قال الرئيس السورى بشار الأسد، إن هناك تدخلاً خارجياً فى الشأن السورى، موضحاً أنه "عندما نقول الخارج عادة يخطر ببالنا الخارج الأجنبى.. مع كل أسف أصبح هذا الخارج هو مزيج من الأجنبى والعربى، وأحيانا وفى كثير من الحالات يكون هذا الجزء العربى أكثر عداءً وسوءًا من الجزء الأجنبى".
وأكد الأسد فى خطاب له، اليوم الثلاثاء، أن الدول العربية ليست واحدة فى سياستها تجاه سوريا. وقال "لو اتبعنا الدول التى أعطتنا النصائح لعدنا إلى الخلف"، وأضاف أن خروج سوريا من الجامعة العربية وتعليق عضويتها ليس قضية، متسائلا "من يخسر.. الجامعة أم سوريا؟"، كما أكد أن الجامعة بلا سوريا تصبح عروبتها معلقة. وتابع أن سوريا لن تغلق أى باب على أى مسعى عربى طالما أنه يحترم سيادتها واستقلالية قرارها.
وأضاف "الدول العربية ليست واحدة فى سياساتها.. هناك دول حاولت خلال هذه المرحلة أن تلعب دورًا أخلاقيًا موضوعيًا تجاه ما يحصل فى سوريا.. هناك دول بالأساس لا تهتم كثيرًا بما يحصل بشكل عام.. يعنى تقف على الحياد فى معظم القضايا.. وهناك دول تنفذ ما يطلب منها".
وتابع: "الغريب أن بعض المسئولين العرب معنا فى القلب وضدنا فى السياسة وعندما نسأل لماذا.. يقول أنا معكم ولكن هناك ضغوطًا خارجية.. يعنى هو إعلان شبه رسمى بفقدان السيادة.. ولا نستغرب أن يأتى يوم تربط الدول سياساتها بسياسات دول خارجية على طريقة ربط العملة بسلات عملات خارجية.. وعندها يصبح الاستغناء عن السيادة هو أمر سيادى". واتهم الأسد وسائل إعلام بتشويه صورة سوريا قائلا: "هناك أكثر من ستين محطة تلفزيونية فى العالم مكرسة للعمل ضد سوريا.. البعض منها يعمل ضد الداخل السورى والبعض منها يعمل لتشويه صورة سوريا فى الخارج".
وأوضح "إحدى المحاولات التى تعرفونها هى ما قاموا به معى شخصيًا بمقابلتى مع إحدى القنوات الأمريكية وعندما شاهدت نفسى كدت أصدق ما أقوله.. فإذا كانوا قادرين على إقناعى بالكذبة ما هو الوضع بالنسبة للآخرين.. لحسن الحظ كان لدينا نسخة أصلية". وتابع: "هم يهدفون إلى شىء وحيد.. أرادوا أن يصلوا إلى رأس الهرم فى الدولة لكى يقولوا.. إن هذا الشخص يعيش فى قوقعة.. لا يعرف ما الذى يحصل.. وليقولوا إذا كان رأس الهرم يتهرب من المسؤولية ويشعر بالانهيار".
ومضى يقول "هذا الكلام الذى تعرفونه يعنى بما معناه الرئيس يتخلى عن المسؤولية.. هذا ما يحاولون تسويقه.. نقول لهم خسئتم لست أنا من يتخلى عن المسؤوليات". وقال الأسد: إن الشعب السورى منذ الأيام الأولى قطع الطريق عليهم وعلى أزلامهم وعندما صعقتهم وحدة شعب سوريا حاولوا تفكيكها وتفتيتها باستخدام سلاح الطائفية المقيت بعد أن غطوه برداء الدين الحنيف.
وقال الأسد: إن "الدور العربى الذى رأيناه الآن بشكل مفاجئ لا نراه عندما تكون هناك أزمة أو ورطة بدولة عربية ما.. لكن نراه بأفضل حالاته عندما تكون هناك ورطة لدولة أجنبية.. لدولة كبرى.. وغالبًا ما يكون إنقاذ تلك الدولة من ورطتها على حساب دولة أو دول عربية وغالبًا ما يكون من خلال تدمير دولة عربية". وأضاف الأسد "هذا ما حصل فى العراق وليبيا وهذا ما نراه الآن فى الدور العربى تجاه سوريا.. فبعد أن فشلوا فى مجلس الأمن لعدم إمكانية إقناع العالم بأكاذيبهم كان لا بد من غطاء عربى وكان لا بد من منصة عربية ينطلقون منها فهنا أتت هذه المبادرة".
وتابع: "أنا من طرح المبادرة وموضوع المراقبين خلال لقائى مع وفد الجامعة العربية منذ عدة أشهر.. قلنا طالما أن المنظمات الدولية أتت إلى سوريا واطلعت على الحقائق وكان هناك رد فعل إيجابى على الأقل يطلع على الأمور.. نحن لا نقول الأمور كلها إيجابية.. يرون الإيجابى ويرون السلبى ونحن لا نريد أكثر من معرفة الحقيقة كما هى.. فالأحرى بالعرب أن يرسلوا وفدًا لكى يطلع على ما يحصل فى سوريا".ومضى يقول "طبعا لم يكن هناك أى اهتمام بهذا الطرح (وفد المراقبين) الذى طرحته سوريا.. فجأة بعد عدة أشهر نرى بأن هذا الموضوع أصبح محل اهتمام عالمى.. ليس اهتمامًا مفاجئاً بما طرحناه على الإطلاق وإنما لأن المخطط بدأ من الخارج تحت هذا العنوان".
وواصل الرئيس السورى بشار الأسد هجومه على جامعة الدول العربية قائلا: "لماذا بدأوا المبادرة العربية.. نفس الدول التى تدعى الحرص على الشعب السورى كانت فى البداية تنصحنا بموضوع الإصلاح.. طبعا هى لا يوجد لديها أدنى معرفة بالديمقراطية وليس لها تراث فى هذا المجال ولكن كانوا يعتقدون بأننا لن نسير باتجاه الإصلاح وسيكون هناك عنوان لهذه الدول لكى تستخدمه دوليا بأن هناك صراعا داخل سوريا بين دولة لا تريد الإصلاح وشعب يريد أن يصلح أو أن يتحرر أو ما شابه".
وأضاف :" عندما قمنا بالإصلاح كان هذا الشىء مربكا بالنسبة لهم فانتقلوا إلى موضوع الجامعة العربية أو المبادرة العربية.. والحقيقة لو أردنا أن نتبع هذه الدول التى تعطينا نصائح فعلينا أن نعود باتجاه الخلف على الأقل قرناً ونصف القرن".وتابع: "بالمحصلة كان رد الفعل العربى أو الشعبى فى سوريا تجاه موضوع الجامعة العربية الغضب.. كان رد الفعل الشعبى غضبا واستياء واستغرابا.. لماذا لم يقف العرب مع سوريا بدلاً من أن يقفوا ضدها .. الجامعة هى مرآة لحالتنا العربية المزرية فإذا ما كانت قد فشلت خلال أكثر من ستة عقود فى إنجاز موقف يصب فى المصلحة العربية فلماذا نفاجأ بهم اليوم".
وقال الرئيس السورى: "لا يمكن إجراء أى إصلاحات داخلية دون التعامل مع الوقائع على الأرض، البعض تحت ضغط الأزمة يتحدث عن اللجوء لأى حل إلا أنه لا يجوز فيمكن أى حل أن يؤدى بالبلاد إلى الهاوية وإلى تعميق الأزمة". وأشار إلى أن "عملية الإصلاح الداخلى ستتم عن طريق الإصلاح السياسى ومكافحة الإرهاب الذى انتشر مؤخرًا بشكل كبير".
وأوضح أنه على علم بالكثير من الحوارات التى تدور فى الخارج بشأن الوضع فى بلاده، مؤكداً أن لا أحد يهتم بعدد الضحايا أو بالإصلاح ولكن الكل يتحدث عن سياسة سوريا. وتابع "أن المخططات الخارجية لا ترغب فى الإصلاح، لأن ذلك يعنى أن تصبح سوريا أقوى وذلك يعنى تكريس النهج السورى ولكننا نعلم أن هذا النهج مكروه فى الكثير من الدول".
وأشار الأسد إلى أنه رغم الظروف التى تمر بها البلاد إلا أنه صمم على رفع حالة الطوارئ، مؤكدا عدم إصدار أى أوامر بإطلاق النار على أى مواطن، مضيفاً أن القانون لا يسمح بإطلاق النار إلا فى حالة الدفاع عن النفس أو التعامل مع شخص مسلح. وقال الرئيس السورى بشار الأسد، إن حكومته انتهت من إعداد قانون الإعلام، مضيفاً أن هناك طلبات جاهزة لمحطات تلفزيونية وصحف وغيرها، كما صدر قانون الانتخابات، مؤكدًا أن هذا القانون هو الفيصل فى كل شىء فى هذا البلد.
كما برر الأسد تأخر إصدار قانون مكافحة الفساد بسبب إعادته للحكومة لأنه ألغى هيئة التفتيش، موضحا أنه طلب من الحكومة مراجعة قانون مكافحة الفساد وتدرس تحديد نقاط تتعلق بهيئة التفتيش"، مشددا على أنه "لا يمكن مكافحة الفساد دون أن يكون هناك تنظيم إدارى ووعى شعبى.كما أعلن الأسد أن استفتاء على دستور جديد لسوريا سيجرى فى مارس المقبل، يليه انتخابات تشريعية، مضيفًا أنه بناء على تاريخ الاستفتاء، ستجرى انتخابات تشريعية فى مايو أو يونيو المقبلين.
وأكد الرئيس السورى أن انتخابات مجلس الشعب مرتبطة بالدستور الجديد وسيعطى الوقت للقوى السياسية الجديدة لتؤسس نفسها. وبشأن حكومة الوحدة الوطنية، قال إنها ستتم بمشاركة أطياف المعارضة التى تعنى قاعدة شعبية وحالة مؤسساتية تظهر من خلال الانتخابات، منوها بأنه لا توجد لدينا الآن أية معايير لتحديد قوى المعارضة ونسبة مشاركتها وأن الحكومة السورية يجب أن تكون موسعة تضم تقنيين و سياسيين.
وشدد الأسد على أن المعارضة لابد أن تكون وطنية ولا تأخذ أوامرها من الخارج، منوهاً بأن عدداً من قوى المعارضة ليست مستعدة للحوار وأنه لا يوجد أى اعتراض على الحوار مع كافة أطياف المعارضة، مؤكداً أن سوريا فى حاجة إلى كل أبنائها الصادقين بغض النظر عن الانتماءات السياسية.
وأردف الرئيس السورى بشار الأسد قائلا: "إن ما يجرى فى سوريا جزء مما هو مخطط له فى عشرات السنين، مؤكدا على أنه لا تهاون مع الإرهاب ومن يستخدم السلاح الآثم لإثارة البلبلة والانقسام ولا تسوية مع من يتواطأ مع الأجنبى ضد الوطن، منوها بأنه لا يمكن للثائر أن يكون لصا وجبانا ويغلق المدارس ويستخدم شعارات تفتيتية وأن كل من يشارك فى الفوضى الآن فهو شريك فى الإرهاب وفى سفك الدماء السورية".
وأشار الأسد إلى أنه حتى نهاية عام 2011 بلغ عدد القتلى من الأساتذة والعاملين فى الكادر التربوى 30 شخصاً وعدد المدارس التى خربت قارب الألف مدرسة. وأردف الأسد قائلا: "إن من نقاط قوتنا الموقع الاستراتيجى وأن حصار سوريا يتطلب حصار المنطقة كما أن الغرب ليس حبل النجاة لنا".
وتابع الأسد قائلا: إن "دماء الشهداء أساس صمود الوطن والمنارة التى تضئ طريق الأجيال المقبلة لبناء سوريا المستقبل، والمجد إلى الشعب الأبى الذى يرفض الانكسار فى عصر الانهيار ويقول لأعدائه هيهات منا الهزيمة فبك يا أيها الشعب نصمد ونستمر وننتصر".
الأسد يتوعد "القتلة" بـ"الضرب بيد من حديد".. ويتهم أطراف "إقليمية" بالمتاجرة بدماء السوريين.. ويؤكد: لم نصدر أوامر بإطلاق النار على أى مواطن.. وعروبة الجامعة بدون سوريا "معلقة"
الثلاثاء، 10 يناير 2012 04:10 م