فى الوقت الذى تستعد فيه وزارة الإسكان لطرح 60 ألف وحدة من مشروع الإسكان الاجتماعى الجديد، "مشروع المليون وحدة سكنية"، على شركات المقاولات ضمن مناقصة عامة، وهو ما يتطلب توفير موارد مالية لكى تتمكن الوزارة من إسناد أعمال إنشاء هذه الوحدات للشركات لبنائها كمرحلة أولى من المشروع، أرجأ الدكتور فتحى البرادعى، وزير الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية، قبول المبادرات التى تقدم بها عدد من رجال الأعمال للتبرع لهذا المشروع.
وقال مصدر مسؤول بالوزارة لـ"اليوم السابع"، إن الوزارة يمكنها قبول مثل هذه المبادرات، ولكن بعد إنشاء ما يسمى بـ"صندوق السكن الاجتماعى"، والذى تتضمن موارده قبول الهبات والتبرعات، لأنه فى ذلك الوقت سيمنح المتبرع كشفًا بالأسماء التى سيسدد مقدم حجز الوحدة عنهم، ووقتها يمكن أن نتبنى فكرة توجيه أموال الزكاة إلى مشروعات الإسكان الاجتماعى، ولكن فى الوقت الحالى يصعب قبول ذلك، بالرغم من حضور عدد من رجال الأعمال إلى مقر الوزارة، وعرضهم شيكات فورية للتبرع بالمشروع، إلا أنه تم إرجاء ذلك فى الوقت الحالى.
وأضاف المصدر، أن ما بادر به عدد من رجال الأعمال، من خلال المساهمة فى تنفيذ هذا المشروع "القومى" لتوفير مليون وحدة سكنية لمحدودى الدخل، يعتبر جزءًا من الدور الاجتماعى الذى يرغب رجال الأعمال فى تأديته تجاه الدولة، لذا أراد البعض منهم توظيف هذا الدور فى المساهمة لتنفيذ مشروع الإسكان الاجتماعى الجديد، ولكن فى صورة تبرعات منهم أو مساهمات لمن لا يستطيعون سداد ثمن هذه الوحدات، حتى إذا كان زهيدًا، من المواطنين محدودى الدخل والمستهدفين من تنفيذ هذا المشروع.
وأكد المصدر أن صندوق "السكن الاجتماعى" سينشأ من خلال قانون الإسكان الاجتماعى الذى صدر مرسوم به منذ عدة أشهر، بعد أن وافق عليه مجلس الوزراء "مبدئيا" برئاسة الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء السابق، ولكن من المنتظر أن يناقش هذا القانون فى مجلس الشعب المقبل، ليصدر رسميًا من خلال القنوات التشريعية المخصصة لذلك، على أن يتم بعدها إنشاء الصندوق، وإمكانية قبول مبادرات رجال الأعمال وقتها كأحد موارد الصندوق "بند الهبات والتبرعات"، لافتًا إلى أن البدء فى تمويل المرحلة الأولى من المشروع غير مرهون بهذه المبادرات، أو بإنشاء الصندوق بشكل عام، حيث تتوافر الموارد المالية اللازمة للبدء فى المرحلة الأولى للمشروع، أو الـ60 ألف وحدة التى سيتم طرحها على شركات المقاولات قريباً.
وقال المصدر "تنفيذ وحدات المشروع فى السنة الأولى فقط خلال العام الجارى لا يتطلب أكثر من 8 مليارات جنيه، وهو ما يتوفر من موازنة الدولة العامة"، مضيفًا أن الوزارة أعدت دراسة تمويلية جيدة وفرت من خلالها ما يحتاجه تنفيذ المشروع بأكمله من موارد مالية، دون التطرق لمبادرات رجال الأعمال، حيث اعتمدت هذه الدراسة على ما توفره موازنة الدولة، بخلاف ما سيتم توفيره من عائد بيع أراضى المزادات، وحصة شركاء التنمية التى توفرها وزارة التعاون الدولى، مؤكدًا أن كل هذه الموارد تكفى لتنفيذ المشروع بالكامل، "المليون وحدة سكنية"، على مدار الخمس سنوات المقبلة، دون التطرق لأى تبرعات أو مبادرات.
ومن جانبها وصفت مصادر مطلعة بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، التابعة لوزارة الإسكان، لجوء عدد من رجال الأعمال إلى هذه الاقتراحات لتوظيف دورهم الاجتماعى تجاه الدولة، بالآلية التى تحاول الشركات العقارية الاعتماد عليها للرجوع إلى السوق العقارية، لذا قرر البعض منهم البدء بالدور الاجتماعى للدخول إلى السوق مرة أخرى بعد حالة الركود التى شهدها سوق العقارات طوال العام الماضى، أى منذ أحداث ثورة يناير وحتى الآن.
وقالت المصادر لـ"اليوم السابع"، إن هناك توقعات لدى عدد كبير من رجال الأعمال بأن المساهمة فى مثل هذا المشروع، حتى إن لم تكن مباشرة من خلال تنفيذ عدد من الوحدات ضمن المشروع، ولكن من خلال دور اجتماعى فقط، ستساعدهم فى استرداد ثقة العملاء فى شركاتهم مرة أخرى، بحيث يكون المستثمر قدم دورًا اجتماعيًا للدولة يساعد به محدودى الدخل، ومن ناحية أخرى يسترد به ثقة العملاء من متوسطى الدخل والقادرين على التعامل مع شركته العقارية، خاصة أن الفترة الأخيرة الماضية، سواء التى سبقت أحداث ثورة يناير أو التى تلتها، حدث بها نوع من اهتزاز الثقة بين العملاء وعدد من الشركات العقارية التى اتُهمت بـ"الفساد وعدم الالتزام".
وفى سياق متصل، ذكر عدد من التقارير الإحصائية أن خسارة القطاع العقارى بعد الثورة تقدر بـ 2.5 مليار جنيه، بسبب الركود وتراجع المبيعات، مشيرة إلى أن مصر تحتاج سنويًا إلى توفير نحو 3 ملايين وحدة سكنية للإسكان المتوسط ومنخفض التكاليف، وأشارت التقارير أيضًا إلى أن القطاع العقارى وحده يمثل 16% من إجمالى الدخل القومى، مضيفة أن الشركات العقارية الكبرى تستحوذ على 60% من السوق العقارى المصرى، كما أوضحت التقارير الإحصائية فى بياناتها، التى أعدت لتقييم فترة ما بعد الثورة بالنسبة لسوق العقارات، أن السوق العقارى حاليًا يخيم عليه منذ أحداث الثورة حالة من السكون والترقب فى ذات الوقت من قبل البائعين والمشترين لاستقرار الأوضاع.. يذكر أن فى مصر نحو 3.5 مليون عقار.
"الإسكان": لم نتلق أى تبرعات للمشروع القومى الجديد.. ومسؤول بالوزارة: قبول مبادرات رجال الأعمال مرهون بإنشاء "صندوق السكن".. والشركات تلعب على وتر "الدور الاجتماعى"
الجمعة، 13 يناير 2012 04:36 م