لكوننا مصر، لأننا المصريين قد نظن أن هناك شعوبا تتكالب على كرهنا؟ وشعوبا أخرى تحبنا؟ لما لاندرى؟ يحبوننا يكرهوننا هذه العقدة والمسماة فى علم النفس (الشعور بالاضطهاد) تعزز شعورا دفينا لدينا نحن المصريين أن هناك كراهية ما من الشعوب الأخرى لنا، ومحبة ما من شعوب أخرى والأسباب؟
مبدأيا لا أتصور هذا الشعور الطاغى لدينا، ربما لأن كثرتنا الواضحة الجلية فى كل بلد من عمال إلى فلاحين إلى مؤهلات عليا وغير عليا، تلك الأداة القوية أو هذا الحجم الاقتصادى المؤثر فى أى بلد يوجد مثل هذه المشاعر، أقل أسبابها التنافس ثم الحسد ثم لكثرتنا ماشاء الله لاقوة إلا بالله.
ولنذكر أننا فى الغربة نحن المصريين نتنافس منافسة غير شريفة فى مجال العمل الواحد حتى يقصى أحدنا الآخر عن عمله!! ليفوز بحب رب العمل! وهذا من أقوى أسباب الشعور بالكراهية من الآخرين.
بل ويعمل البعض فى الإيعاز إلى غير المصريين بذلك، فى الوقت الذى ربما لم يفكروا فى هذه الكراهية، ومن ثم ولطبع ما فى النفس الإنسانية يتلذذ الآخر بقبول الإيعاز ليفرض سلطانه من ثم على من تحت يده وهكذا إلى أن شاع هذا الانطباع النفسى البغيض بين العرب ونحن أول من ابتكرناه، ولنقرر من بعد أن هذا يكرهنا وهذا يحبنا!، كأنها مشاعر طفل منبوذ داخل أسرته وهذا ما عكسه كلام أخينا الأستاذ الدسوقى رشدى فى مقاله (اعتذار سعودى) حيث أشار:
"المعتمرون المصريون يتحدثون عن تعمد واضح لإهانتهم وإهانة مصريتهم وثورتهم مع سبق الإصرار والترصد بكلمات عابرة من نوعية: «ابقوا خلوا الثورة تنفعكم»، «ويا شعب جاحد»، وغيرها من التعبيرات التى توحى وكأن الناس فى المملكة السعودية قرروا القصاص لمبارك من حجاج مصر ومعتمريها." انتهى كلامه، والواقع أن السعوديين ليس على بالهم مثل هذا الخلط والمؤازرة لهذا أو ذاك، كل ما هنالك وأزمة المعتمرين أنهم أى السعوديين يضطرب معهم الحال حين يواجهوا مشكلة تستعصى الحل وبالعامى المصرى (يضربوا لبخة) أو (يغرقوا فى شبر ميه)!! ولا فى دماغهم حساب أو عتاب كما نتصور نحن بعواطفنا الجياشة التى تكاد تضرب فى المثالية نحن المصريين وضعنا أنفسنا بأنفسنا محل قداسة لاعتبارات ومشاعر متباينة متراكمة من إحساس بالعزة إلى ثقة بالنفس زائدة أحيانا إلى عواطف من الألفة والمودة إلى أنانية إلى انبهار، إلى وقع إعلامى وقرع مستمر لطبول مثل مصر أم الدنيا، مصر الكنانة، الحضارة الفرعونية إلى البطولات والأمجاد، كل ذلك كرس مع ما ذكر من مشاعر وخلط الإحساس الوهمى بقداسة حب مصر والمصريين وعلى هذا القياس من القداسة والاعتزاز بالحضارة نظل نردد ونقول:
إن هؤلاء يحبوننا وهؤلاء يكرهوننا! من هنا فإننا بالفعل أناس طيبون قوى، فعلى رسلنا رويدا رويدا من هذا الإحساس، ولنعى أكثر فأكثر شكل تصرفاتنا الفردية والعامة داخليا مع بعضنا البعض أو خارجيا أمام الناس بخاصة العرب منهم، فالجزع الظاهر الذى نبديه لاسيما النساء المصريات ثم العصبية والانفعالات من الرجال حال لو حدثت أزمة كالتى حدثت فى جدة تظهرنا بصورة مستفزة وقلقة رغما أننا مظلومون!
بقدر أعظم من الصبر ستبدو صورتنا أبهى وأفضل وأروع، آملا أن تزول عقدة الاضطهاد وأن تزول عبارة هؤلاء يكرهوننا، هؤلاء يحبوننا.
محمد مسعد البرديسى يكتب: هؤلاء يحبوننا.. هؤلاء يكرهوننا!
الثلاثاء، 06 سبتمبر 2011 10:04 م