يحتدم الخلاف والجدل هذه الأيام بين كل القوى السياسية حول مستقبل الدولة فى مصر، خاصة بعد قيام ثورة 25 يناير والتغيير الذى يجب أن يحدث خلال الفترة المقبلة، ومن هذا المنطلق أقول: لا وجود للتغيير السياسى دون حدوث تغيير أولا فى تفكيرنا.
نعم هذه هى الحقيقة
لن يتغير حالنا إلا إذا تغيرنا نحن، هذه هى سنة الله ولن تتبدل بالأمنيات والأحلام لن يتغير الواقع إلا إذا تغيرت النفوس التى تحيا هذا الواقع، لذا فنحن فى حاجة إلى عقول بلا خوف، إن العجز الذى نعيشه ليس بسبب خلل فى قيمنا وتصوراتنا، وإنما هو فى حالة الانفصام التى نعيشها مع قيمنا، فالتطبيق العملى للقيم التى نملكها يكاد يكون معدوماً، والخروج من هذا المأزق هو ليس بالتخلى والانفلات من عقيدتنا وقيمنا، وإنما بتنقيتها من الشوائب وتصفيتها مما أصابها من تصورات دخيلة.
إننا لا نعانى من نقص القدرات أو العقليات المتميزة، ولكننا نعانى من القيود الحقيقية والوهمية التى تحجم من قدرة العقول الجادة على الانطلاق بالأمة إلى الأمام، لن نخطو إلى الأمام إلا إذا تحررت العقول من عقد التردد نحن فى حاجة ماسة وملحة لعقول واعية متحررة لا أعنى هنا بالتحرر من القيود الانفلات من ضوابط الأخلاق لا أو الانقلاب على العادات والقيم لا، ولكننى أعنى التحرر من الجبن والخوف والتخلف ومن التسليم بواقع مريض، نحن بحاجة إلى عقول قادرة على صياغة حياة حقيقية وحضارة حقيقية نملكها نعيشها وتمثلنا وتعبر عن ثقافتنا، عقول بلا خوف هى الطريق إلى اليوم الذى لا ترتبط فيه أمتنا وديننا وحضارتنا بالفقر والجهل والمعاناة والاضطهاد والإرهاب والتطرف. عندها فقط يمكن لأجيال المستقبل أن تحيا حياة تجمع بين الحضارة الحقيقية، وبين الحفاظ على الثقافة والعادات والقيم ونحن بحاجة إليهم معاً لنحافظ على هويتنا ولنلحق بركب الأمم المتقدمة التى ترقى بالإنسان والمجتمع معاًً، وتحفظ كرامة الفرد وللحصول على هذا المستقبل الواعد نبدأ بالتخلص من الخوف والنفاق والتحرر من القيود الوهمية التى تعوق انطلاق العقل إلى آفاق التجديد والتطوير.
يجب أن نكره أن تقيد عقولنا لأى سبب وتحت أى مبرر، وكما أن الإنسان العاقل يدرك أن الحرية مرتبطة بانضباط أخلاقه وقيمه وعلاقته بالآخرين، فالإنسان العاقل يدرك أيضاً أن حرية عقله مرتبطة بحسن استخدامه لهذا العقل بما يفيد النفس والغير وهذا ما جاء به القرآن الكريم وجاءت به الأديان.
إن العقل الحر هو فقط العقل القادر على الإبداع والتميز أما العقول المقيدة فهى كالأبدان المقيدة طاقات معطلة.. وأعباء على أصحابها ومجتمعاتها، ولذلك فنحن فى حاجة إلى عقول حرة.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مارى سمير
مقالة جميلة
عدد الردود 0
بواسطة:
جاسر هنية
بالتوفيق