لن تنجح حكومة الجنزورى، لو طبطبت على الناس فى الشارع، والشارع لم يعد فى حاجة إلى مزيد من الطبطبة التى تؤدى إلى مزيد من الانفلات، والانحراف باسم الحريات، والثورة، والحاجات والمحتاجات.
فالذى أسقط حكومة شرف هى "الطبطبة"، والانفلات تعاظم، بعدما تعاطى الدكتور شرف مع فساد قطاعات فى الشارع، بوصفها إرهاصات ثورة، مع أن الثورات لاتقطع الطرق، ولا تخطف القاصرات، ولا تطلب أموالاً نظير إعادة أطفال مخطوفين، وسيارات تم الاستيلاء عليها، بلا وجه حق.
كلام وزير الداخلية الجديد عن سياسته لإعادة الأمن عين الصواب. إعادة الأمن للشارع تتطلب أن يكون المواطن بريئاً حتى تثبت سوء نيته. وبعد سوء النية، يأتى دور الردع، لا الطبطبة.
المواجهة مطلوبة، واللواء محمد إبراهيم مبشر. فالرجل قال: إنه سيلعب دور الشرطى، كما ينبغى للشرطة أن تكون، لا كما يريدها البعض على الكيف والمزاج.
لإعادة الأمن طرق معروفة، غير تلك التى ينادى بها بعض الناشطين. الأيام والنتائج أثبتت أن الخيال فى "ندوات المثقفين" شىء، والواقع فى التعامل مع قطاع الطرق، ومعتادى الإجرام، والذين ركبوا على الثورة، داعين إلى القضاء على الفساد، ثم تبين أنهم يريدون أن يفسدوا.. هم شىء آخر.
لن يتأتى أمن لو التفتت الحكومة الجديدة لدعوات الناشطين والمثقفين، وآمال ندوات وسط البلد، ومراكز طلعت حرب الثقافية. أكثرهم يرفع شعار هيكلة وزارة الداخلية، ومعنى الهيكلة كما يبدو، أن يتعامل ضابط الشرطة مع الانفلات والنزق، باعتبارهما وجهين للحرية، والتعبير عن الرأى.
ليست هذه دعوة لجبروت الشرطة. لكن فى الوقت نفسه، لايمكن مطالبة الشرطة بالعودة للشارع، فى حين تبدو مطالبات كثيرا من الناشطين، أهم عوائق عودتها للشارع.
لا يمكن أن تطلب من الشرطة التواجد، بينما تحفز الرأى العام ضدها، وتصف الضباط والأفراد بالخونة، واتباع النظام السابق، ورجال العادلى. فالنتيجة أن الشارع لم يجد غضاضة فى ضرب الضباط، مثلما كسَر منصات محاكم، قضت بأحكام لم تروقه، وكانت الحجة، عدم قبول أحكام القضاء إلا بعد تطهير القضاء.
دعاوى "تطهير القضاء" مثلها مثل دعاوى "هيكلة الداخلية"، مبهمة التفاصيل، وربما حق يراد به باطل. مهم التـأكيد على أن أحداً ليس ضد أن تتم بالفعل جبر أخطاء وخطايا، وتعديل ما يستوجب التعديل داخل مؤسسات الدولة، لكن المطلوب أن يتم هذا فى إطار الدولة، ليس فى طريق الخروج عليها، وسحق هيبتها.
لن تقام دولة قانون، إلا إذا كف الشارع عن مقاومة أحكام القانون، لأسباب من عندياته، وتفسيرات من لدنه.
فلم يحدث فى التاريخ، أن خرج خصمان من أمام القاضى مجبورين الخاطر. فالقضاء يفصل كما يرى، لا كما يريده المتخاصمون أن يرى.
لذلك ليس منطقيا، دفع البسطاء إلى الاعتراض على الأحكام، بدعوى الثورة، والفورة، وتعلقا بشماعات، اتضح أنها ليست صحيحة، وأنها أول الطريق إلى "اللا عودة".