لم أصدق أذنى وأنا أستقبل مكالمة على تليفونى المحمول من رقم مجهول لعجوز حكيم، اتضح أنه الرئيس السابق بشحمه ولحمه. وأُسقِط فى يدى. فالأكيد أنه لم يكن يعرفنى، لا أنا ولا أهلى، أيام كان فى العلالى. والأكادة أننى كنت للأسف قد كتبت 18 مقالة لم يقرأها أحد تقريباً ضد نظامه قبل سقوطه بسنة. وهى إن وصلت إليه فهى جديرة بأن تجعله يكرهنى كراهيته لحزب الله وإيران والحق والخير والجمال. والأدهى أنه الآن مريض ومحبوس ولا وقت عنده للرمم مثلى أثناء تركيزه، هو وأولاده ومحاميه الديب وأخوته الكوايتة، على تحويل شهود الإثبات فى قضية قتل المتظاهرين إلى شهود نفى، قبل تحويل شهود النفى إلى شهود زواج، تمهيداً لحكم المحكمة بالإفراج عن مصر كلها بكفالة.
ولكنه عملها وهنأنى بعيد ميلادى بصوت واثق وقوى موضحاً أن مشاغله فقط هى التى كانت تنسيه هذا الواجب طيلة السنوات الثلاثين الماضية. وبلهجة أقرب لكافـــــــــور الأخشيدى فى زمنه الجميل همس لى مبارك بأن لديه قائمةً بأعياد ميلاد المصريين وتواريخ وفياتهم كافة، مشيراً إلى أنه قرر من الآن فصاعداً أن يهنئهم بمناسباتهم السعيدة، كما استقرت إرادته على أن يطفش من محبسه كل أسبوع ليتفقد رعيته السابقين بحثاً عمن يكون فى حاجة إليه من المحتاجين والفقراء والمثقفين والنساء، وبالذات أمهات الشهداء. كما عبر القائد لى عن تعاطفه الخاص مع شباب مصر الطافحين الكوتة ليستكملوا نصف دينهم سائلاً عن أهمية النصف الآخر، كما تحدث بأسى ظاهر عن جموع الكادحين الذين يعانون بشدة من ارتفاع أسعار الصنف.
والحق أننى وجدتنى مزهواً بمكالمة الرئيس والزعيم والقائد، حتى وإن كان سابقاً. ولكى أكافئه حباً بحب نصحته باستبدال محاميه الذئب بمحام آخر ثعلب كان صديقى المرحوم تحسين يثنى على شخصيته الحربائية وقدرته على أن يقنع الجميع بأن الأبيض أسود قبل أن يعيد إليهم عقيدتهم بأن الأسود أبيض فى غضون بضع دقائق. وضاحكاً شكرنى مبارك مؤكداً أن الأمر لا يستدعى كل ذلك العناء، خصوصاً أن الأتعاب قد دفعها المصريون كاملةً ومقدماً بالنيابة عنه. كما أسر لى الزعيم بأن أخرج أولادى من المدارس لأعلمهم مهنة الخبازة مؤكداً، وهو العالم ببواطن الأمور، أن الوطن فى طريقه إلى أن يصبح طابونة كبيرة.
وبالطبع لم أكن لأضيع الفرصة الثمينة قبل أن أسأله بخباثة عمن سوف ينتخبه رئيساً قادماً للبلاد إن وإذا ولو أتيحت له فرصة التصويت. وغاب عنى الصوت قليلاً قبل أن يهمس بأن جمال هو الأحق بينما الواجب يملى عليه أن يعيد انتخاب نفسه رباناً لسفينة الوطن فى ذلك المنعطف التاريخى، وطالما أن فى الصدر قلب ينبض. وبخجل استفسرت منه عما إذا كان القانون يبيح الترشيح أو التصويت على المنصب الرئاسى للمساجين فسألنى متعجباً عن علاقة القانون كآلة موسيقية بمسألة الترشيح والانتخابات. وانقطعت المكالمة الدولية وأنا مختال وفرح فى يوم مولدى.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد لطفي
بدون تعليق
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود الديب
مقال رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
سعيد شرباش
ربنا يخلي الريس