«فتنة فى أسوان».. هذا هو العنوان الذى فضلت معظم صحفنا وضعه للتقارير الإخبارية عن غضب أهلنا النوبيين، الذين فاض بهم الكيل فأضرموا النار فى مبنى محافظة أسوان وحطموا مكتب السيد اللواء المحافظ.
ومحاولة إدراج ملف النوبة تحت عنوان كهذا يعنى الإصرار على دفن الرؤوس فى الرمال واستمراء تمييع الأمور وتشويه جوهرها وتحويلها إلى موضوع يصلح بالكاد لصفحات الحوادث.
وهذه كلها محاولات عقيمة دأبت حكومات النظام السابق على إنتاجها وإعادة إنتاجها لدرجة الملل، متصورة أن مثل هذه الألاعيب الصغيرة يمكن أن تنطلى على الناس، وهو ما لم يحدث بطبيعة الحال، وبالتالى استمرت القضية فى التفاقم.
والقضية باختصار، ودون لف أو دوران، هى أن أهلنا فى النوبة قدموا تضحيات غالية من أجل مصر كلها، حينما تركوا ديارهم من أجل تمكين الحكومة المركزية من إجراء أكبر جراحة جغرافية لنهر النيل، من أجل ترويضه، وإقامة أكبر بنك مائى على ضفافه يحمينا من «الغرق» و«الشرق» على حد سواء.. وكان من الآثار الجانبية لهذا المشروع التنموى العملاق، مشروع سد مصر العالى، غرق موطن أهلنا فى النوبة وتهجيرهم، وبدلاً من تقدير هذه التضحية الكبرى لم يحصل النوبيون إلا على «جزاء سنمار»، حيث تفننت البيروقراطية المصرية فى الخسف بالتعويضات المستحقة لهم إلى الأرض، كما أن عملية التهجير تمت بصورة غير آدمية، سواء من حيث اختيار الموقع أو المواصفات المعمارية للبيت البديل أو فرص العمل فى «المهجر».
ولا يطلب النوبيون «لبن العصفور»، بل يطالبون فقط بإعادة توطينهم على ضفاف بحيرة ناصر خلف السد، وإعادة رسم الدوائر الانتخابية بالمنطقة تضمن تمثيلاً نوبياً حقيقيا فى أى انتخابات قادمة، وكذلك الحفاظ على التراث الثقافى والحضارى النوبى، وإلغاء كل صور التمييز ضد النوبيين.. فهل هذا كثير؟!
وكان الظن أن التلكؤ فى الاستجابة لهذه المطالب سيتوقف بعد انهيار النظام السابق، لكن لم يحدث تغيير يذكر بعد 25 يناير رغم أن رئيس الحكومة الدكتور عصام شرف وعد النوبيين فى مارس الماضى بأن مطالبهم ستتحقق بعد 15 يوماً، لكن الأيام والأسابيع والشهور مرت دون أن يتحقق أى مطلب، بل استمر التجاهل والتسويف.. بل والاستفزاز أيضًا فى كثير من الأحيان.
وليس إحراق مبنى المحافظة هو العاقبة السيئة لهذا المنهج، بل أخشى أن أقول: إن ما حدث ينبئ بأن القادم يمكن أن يكون الأسوأ.
والأسوأ الذى نقصده، ونحذر منه هو أن استمرار هذا النهج البيروقراطى المستفز وغير المسؤول سيكون من شأنه الجهر بمطلب كان مكتوماً فى صدور عدد محدود ممن كانوا يوصفون بـ«المتشددين» من النوبيين، الآن أصبح هذا المطلب يكتسب أنصاراً أكثر وينتقل من حنايا الصدور إلى الشفاه، وهو باختصار - وعلى بلاطة - المطالبة بانفصال النوبة أو على الأقل الحكم الذاتى لأبناء النوبة فى جنوب مصر وشمال السودان.
هذا المطلب.. كنا ننظر إليه باستخفاف فى السابق، ولم يعد من الحكمة التمادى فى هذه الغفلة، خاصة مع تصاعد مظاهر ضعف الدولة المصرية، ومنها بروز نزعات مماثلة فى سيناء «حتى ولو من جانب عدد محدود من الأفراد الذين جاهروا بعزمهم إقامة إمارة إسلامية.. فالنار الهائلة - كما هو معروف - من مستصغر الشرر.
فضلاً عن أن ترشيح السودان لمزيد من الجراحات السياسية بعد انفصال الشمال والجنوب سيترك بصماته عبر حدودنا الجنوبية التى تتقاطع عبرها قبائل وجماعات بشرية شتى.
كل هذا يقول إن ملف النوبة أخطر من أن يترك للسيد اللواء المحافظ وأكبر من أن يترك للمجهول.
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عمر (توماس)
لن نسكت علي حقنا الشرعي
عدد الردود 0
بواسطة:
gehanhany
استفسار
عدد الردود 0
بواسطة:
هكاكا
عن جد اشكرك لامانه قلمك سعد هجرس
عدد الردود 0
بواسطة:
سيد شعبان
شكرا سعد هجرس و لكن
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد بن ترهاقا
النوبة اساس مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
نوبي مصري اصيل
لا.....لا..... و الف لا
عدد الردود 0
بواسطة:
alnobykosh
لك من شكر اجزله سعد هجرس
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الحكيم ضوى
مش عاوزين نبقى جنوب سودان تانى
عدد الردود 0
بواسطة:
سعيدة رمضان صحفية جريدة العالم اليوم
لاعزاء للصحفيين يا هجرس-كم قتلتم؟فى ذكرى محمود عوض
عدد الردود 0
بواسطة:
د عبدالفتاح
دليل علي غنصرية بلطجية النوبة