروف التى يمرون بها، مشيراً إلى أن إيرادات معبد الكرنك وحده تصل إلى مليار دولار، وأن تأمين المواقع الأثرية وجذب السياحة من المشاكل التى تؤرقه، لافتًا إلى البدء فى إعداد دراسة لتأمين الأماكن الأثرية بتكلفة 50 مليون جنيه.
محافظ الأقصر: الاستثمارات قبل الثورة كانت "منيلة بستين نيلة"
الجمعة، 13 يناير 2012 04:01 م