د. جمال نصار

مشيئة الله غلابة

الخميس، 08 سبتمبر 2011 08:12 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى أواخر عام 2010م ومطلع 2011م اندلعت موجة عارمة من الثورات والاحتجاجات فى مُختلف أنحاء الوطن العربى بدأت بمحمد البوعزيزى والثورة التونسية التى أطلقت وتيرة الشرارة فى كثير من الأقطار العربية وعُرفت تلك الفترة بربيع الثورات العربية.

وكان من أسباب هذه الاحتجاجات المفاجئة للجميع انتشار الفساد والركود الاقتصادى وسوء الأحوال المَعيشية، إضافة إلى التضييق والاستبداد السياسى وسوء الأوضاع عمومًا فى البلاد العربية. وانتشرت هذه الاحتجاجات بسرعة كبيرة فى أغلب البلدان العربية، وقد تضمنت نشوب معارك بين قوات الأمن والمُتظاهرين، ووصلت فى بعض الأحيان إلى وقوع مئات القتلى من المواطنين ورجال الأمن وآلاف الجرحى فى كل بلد.

وتميزت هذه الثورات بظهور هتاف عربىّ أصبح شهيرًا فى كل الدول العربية وهو: «الشعب يريد إسقاط النظام». وبالفعل تم إسقاط رموز الأنظمة فى تونس ومصر وليبيا، والبقية تأتى فى اليمن وسوريا، كل ذلك بمشيئة الله وقدرته. كل ذلك حدث بتدبير من الله لأن الله لا يحب الظلم ويكره الظالمين، ولكن البعض يظن أنه صاحب المشيئة والقوة والقدرة فى تسيير الأمور وتوجيهها، وينسى أن الله- عز وجل- هو صاحب القوى والقدر وتسيير أمور العباد لأنه الخالق، وما يقع من شىء فى هذا الكون إلا بعلمه وقدرته، وما يقع فى عالمنا العربى من ثورات التغيير لأنظمة فاسدة مستبدة لم يحدث إلا بعلم الله وقدرته ومشيئته.

وليسمح لى القارئ الكريم أن نعيش مع هذه الآية الكريمة من قوله تعالى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللُه)، بمعنى أن نؤمن بأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى له مشيئة وله إرادة، وأنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يفعل ما يشاء، ويحكم ما يشاء، ويخلق ما يشاء، ويُقدِّر ما يشاء كما يشاء، لا رادّ لأمره، ولا مُعقِّب لحكمه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فهو رب العالمين وهو خالقهم، وهو الذى يصرفهم ويدبرهم كما يشاء، فمشيئته مطلقة، وأما العبد فله مشيئة مقيدة: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا) الإنسان:30.

فمشيئة العبد وإرادته واختياره هى جزء من قدر الله -عز وجل- الذى كتبه ليجازيه ويحاسبه عليها، ولكنها لا تكون إلا بعد مشيئة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن أبدًا، كما قال النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى وصيته لـابن عباس: «واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشىء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشىء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف».

فهذه أمور قد قضيت وانتهت، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو الذى له المشيئة، ولا يكون إلا ما شاء ولو أطبق الثقلان الإنس والجن كافة، وكل القوى جميعًا على أن تعمل شيئًا أو توجده أو تنفع به أو تضر ولم يشأ الله -عز وجل- أن يقع؛ فلن يقع ذلك على الإطلاق.

وأيضًا لو اجتمعوا جميعًا على أن يردوا شيئًا مما كتبه الله وقدره وقضاه من خير أو شر؛ لا يستطيعون ذلك أبدًا؛ لأنهم مقهورون مربوبون بقدرة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وبمشيئته التى لا يردها شىء، ولا يحدها شىء.

فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو الفعَّال لما يريد ولا يكون فى خلقه إلا ما يريد وما يشاء سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

يقول ابن جرير الطبرى فى تفسير هذه الآية: «فتأويل الكلام: إن الله لا يغير ما بقوم من عافية ونعمة، فيزيل ذلك عنهم ويهلكهم، حتى يغيروا ما بأنفسهم، لظلم بعضهم بعضًا، واعتداء بعضهم على بعض، فتحل بهم حينئذ عقوبته وتغييره».

ويقول ابن تيمية: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ، لا يدل على أن العبد ليس بفاعل لفعله الاختيارى، ولا أنه ليس بقادر عليه، ولا أنه ليس بمريد، بل يدل على أنه لا يشاؤه إلا أن يشاء الله.‏

ويقول أبو جعفر الطّحاوى رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: «وكل شىء يجرى بتقديره ومشيئته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ومشيئته تنفذ، لا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم، فما شاء لهم كان، وما لم يشأ لم يكن».

فهل بعد ذلك يعتقد البعض أن تدبيره خارج عن تدبير وقدرة وإرادة الله سبحانه وتعالى؟! كلا.. فلنلجأ إلى الله فى كل أمورنا عسى الله أن يغير حالنا إلى أحسن حال.





مشاركة




التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

حظية باجعفر

الحل الأمثل

عدد الردود 0

بواسطة:

ahmad abdelaziz

الدكتور جمال نصار

عدد الردود 0

بواسطة:

عبده

جزاكم الله خيرا

عدد الردود 0

بواسطة:

سرور

جزاكم الله خيرا

عدد الردود 0

بواسطة:

يحي أيمن

سيدي العزيز: بارك الله فيك. الحمد لله أن بدأنا نعلن عن إيماننا في الإعلام دون خوف أو استبد

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرى

اللهم اصلح الحال

عدد الردود 0

بواسطة:

اشرف الهلالى

حكما جبريا ثم تكون خلافه راشده على منهاج النبوه بشرى

عدد الردود 0

بواسطة:

منة الله

الله هو الحق هو العدل

عدد الردود 0

بواسطة:

واحد من بنى آدم

وما قدروا اللة حق قدرة

عدد الردود 0

بواسطة:

عاشق تراب مصر

ولم تتوقف مشيئه الله على الاراده فقط

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة