«حكومة الظل» الشبابية الممثلة لشباب الثورة، واحدة من الكيانات الناشطة سياسيا التى قامت بعد الثورة، فى سيناء نجحت فى الخروج من دائرة الضجيج الذى لا ينتج، إلى عمل دؤوب وصامت بالتوصل لاتفاق بين الجماعات المسلحة من جهة وبين الأجهزة الأمنية من جهة، يقضى بالتخلى عن العنف وتسليم السلاح مقابل العفو لمن لم تتلوث أيديهم بالدماء.
«حكومة الظل الشبابية» أعلن عنها رسميا بنقابة الصحفيين فى 16 أبريل الماضى، وأخذت زمام المبادرة للبحث عن حلول لمشكلة اندلاع العنف المسلح فى سيناء الذى بلغ ذروته فى أحداث العنف المسلح التى تعرض لها قسم شرطة العريش.
والمجموعة المسلحة فى سيناء والتى استجابت لمبادرة ووساطة حكومة الظل الشبابية، كانت فى الأصل لجنة شعبية من مجموعة من السلفيين يقودها «محمود عبدالعزيز» قامت بحراسة وتأمين الكنائس وأقسام الشرطة والمستشفيات فى سيناء أثناء الثورة، وكما يؤكد الدكتور على عبدالعزيز رئيس حكومة الظل الشبابية، فى تفسيره لتورط بعض عناصر المجموعة السلفية فى العنف بالعريش، أن فتنة أشعلتها بعض العناصر بين الجيش والشرطة من جهة وبين المجموعة السلفية من جهة أخرى، أسفرت عن صدام بين الطرفين تسبب فى اندلاع أعمال العنف المسلح فى سيناء واعتقال الشرطة لنحو 22 شخصا من أفراد المجموعة.
ونجحت «حكومة الظل الشبابية» فى تحقيق اتفاق بالعفو عن مجموعة «محمود عبدالعزيز» المسلحة، بعد تنسيق مع اللواء منصور عيسوى وزير الداخلية واللواء مجدى عبدالغفار مساعد الوزير ورئيس قطاع الأمن الوطنى، واللواء أحمد جمال الدين مساعد الوزير ورئيس قطاع الأمن العام.
هذا الاتفاق سيساهم بشكل فعال فى عودة الهدوء إلى سيناء، وفتح المجال لتنميتها وهو ما يؤكده العميد أحمد عبدالجواد مساعد رئيس الأمن الوطنى الذى قدم الشكر «لحكومة الظل الشبابية» بعد تدخلها بين المجموعة المسلحة وبين الأمن الوطنى لصالح الوطن، قائلا إن الفترة القادمة تتطلب من كل الجماعات المسلحة أو التى تعتنق أفكارا متطرفة أن تفتح الباب على مصراعيه للمصارحة مع الأمن لأننا أمن معلومات فقط، مضيفا نحن فى ثورة أزالت الظلم والطغيان، وهذه الثورة آية من الله لأنه لم يكن أحد يتخيل مثلا أن المجرم حبيب العادلى وغيره من المجرمين الذين كانوا فى السلطة، هم الآن وراء القضبان، وتابع قائلا «مين كان يقدر يكلمهم أو يصل لهم لكن فجأة ربنا غير الحال»
وأضاف أنه بالنسبة للأحداث الأخيرة فى العريش «وما شهدته من عنف.. فإن ذلك يعود إلى أن الناس فى سيناء كانوا مثل من يطرق على الباب، ولا أحد يريد أن يفتح، ثم فجأة خبطوا حجرا فى الزجاج للفت الانتباه لهم ولسيناء»، مؤكدا أن التعمير والتنمية والاستقرار ستكون واقعا فى الفترة القادمة.
وأشار العميد أحمد عبدالجواد إلى أن أبناء سيناء تعرضوا لأفكار من الواقع المحيط بهم وكانوا يعانون من التهميش الفترة الماضية. مضيفا «سيكون هناك نوع من الصفاء والعتاب بين جميع الأطراف، نحن شركاء فى بناء الوطن والانتماء له.. وتابع قائلا: صحيح أبناء سيناء كانوا مهمشين، لكن لابد أن نضع أيدينا فى أيدى بعضنا ونتعامل بصدق متبادل بيننا.
وخلال لقاء عقدته «حكومة الظل» بمنزل الدكتور عمار صالح جودة وزير تنمية سيناء فى حكومة الظل الشبابية بحى الفواخرية بالعريش، وجمع أعضاء حكومة الظل برئاسة الدكتور على عبدالعزيز، وحضره العميد أحمد عبدالجواد مساعد رئيس الأمن الوطنى، وعدد من القيادات الأمنية بسيناء فى سرية تامة، بمشاركة عدد من أعضاء الجماعات المسلحة، تم الاتفاق على العفو عن المسلحين مقابل تسليم السلاح على أن تقوم وزارة الداخلية بالإفراج عن المعتقلين منهم وعدم مطاردتهم مرة أخرى، والاتفاق على الإعداد لمؤتمر برعاية «حكومة الظل» يشارك فيه القيادات الأمنية ومجموعة «محمود عبدالعزيز» وشيوخ القبائل وعدد من الوجهاء وأصحاب الرأى والسياسيين فى سيناء، وأعضاء من حكومة الظل الشبابية،منهم الدكتور ممتاز الخولى أمين عام حكومة الظل، والمهندس سيد الشتيحى رئيس المجلس الاستشارى، والدكتور عمار صالح وزير تنمية سيناء، ومن أعضاء الحكومة من أهالى سيناء، مصطفى عزام وسمرى أسعد وهشام عودة والشيخ جمال جودة وإبراهيم سالم، بالإضافة إلى سمرى مرعى وسعيد أبو حج من لجان حماية الثورة.
وردا على ما أثاره أحد الحضور بالنسبة للمعاملة الأمنية، وما كان يتعرض له السجناء من تعذيب، ومصادرة للكتب قال العميد عبدالجواد إنه تم الاستغناء عن حوالى 50 % من القوة السابقة للجهاز، وكل المتورطين فى قضايا تعذيب وأى قضايا أخرى، ولفت إلى أن عمليات التجديد مستمرة، مطالبا الناس بالاستماع إلى العلماء وفهم صحيح الدين. كما أبدى تفاؤله بنجاح المبادرة الحالية.
من ناحيته قال الدكتور عمار صالح جودة وزير تنمية سيناء فى حكومة الظل لليوم السابع إن مبادرة تسليم السلاح والتخلى عنه وعن الأفكار المتطرفة بين المجموعات المسلحة بسيناء، نجحت فى عقد اتفاق لحل المشكلة مع الأمن الوطنى، وأضاف: المبادرة بدأت من «حكومة الظل» فى القاهرة بعدما تحدثت معهم وقلت لهم يوجد بعض الناس على صلة بالجماعات المسلحة وهم يريدون التراجع عن الأفكار السلبية، والعنف، وكلمونى من أجل التفاهم مع جميع الأطراف لصالح استقرار وتنمية سيناء مع توقف عمليات مطاردتهم، وأثناء حديثى مع أعضاء حكومة الظل كانوا فى لقاء مع اللواء منصور العيسوى وزير الداخلية، وأثناء اللقاء كلمونى من هناك وتم الاتفاق معهم على المبادرة، بشرط ألا تكون أيدى من سيتم العفو عنهم ملوثة بدماء أى فرد من الشرطة، كما أن الوزير وافق بالفعل بناء على ما تم فى المكالمة الهاتفية، وتم الاتفاق بعدها على عقد لقاء مع رئيس جهاز الأمن الوطنى، وجلسنا معه كحكومة ظل واستعرضنا كل أوضاع الأمن فى سيناء وما يترتب عليها وتحدثنا عن رغبة الشباب فى الاستقرار ونبذ الأفكار السلبية والتخلى عن السلاح، وتم الاتفاق على ترتيب لقاء مع مجموعة منهم فى العريش، ثم عدنا من القاهرة للعريش والتقينا بمجموعة محمود عبدالعزيز وآخرين للتأكد من نيتهم الصادقة فى المبادرة من أجل سيناء والوطن، وقمنا بعقد الجلسة التى حضرها 5 من قيادات الأمن الوطنى بقيادة العميد أحمد عبدالجواد.
وأضاف جودة: خلال الجلسة أبدى محمود عبدالعزيز قائد إحدى المجموعات استعداده للمبادرة، وعائلته أيضا أكدت رغبتها فى ذلك، وألا تكون هناك أى محاولات للالتفاف على الاتفاق.
وأضاف أنه بعد الجلسة الأولى عقدت قيادات الأمن الوطنى مع محمود عبدالعزيز وآخرين جلسة خاصة، للاتفاق على تنفيذ المبادرة التى تشمل كل المسلحين غير الملوثين بدماء الأبرياء، وكذلك من عليهم أحكام غيابية أيضا، وكل من غرر به بهدف المراجعات وإلقاء السلاح ونبذ العنف.
مشيرا إلى أن مساعد مدير الأمن الوطنى متفائل للمبادرة جدا، وكذلك الجماعات مقتنعة بها كما تعاملت قيادات الأمن بأسلوب راق ومحترم مع الجميع.
لكن جودة حذر من محاولة عرقلة المصالحة قائلا إن مديرية أمن شمال سيناء تحاول عرقلة المصالحة التى تدخلت فيها من خلال هجوم كبير على مكان يخصنى والعائلة بمنطقة الواحة بالعريش، ويبدو أنهم يريدون توصيل رسالة لى أو لا يريدون نجاح المصالحة.
مشيرا إلى خطورة أن تكون هناك قيادات أمنية تلعب لمصلحتها واستخدام نفس الأسلوب القديم فى مهاجمة الأماكن والتعدى على الأهالى وإرهابهم بدون وجه حق.
من جانبه قال سعيد أبو حج المنسق الإعلامى وعضو لجنة حماية الثورة بشمال سيناء: ندعو أبناءنا ممن تخلوا عن العنف والفكر المتشدد إلى الرجوع إلى العلماء الثقات، وتحرى الدقة، حيث إن ديننا يدعونا للتسامح ونبذ العنف، كما أرجو أن يلتفتوا إلى الجانب الإيجابى والبنّاء خاصة فى المرحلة الحرجة التى تمر بها البلاد عموما، وسيناء خاصة، ولنا نداء إلى حكومة عصام شرف وإلى قيادات المجلس العسكرى إلى تطبيق التنمية عمليا كواقع يعيشه أهل سيناء، وتوفير فرص عمل للشباب من أبناء سيناء، وتوفير وحدات سكنية من المحافظة لمن تخلى عن السلاح حتى يشعروا بأنهم والمجتمع من نسيج واحد.
وقال سمرى مرعى رئيس لجان حماية الثورة إننى أدعو جميع العناصر التى مازالت تحمل الأفكار المسلحة إلى تخليها عن الفكر المتشدد، وأن تنظر إلى العلم النافع والعمل الصالح الذى ينفع الناس والمجتمع، والسماع إلى العلماء الثقات والحوار بالفكر والمنطق من كتاب الله وسنة نبينا محمد «صلى الله عليه وسلم» وتحذو حذو هذه المجموعة فى التخلى ونبذ العنف الذى لا يأتى بخير أبدا.
ننفرد بنشر تفاصيل الاتفاق بين «الأمن الوطنى» والمسلحين فى سيناء لتسليم السلاح مقابل عدم الملاحقة الأمنية
الأحد، 04 سبتمبر 2011 01:41 م