كان نظام مبارك يصور مصر وكأنها كورنيش النيل والأهرامات فحسب، بينما تنخر العشوائية والإهمال والقمامة فى شوارعنا ومدننا وقرانا، وهو نوع من أنواع التزوير الفاضح الذى أسسه النظام السابق، الذى أكدت الأحداث والوقائع أنه لم يصبح «سابقاً» بعد، فالأمر نفسه يتكرر الآن، حينما تصر وسائل الإعلام التابعة للمجلس العسكرى سواء كانت رسمية أو خاصة، على إظهار الصورة الإيجابية للانتخابات وتمارس نوعا من الإرهاب الشعبى على كل من يعارض وجهة نظرهم.
هنا يجد الواحد نفسه أمام خيارين: الأول أن يتعامى مع المتعامين، ويكون بذلك خائنا لوطنه وقلمه ودينه ومستقبله وحاضره وتاريخه، والثانى أن يصيح ويشير وينبه ويصارح بما يرى ويسمع ويقرأ، وبذلك يصدم قاعدة عريضة، لأنه يتكلم على غير هواها، ولأنى أؤمن بأن الصدمة أحياناً تكون أكثر إفادة، وأؤمن أيضاً بأن العمليات الجراحية برغم ما تسببه من ألم تكون ضرورة حتمية للإبقاء على الحياة فى كثير من الحالات، فإنى اخترت الحل الثانى، وبناء عليه أرى الآن أن حالنا يشبه بطل النكتة التى تروى أن رجلا ذهب إلى بيته ورأى على سريره رجلاً غريباً، فخرج من بيته وهو يضرب رأسه بيديه وهو يقول «الشك هيقتلنى».
الشك هيقتلنى إذن هو شعار المرحلة، فمند بداية الانتخابات حرص المجلس العسكرى على ألا يطبق قانون العزل السياسى والذى كان من تبعاته عزل قيادات الداخلية، التى تحترف تزوير الانتخابات واللعب بإرادة الناخبين، وكذلك استبعدت لجنة الانتخابات قضاة المنصة من الإشراف على الانتخابات وجلبت أعضاء النيابات الإدارية والعامة ومحامى الدولة، لتشرف على الانتخابات بما يهدد سير العملية الانتخابية برمتها، وحينما اشتكى الناس من انحياز بعض القضاة لم يتم التحقيق فى الأمر، وحينما رصد المراقبون أن هناك أصواتا تضاعفت فى الصناديق عن مثيلتها فى الكشوف وذهب ناخبون للإدلاء بأصواتهم، فوجدوا غيرهم صوتوا بدلا منهم قلت «الشك هيقتلنى» وحينما رأت السلطات كيف أن بعض الجماعات تقدم الرشاوى الانتخابية مدموغة بشعارها «عينى عينك» ولم تفعل شيئاً، قلت «الشك هيقتلنى» وحينما تكررت وقائع تسويد البطاقات الانتخابية واستخدمت بعض الأحزاب والتيارات الدعاية فى فترات الصمت الانتخابى، واستخدموا دور العبادة من كنائس ومساجد، واستخدموا الورقة الدوارة، وسمحوا بتصويت المنتقبات أكثر من مرة، قلت «الشك هيقتلنى» كل هذا فى كوم وما نشرته جريدة «الفجر» فى التحقيق الذى أجراه الزميل عبد الفتاح على، مؤكدا أن الحكومة سمحت باستخراج أكثر من بطاقة رقم قومى لشخص واحد، بما يتيح أن تتكرر الأسماء فى الكشوفات الانتخابية بالشكل الذى يحدث فارقا فى التصويت، يقدر بعشرات الآلاف فى كل دائرة ويقدر بتسعة ملايين صوت فى مصر كلها، فلا مفر من إعلان أن الشك قتلنى خلاص.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
مش مظبوط
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد ماهر
زصنا
عدد الردود 0
بواسطة:
dr _hatem
ريحونا منكم
عدد الردود 0
بواسطة:
أمل
لا تعليق
!!!!!
عدد الردود 0
بواسطة:
واحد مش اخواني ....بس فاهم بلده وولاد بلده جيدا!
هل تعرف بلدك وولاد بلدك جيدا!!
عدد الردود 0
بواسطة:
ناصر
الشعب لم يصنع الثورة من أجل الاخوان والسلفيين
عدد الردود 0
بواسطة:
واحد كدة
مفيش فايدة
حجة البليد
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
ان شاء الله الشك هاينتصر عليك وهايقتلك ... عشان نستريح من مقالاتك
عدد الردود 0
بواسطة:
صامتة للحياة
لا داعي للشك