ينبغى علينا أن نحيى المجلس العسكرى لمؤازرته ثورة 25 يناير"، كان هذا نص سؤال ترجم إلى الإنجليزية خلال امتحان اللغة الإنجليزية مستوى رفيع لطلاب القسم الأدبى فى الصف الثانى الثانوى الأزهرى، بداية الأسبوع الجارى. وسبقه وضع سؤال تعبير إجبارى فى مدرسة أبو صير الثانوية بمحافظة البحيرة، حول توجيه رسالة للمجلس العسكرى يشكرونه فيها على حمايته للثورة من كل العملاء والطامعين.
بعد النظر فى الواقعتين، لا نملك سوى إبداء الدهشة والحسرة معا، لأنهما يظهران أن النفاق للسلطة أصبح داء عضالا ندعو المولى عز وجل أن يكتب لمصر الشفاء منه فى القريب العاجل، وهناك فى الوسط التعليمى من يصر على تعليم الصغار منذ نعومة أظافرهم وجوب منافقة السلطة والتقرب إليها، مثلما كان الحال فى عهد حسنى مبارك. فالمناهج التعليمية فيما مضى كانت موظفة بشكل بالغ السوء للترويج لبطولات وانتصارات الحاكم وتمجيدها، فبقدرة قادر انقلب نصر السادس من أكتوبر من عمل بطولى جماعى وقرار الحرب الشجاع الذى اتخذه الرئيس الراحل أنور السادات، إلى انتصار فردى لمبارك قائد القوات الجوية آنذاك، وتوجب على كل من يتحدث عن أكتوبر أن يختزلها فى الضربة الجوية، فلا مجال ولا مساحة لقادة الأفرع الأخرى التى حاربت العدو الإسرائيلى، وساهمت فى تمكين قواتنا من عبور خط بارليف.
فالشخصنة باتت هى السائدة فرئيس الوزراء حينما يتكلم لابد أن يبدأ بالإشارة إلى أنه فى سياق حرص السيد الرئيس على محدودى الدخل تقرر كذا وكذا، وعندما يخاطب مسئول صغير فى هذه الجهة أو تلك عليه أن يشير بدوره لمجهودات وعطاء وتفانى السيد الوزير، وإن لم يفعل ذلك فإنه يطرد من جنة السلطة إلى جحيم الاستبعاد والحرمان من عطايا ومميزات المناصب الرسمية. ومن الأسف أن كل آفات الشخصنة ومصائبها نقلت إلى المناهج التعليمية، حيث جرى تعديلها وتفصيلها على مقاس الجالس على كرسى الحكم فى مصر الجديدة، وأضيف لمساوئ نظامنا التعليمى المتخلف فكرة الخنوع والخضوع للسلطة، حتى لو كانت فاسدة فما يهم هو السير مع القطيع، مما عطل ملكة التفكير المستقل لدى غالبية الطلبة فى المراحل المختلفة، وانحصر همهم الأزلى فى حفظ صفحات من الكتب المقررة عليهم وسكبها على ورقة الإجابة وتبخرها من أذهانهم فور الخروج من لجنة الامتحان، وكانت النتيجة المباشرة تراجع المستوى التعليمى وتصنيف جامعاتنا عالميا وعدم اعتراف الدول الأخرى بشهاداتنا ودرجاتنا العلمية.
وكنا نحسب أن الثورة سوف تغير فى عقلية الذين اسند إليهم مسئولية تصحيح العملية التعليمية، وأنهم سيحاولون ما استطاعوا تخليص التعليم من سوءاته، وأن يفتح الأبواب المغلقة أمامهم للتعبير عن ذاتهم وما يدور فى عقولهم بحرية دون تقييده بالانحياز لطرف على حساب آخر. ويا عزيزى ومع تقديرى التام للدور الذى لعبه المجلس العسكرى، فإنه ما كان يجب صياغة الأسئلة بهذا الشكل الفج فى نظرى، فالذى وضعه لا ينتظر سوى عبارات إطراء وإشادة وتبجيل، واسأله: هل إذا تحدث بعض الطلاب عن أخطاء المجلس فى إدارة المرحلة الانتقالية وقتل المتظاهرين فى ماسبيرو وشارع مجلس الشعب سيجيزها أم أنه سيعتبرها الجواب الخاطئ ويحرمهم من درجة النجاح؟ ويا أهل التعليم رفقا بمصر وشبابها واحرصوا على تدريبهم على حرية الرأى وليس نفاق السلطة على طول الخط.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
انسان
الترجمة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد الجزيري
النفاق عام يا أستاذ محمد إبراهيم الدسوقى