سماسرة الانتخابات يفتتحون موسم شراء الأصوات فى «عزبة خيرالله» و«ترب اليهود»..وسيدات يحترفن تجارة الانتخابات تحت غطاء العمل الخيرى.. وسعر الصوت 50 جنيهاً.. والبداية بـ«طلباتك إيه ياهانم»

الجمعة، 30 سبتمبر 2011 10:52 ص
سماسرة الانتخابات يفتتحون موسم شراء الأصوات فى «عزبة خيرالله» و«ترب اليهود»..وسيدات يحترفن تجارة الانتخابات تحت غطاء العمل الخيرى.. وسعر الصوت 50 جنيهاً.. والبداية بـ«طلباتك إيه ياهانم» صورة أرشيفية
تحقيق - أمل صالح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقلاً عن العدد اليومى

لا يزال عدد كبير من المواطنين البسطاء باقيا على العهد القديم مع موسم الانتخابات، حيث يتوقعون شراء أصواتهم فى الانتخابات القادمة، وهو ما لا يجد استنكارا فى أوساط احياء شعبية كثيرة، لا يعنيهم كثيرا سوى ما يمكن أن يحصلوا عليه من أموال مقابل أصواتهم بسبب ضعف مستوى الوعى الذى يبدو أن الارتقاء به ليس سهلا، ويتطلب مجهودات حقيقية وملموسة.. هنا فى عزبة خيرالله وترب اليهود ينتظر البسطاء تسليم بطاقاتهم الشخصية، لسماسرة الانتخابات الذين بدأوا مبكرا فى الاستعداد لحشد الأصوات للمرشحين المحتملين فى انتخابات برلمان الثورة..

«اليوم السابع» كانت هناك ترصد تحركات سماسرة الانتخابات فى الكواليس.. الوصول لأحد هؤلاء السماسرة، استلزم التعرف عليه على أساس أننى مديرة حملة انتخابية لأحد المرشحين الشباب فى منطقة «إمبابة»، بهدف الاتفاق معه على إمكانية حشد الأصوات اللازمة للمرشح لكى يفوز بمقعد الدائرة فى الانتخابات القادمة، ومن هنا كانت عزبة خيرالله وترب اليهود هى قبلتنا لما هو معروف عنهما من كثرة تواجد السماسرة.

«طلباتك إيه ياهانم».. بتلك الجملة بدأ شخص يدعى «جمال» من سماسرة الانتخابات بعزبة خير الله، ومعروف عنه وسط أهل المنطقة أنه لا عمل له إلا حراسة بعض المنشآت الحكومية واللجوء أحيانا إلى البلطجة إذا لزم الأمر.

جمال قطع لى وعدا أن باستطاعته حشد 1000 صوت بشكل مبدئى لصالح المرشح الذى ندير حملته الانتخابية، مقابل دفع مبلغ مالى يتراوح من 10 إلى 50 جنيها لكل ناخب، وأكد السمسار على ضرورة أن يتحلى المرشح مع الناخبين فى دائرته والذين لن يستطيع شراء أصواتهم، بحلاوة الحديث والالتزام بالوعود عن الإصلاح، مع إدخال قليل من الكلمات التى يستشهد فيها بالقرآن والسنة النبوية، حيث قال: «لازم كل شوية يقول الله ورسوله.. عشان يكسب ثقة الناس».

وفيما يخص المقابل المادى أو «العربون» الذى سيحصل عليه السمسار فى البداية لإتمام الصفقة قال: «مبدئيا سيكون 2000 جنيه، مع التزامى بدفع ثمن تصوير البطايق وتكاليف الصوان الأول وثمن الأتوبيسات»، مؤكدا أن لديه بكل منطقة رجالته، وأضاف قائلا: وفقا للموعد الذى سأحدده سوف أبدأ فى جمع البطاقات الشخصية للمواطنين وحشد أهالى المنطقة لإقامة الصوان الانتخابى الأول.

وفقا لشهادات عدد من الناخبين فى منطقة عزبة خيرالله وترب اليهود، ممن يسعون لبيع أصواتهم، أو ينتظرون بيعها، فإن السماسرة هم المسؤولون مباشرة عن التعامل معهم، فيما يظل المرشح خلف الستار لا يتعاملون معه مباشرة.

فى شقه بسيطة مكونة من غرفة وصالة بعزبة خيرالله التقينا بالسيدة صبيحة، التى ظلت تنظر لابنتها المريضة الممدة على «كنبة» شبة متهالكة، لتبدأ كلامها «جوزى الله يرحمه كان عامل نظافة فى شركه حكومية للصابون، وبعد موته الحكومه بتصرف لنا معاش مابيكفيش العيش الحاف.. أنا وولادى الخمسة.. والانتخابات بالنسبة لنا موسم بنستناه بفارغ الصبر زى كل أهل العزبة».

وأضافت صبيحة أن إحدى السيدات مسؤولة عن جمعية خيرية، وعدتنا بصرف خمسين جنيه لما نروح الانتخابات وندى صوتنا لواحد مرشح هتقول لنا على اسمه بعدين.

