خلف الخطاب المعلن للسياسيين هناك خطاب آخر خفى، هو الذى يتم التعامل به. وخلف الجدل الدائر حول الانتخابات فإن الآراء المعلنة لا تطابق الحقيقة، مثلاً أحزاب التحالف الديمقراطى هددت بمقاطعة الانتخابات، لكنها ليست جادة تماماً، وبعضها يسعى لتعظيم عدد المقاعد من خلال الدمج بين القائمة والفردى، وتجرى مناورات لفصل أعضاء فى الأحزاب ليترشحوا فردياً ويصبحوا جزءاً من أغلبية الحزب فى البرلمان.
هناك مآخذ على القوانين، مع العلم أنها جاءت بعد أخذ رأى الأحزاب أو بعضها، حيث طلبت الأحزاب رفع نسبة القائمة إلى الثلثين وعادت لتطالب بنظام كامل للقوائم. ثم إن تقسيم الدوائر إلى 46 دائرة للقائمة، و83 للفردى، والذى يرونه توسيعا للمساحة الجغرافية يفتح الباب للمال والعصبيات والعنف والفلول، ولم يقدموا بديلاً عن تقسيم الدوائر.
اللافت للنظر أن الأحزاب حددت اعتراضاتها، ولم تعلن عن مطالبها بالضبط، وهو ما يجعل سؤالاً: ماذا تريد الأحزاب؟. وهل هذه الأحزاب ممثلة للشعب المصرى كله، أم أنها تعبر عن قطاعات منه دون أن تمثل أغلبية. لأن أغلبها حديث، وغير معروف وليس لديه برامج واضحة، والتجربة الحزبية نفسها حديثة. والأهم: هل يشارك المعترضون فى الاقتراحات؟ أم إنهم يقولون شيئاً أمام المجلس، وآخر أمام الجمهور؟.
الأحزاب ركزت فى اعتراضاتها على «المادة الخامسة» واعتبرتها نكسة ومخالفة للدستور، ماذا تقول المادة الخامسة؟.. «يشترط فيمن يتقدم بطلب الترشح لعضوية مجلس الشعب أو مجلس الشورى بنظام الانتخاب الفردى، ألا يكون منتميا لأى حزب سياسى، ويشترط لاستمرار عضويته أن يظل غير منتم لأى حزب سياسى، فإذا فقد هذه الصفة أسقطت عنه العضوية بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس».
المعترضون على هذه المادة يرون أنها تخالف حرية التنقل بين الأحزاب، لكن علينا أن نتذكر أن هذه المادة كانت أحد مطالب الأحزاب أيام مبارك، لأن الحزب الوطنى كان يختار مرشحيه الأصليين، ويخوض المستبعدون الانتخابات مستقلين ويسارعون للانضمام للوطنى، وفى انتخابات 2000 حصل الوطنى على 38 % من المقاعد، وحصل المستقلون على 47 % وانضموا ليحوز الوطنى على 85 % كانت كافية ليحتكر البرلمان. تكرر الأمر فى انتخابات 2005، وهو مادعا الكثير من السياسيين إلى الدعوة لتشريع يمنع هذا الانتقال الميكانيكى الذى يصنع أغلبية وهمية، ويقود إلى الاحتكار، وهو ماجرى فى المادة الخامسة المختلف عليها، والتى عادت الأحزاب لتعتبرها نكسة مع أنها كانت تطالب بها.
الأحزاب هنا تقدم خطابا مزدوجا، وتعترض دون أن تشرح للناس تعقيدات النظام الانتخابى، هم فقط يفكرون فى مقاعدهم، دون أن ينشغلوا بالشعب، الذى لا يمثل لهم سوى أصوات، وهو نفس ما كان يفعله النظام السابق.. وبين قوانين معقدة وأحزاب انتهازية يبقى المواطن مستبعداً، وهو ما كان يفعله نظام مبارك.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الشربيني المهندس
الحكم للاغلبية الصامتة
عدد الردود 0
بواسطة:
ايمن المصر
لا لتغيير او تعديل المادة 5
عدد الردود 0
بواسطة:
anwaer
السيارة تعود للخلف
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
ما يجري علي شراء الاصوات
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد مصلح كمال
احيك على المقال
عدد الردود 0
بواسطة:
إسلام حسن
الهروب من المسؤلية
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الحكيم عامر
نكسة مليونية الإسترداد وهزيمة مقال سكرتير التحريض لديكم " إبن رشدي "
عدد الردود 0
بواسطة:
نادر حبيب
حل اللغز
عدد الردود 0
بواسطة:
نادر حبيب
حل اللغز
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال المتولى جمعة
الامية العائق الوحيد ضد الثورة