
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أيها الشعب المصرى العظيم، أيها الشعب الذى يعشق الحياة ويهوى سماع الأغانى والموسيقى، يا شعب التاريخ والحضارة والفعل فى الإقليم، يا شعب الديانات ويا صاحب الأمجاد.
إننى أكتب تلك السطور، وكنت قد عزفت طويلاً عن الكتابة رغم أننى فى الأساس صحفى، تفتحت عيناى فى مؤسسات رسمية لم أجد فيها غير الزيف والخداع، فقررت الاغتراب إلى بلدان تحترف تشغيل العمالة. لكنها فى كل الأحوال كانت ملاذاً من الوطن الذى قسى وأسرف على أبنائه ومحبيه.
لقد عشت فى الاغتراب فى بلاد الخليج أكثر من ربع عمرى، وبالتحديد 16سنة. وفى تلك السنوات التى بدأتها شاباً غض المشاعر، وانتهيت بى على أعتاب كهولة مشوبة بطعم الحنظل. إننا ورغم ما بذلناه فى بناء بلاد الاغتراب بالعرق والفكر، إلا أننا نظل هنا غرباء، لا ميزة ولا تميز، ذلك أن دولتنا "المصونة" لم تشغل بالها يوماً بأهم مهمة لها وهى مهمة "الأمن القومى".
إن مقتضيات الأمن القومى التى تحدث عنها الكثيرون من الخبراء، تؤكد أن أمن مصر القومى لا يبدأ من حدودها الجغرافية المرسومة بالقلم على الخارطة، لكن الأمن القومى يتحدد بقدر ما تستطيع يد الدولة أن تصل إليه. فما يحدث فى الخليج العربى هو أمن قومى، وما يحدث فى جنوب السودان ومنابع النيل أمن قومى، وما يحدث فى بلاد الشام أمن قومى،وكذلك ما يحدث فى ليبيا.
إن الأمن القومى مفهوم واضح لا لبس فيه، لكن رهانات العجزة على المقاعد جعلت منه يتيماً لا أب يدافع عنه، واقتصر مفهوم الأمن القومى لديهم بقدر قصر النظر لديهم، والعمى الذى أصاب أفئدتهم وبصائرهم حتى كادت لا ترى سوى ما يملأ البطن ويحمى الظهر، فصرنا كالأنعام.
إننى فى تلك اللحظة بالتحديد، ومن واقع الخبرة فى الاغتراب الطويل والمرير، أناشد كافة المصريين، مسئولين وغير مسؤولين، مؤسسات مجتمع مدنى ومواطنين وقراء لتلك السطور، أن يتم انتهاز الفرصة المواتية فى ليبيا، بأن يتم دفع الملايين فى هذا الفراغ الجغرافى الكبير، بحيث يستقرون فيه، ويكونون ظهيراً لأمن مصر القومى والاقتصادى إلى الأبد.
وأناشد الجهات المسئولة أن تسعى لتكريس ذلك بضوابط قانونية تحمى وتضمن مميزات دائمة ومستمرة للمصريين فى ليبيا، حتى لا يتعرضوا لأى اضطهاد من أى مسئول كان، فى أى زمن كان، وبما يضمن لهم الاستمرار والاستقرار والاستثمار وبناء مشاريعهم الخاصة مثلهم مثل المواطن، بل وأن تسعى مصر لتوطين هؤلاء فى ليبيا.
وأيضاً أناشد المصريين أن يقبلوا على تلك البلدان، إقبال المقبل إلى الأبد، وأن يعيشوا ويتزاوجوا وينخرطوا فى هذه البلدان ويؤسسوا لأنفسهم وأبنائهم أعمالاً ومصالح تدوم ولا تنقطع.
وكفانا ما قدمنا فى بلاد عربية من فكر ودم وعرق، دون أن يكون لنا أى ميزة تضمن لنا تواجداً حقيقياً على الأرض.
إننا فى مصر رضعنا عشق العروبة وحب الإسلام وحب الخير للجميع، ولم نعرف العنصرية إلا بعد أن خرجنا من أرض مصر.
إن المخزون الثقافى المصرى قادر على إثراء أى أرض بأفضل مما فيها، فدعونا نحمل راياتنا ونزرعها فى محيطنا الإقليمى بما يضمن لمصر الحبيبة أمنها القومى ويساعد على نهضتها اقتصادياً حتى تكون القلب النابض للإقليم الذى يتكالب عليه الأعداء من كل صوب وحدب.
إنها رسالة أرجو أن تجد آذاناّ صاغية، فنحن أمام فرصة سانحة، قد لا يجود الزمان بمثلها لعقود قادمة.
مشاركة