حالة السيدة صبيحة لم تكن الوحيدة التى تعرضت لاستغلال سماسرة الانتخابات، فظروف أهالى العزبة تعتبر واحدة، فالفقر والجهل والمرض هو السمة الغالبة على ملامح الأهالى، لذا كانت عزبة خيرالله وترب اليهود من المناطق المشهورة باستعانة أعضاء الوطنى المنحل لأصوات أهلها لملء صناديق الاقتراع.

«هدية» ذات الـ 23 سنة هى أم لطفلين تسكن فى ترب اليهود، أكدت أنها تلقت منذ أقل من أسبوع عرضا من السيدة صاحبة الجمعية الأهلية المذكورة، لتسليم صورة من بطاقتها وبطاقة زوجها وأطفالها ممن تجاوزت أعمارهم الـ18 عاما، فى مقابل 50 جنيها على البطاقة الواحدة، على أن يذهبوا فى «يوم الانتخابات» ويصوتوا لصالح المرشح الذى لا تزال هويته غير معروفة لهم حتى هذه اللحظة.

الغريب فى الأمر حسب كلام الأهالى هو أن أصواتهم لا يقتصر توزيعها فقط على لجان عزبة خيرالله باعتبارها المنطقة التى ينتمون إليها، بل كان يتم الاستعانة بهم فى الانتخابات الماضية للتصويت فى مناطق أخرى لا يعرفون عنها شيئا، حيث قالت صباح حسنين ذات الـ35 سنة، إن إحدى سيدات المنطقة تدعى «أم طه» جاءت لها وأبلغتها عن رغبة محام يدعى «حامد» من مصر القديمة فى شراء صوتها وصوت زوجها بـ20 جنيها للصوت الواحد.

عملية شراء أصوات الناخبين هى الظاهرة الأكثر انتشارا التى شهدتها انتخابات عامى 2005 و2010، حيث وصل سعر الصوت إلى ذروته، وبلغ فى بعض الدوائر الانتخابية مئات الجنيهات، وهو الأمر الذى دفع بحكومة الدكتور عصام شرف، إلى البدء فى إعداد مشروع قانون يجرم استخدام المال فى الانتخابات، حسبما صرح المستشار محمد عطية‏،‏ وزير التنمية المحلية، الذى أكد أن الهدف من القانون هو اعتبار شراء الأصوات جريمة رشوة يعاقب عليها القانون بالحبس من‏3‏ إلى ‏15‏ سنة منعًا لاستغلال أصحاب النفوذ للسيطرة على الانتخابات، ومعاقبة المرشح الذى يستخدم المال بالحبس.

المستشار زكريا عبدالعزيز رئيس نادى القضاة السابق توقع استمرار عمليات شراء الأصوات مما سيساهم فى إمكانية تزوير فى الانتخابات القادمة، نظرا لاستمرار العمل بالقوائم الفردية، مؤكدا أنه على الرغم من من تأييده السابق للقوائم الفردية فإنها لا تصلح للتطبيق فى هذه الفترة، قائلا: «نحن الآن نعانى من خلل أمنى، فضلا عن وجود خلل فى تركيبة المرشحين، ومحاولة بعضهم ممن كانوا ينتمون للعهد البائد لإعادة ترشيح أنفسهم من جديد حتى فى أثواب جديدة».

وفيما يخص قانون تجريم تزوير الانتخابات أوضح عبدالعزيز أن هذا قانون موسمى يطبق فقط فى وقت الانتخابات، مما يضعف من تطبيقه، مضيفا: «القوانين وضعت لتخالف»، مؤكدا أن حل الأزمة يكمن فى تفعيل نظام القائمة النسبية للقضاء على تلك المشكلات سواء البلطجة أو شراء الأصوات.

من جانبه أشار المستشار إبراهيم درويش لاستغلال بعض العناصر المستفيدة من حاله الانفلات الأمنى بعد الثورة فى إحداث أفعال مضادة للمبادئ التى نادت بها الثورة التى وصفها بأفعال أقرب للبلطجة، سواء عن طريق استمرار تزوير إرادة المواطن وبيع الأصوات أو أفعال الشغب والتهديد بظهور مراكز قوى تتهم غيرها بالفساد وبالتالى تظل الثورة «صامتة وخائفة»، على حد تعبيره.

وأعرب درويش عن تخوفه من توحش تلك الفئة قائلا: «من المنتظر ارتكاب جرائم انتخابية جديدة فى الانتخابات المقبلة»، مشيرا إلى ضرورة ضبط الشارع السياسى بالتجريم والعقاب، وزيادة التوعية السياسية، وأوضح درويش الدور الملقى على محكمة النقض فى النص التشريعى الذى صدر فى الإعلان الدستورى، والذى يمنح أحقية الطعن فى عضوية أى مرشح فى الانتخابات القادمة لمحكمة الطعن خاصة بعد انتهاء عهد «سيد قراره»، قائلا: «أى تزوير أو بلطجة سوف تحدث فى الانتخابات، ستؤدى إلى طرد المرشح الذى ترتبط به هذه الجرائم شر طردة بحكم من محكمة النقض».





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة