أغلق مقهى ريتشموند الأسطورى، كما يطلقون عليه فى الأرجنتين، أبوابه على حين غرة وبلا مقدمات، واختفى من ممشى فلوريدا الواقع فى قلب العاصمة الأرجنتينية، وتوقف المقهى الشهير عن استقبال رواده، ليخلى المكان لمحل ملابس رياضية تابع لشركة أمريكية منتشرة فى كافة أنحاء العالم.
وقد شهد هذا المقهى فى بوينس أيريس فنانين ومثقفين وكتاب أرجنتينيين كثر من بينهم جورجى لويس بورجيس الذى سيظل مقهى ريتشموند مرتبطاً به لدى الأرجنتين، وفقاً لما نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية.
كان بورخيس شاعراً وباحثاً عمره 25 عاماً سنة 1920 عندما كان يلتقى بكتاب مجموعته الأدبية فى مقهى ريتشموند كل يوم من الساعة السابعة مساء وقبل السهرة، بينما كان يواجه نوعا من التحدى الأدبى مع تيارات أدبية أخرى، كانوا يتحلقون حول إحدى الطاولات ويصغون إلى إحدى المقطوعات الموسيقية التى لحنها جيسيب فيردى.
كما عثر الكاتب الأرجنتينى خوليو كورتازار على إحدى أشهر شخصيات روايته (رايويلا) وهى شخصية (كرونوبيوس) فى لحظة كان يشرب القهوة خلالها فى هذا المقهى الشهير.
وكان مقهى ريتشموند، الذى يتصدر قائمة مكونة من 54 مقهى بارزاً يتمتع بقيمة تراثية خاصة فى بوينس أيريس، يعج حتى وقت قريب بنادليه ومستخدميه، وغالبيتهم كانت تتجاوز مدة عملهم هناك أكثر من ثلاثين عاماً، لكنهم مع الأسف بقوا فى الشارع ويطالبون برواتبهم المتراكمة وتعويضاتهم.
ومن جانبها، كانت السلطات التشريعية المحلية قد أدرجت المقهى ضمن قائمة التراث التاريخى، وتمكنت بذلك من الحفاظ على واجهته والشكل العام للمبنى، لكنها لم تتمكن من الحفاظ على المقهى كما كان.
هذا الصالون الأدبى الكبير، الذى افتتح عام 1919 وصممه المهندس المعمارى البلجيكى جولس دورمال، الذى أبدع كذلك مسرح كولون الشهير فى بوينس أيريس، تم إغلاقه أخيراً فى عتمة الليل، وذلك بعد أن تمكنت من إيواء كثير من الكتاب والمثقفين والسياسيين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة