وجيه عزيز

كنا على موعد يوم الخميس الماضى ثالث أيام عيد الفطر المبارك، مع الفنان المبدع الصديق وجيه عزيز، جاء اللقاء فى قريتى كوم الآطرون محافظة القليوبية، ووسط حشد من أبنائها.

فى سهرتنا معه اختلطت أحاديث السياسة بالغناء، وكان وجيه كعادته نجما فوق العادة، ليس بسبب أغنياته وألحانه الرائعة وفقط، وإنما لسيرته التى تسبقه وتتلخص فى أنه من نوعية الفنانين الذين ربطوا أنفسهم مع الجمهور بحبل من الالتزام والصدق الفنى، وعدم الجرى وراء لغة السوق، وظل طوال ربع قرن مضى هو عمره الفنى تقريبا، يقدم الأغنيات والألحان التى تبشر بالتغيير والثورة، من خلال أشعار رائعة لفؤاد حداد وعلى سلامة، وصلاح جاهين الذى كتب وجيه فيلما رائعا عنه، وينتظر جهة إنتاج له.

قطع وجيه على نفسه طوال مسيرته الفنية عهدا، بألا يكون ضيفا على «الفاضى والمليان» فى وسائل الإعلام من فضائيات وصحف، على أن يظهر فقط حين يكون لديه شىء مفيد يقوله للمشاهد، ولأنه عزيز فى ظهوره كان المشاهدون عادة يطلبون إعادة حلقاته، وحدث ذلك منذ عامين مع منى الشاذلى فى برنامج العاشرة مساء، ومع محمود سعد الخميس الماضى ثالث أيام عيد الفطر.

بشر وجيه بالثورة بأغنياته التى قدمها بصوته، وألحانه التى غنى عليها آخرون وفى مقدمتهم الرائع محمد منير، لكنه عاش فترة يأس استمرت لمدة عام قبل ثورة 25 يناير، اعترف بها لنا نحن المجتمعين حوله فى سهرة قريتنا بقوله، أنه ابتعد عن عوده ما يقرب من عام فى الفترة التى سبقت الثورة، وكلما كان ينظر إليه، كان يشعر بأنه لم يعد هناك شىء مفيد يمكن عمله، فرغم الاحتجاجات والنقد العنيف لسياسات النظام، إلا أن كل شىء كما هو، وبالتالى فإن الأغنية لم تعد سلاحا يقلب نظاما فاسدا طال زمنه.

ولم يكن وجيه استثناء فى حالته هذه، فالإحباط كان قد تمكن من الكثيرين، حتى حانت اللحظة التى تجلت فيها قدرة الشعب المصرى وعظمته يوم 25 يناير، فأعادت وجيه إلى عوده، كما أعادته إلى قريتنا بعد زيارة سابقة له منذ 21 عاما، لينساب صوته بكل شجنه وعذوبته فى ليل قريتنا، وتتحول أغنياته الرائعة إلى ونس للحالمين بوطن أفضل.