حينما أسقطت ثورة 23 يوليو 1952 النظام الملكى، وقع الثوار آنذاك فى فخ إلصاق كل نقيصة ورذيلة بالعهد الملكى على إطلاقه، ورسم صورة للملك فاروق ـ آخر ملوك أسرة محمد على ـ تظهره وكأنه لم يكن يفعل شيئا فى حياته، منذ استيقاظه وحتى نومه، سوى مطاردة الفاتنات، والتهام كميات كبيرة مما لذ وطاب من الطعام الدسم، وشرب الخمر، ولعب القمار. ويبدو أن كثيرين يودون جر ثورة الخامس والعشرين من يناير لنفس الفخ بالتركيز على جوانب شخصية لا تقدم ولا تؤخر ويمكنك إدراجها بدون تردد ولا حرج تحت بند النميمة السياسية.
أحدث فصول هذه النميمة وردت على لسان اللواء شفيق البنا، الذى وصف بأنه كان مسئولا عن القصر الرئاسى لمدة 25 عاما وقت تولى الرئيس المخلوع حسنى مبارك السلطة، وفى تصريحاته لإحدى الفضائيات حكى سيادة اللواء ما سماه بأسرار وحكايات مثيرة فى شخصية مبارك، ومن بين ما قاله شفيق البنا: إن مبارك لم يكن يصلى إلا نادرا، ولم يكن مواظبا على صلاة الجمعة، وكان سكيرا، وأنه كان محظورا عند التحدث معه ذكر الموت والصلاة والقرآن، وأن المخلوع كان مولعا بالالتقاء بالفنانين وخصص ساعات طويلة من وقته الثمين للجلوس معهم.
ومع وافر الاحترام والتقدير لشخص اللواء البنا، فإنه يتكلم بمنطق جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر السعودية، وسأفترض الصدق فيما قاله بخصوص سلوكيات مبارك، للرد بأن صلاته من عدمه وشربه الخمر وغيرها من الأمور لا تهمنا وليست هى ما تشغلنا، فحسابه سيكون بيد خالق البشر ولا نملك محاسبته عليها. وكنت آمل أن يحدثنا اللواء شفيق عن قدرات ومهارات وعيوب مبارك فى القيادة، مثلا هل كان يتخذ القرار السليم فى التوقيت المناسب، هل كان يكترث باستشراء الفساد فى كل زاوية وركن من البلاد، وبين خاصته من المسئولين المقربين، هل حاول تحجيم نفوذ وطغيان نجله جمال وزوجته سوزان، هل كان حقا يحاسب الوزراء من رجال الأعمال على سياساتهم الخاطئة، هل كان يتابع ويقرأ ما يصل لمكتبه من تقارير حملت إنذارات وإشارات بأن مصر توشك على الانفجار، بعدما انسدت كل المنافذ والطرق أمام المصريين؟.
مرة أخرى سأصدق ما ورد على لسان شفيق، لكنى أسأله: هل شربه الخمر كان يؤثر على تركيزه ويجعله منفلت العيار لا يتحكم فى نفسه ويفقد اتزانه، مثلما كان يحدث مع الرئيس الروسى الراحل بوريس يلتسين الذى أدمن الخمر وكان يتصرف بغرابة وعدم اتزان يخل بمقام الرئاسة وبشخصه؟
إن جاء الجواب بالإيجاب، حينها سيوجد المبرر للتطرق لهذا الجانب الشخصى، جل غرضى ألا نحاول التعامل مع عهد مبارك على أنه لم يكن أمرا واقعا فى تاريخنا الحديث، وأنه علينا التغاضى عنه كأنه لم يكن ومحو أثره من تاريخنا، فتاريخ الأمم بكل ما فيه من أمجاد وبطولات وخزى وعار ولحظات ضعف كتلة واحدة غير قابلة للتجزئة، والذكى من يتعلم من أخطاء السابقين، وهو ما لم نلمسه خلال عهود عبد الناصر والسادات ومن بعدهما مبارك، ودعونا من قصص الصحافة الصفراء التى ليس لها من مكان لسردها سوى المقاهى، ولنركز على ما يفيدنا فى استخلاص الدروس وإعادة الحقوق التى حُرم منها الشعب المصرى لثلاثين عاماً.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية
اى كلام فاضى معقول
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmed abdallah
أرحمونا بقي
عدد الردود 0
بواسطة:
العربي غريب
ايه حكايتكم مع السعودية
عدد الردود 0
بواسطة:
oooomr
الى كاتب المقال
عدد الردود 0
بواسطة:
سما
تعليق 4صح الصح