لا تزال الأنفاق الحدودية بين مصر وقطاع غزة بوابات كسب الرزق لآلاف المصريين والفلسطينيين على حد سواء،وعلى الرغم من المخاطر الكبيرة التى التى تنتظر عابريها، وسرية العمل بها، إلا أن الوصول لها بات أسهل مما مضى، وبعدما كانت من الأسرار باتت مزارات مفتوحة للمغامرين فى أى وقت.
تمر الأنفاق، التى تشكل طريقا بديلا للتنقل بين الحدود المصرية وقطاع غزة حاليا، بمفترق طرق يحدد مصيرها، إما أن تبقى، أو تزول.. فى طريقى إلى مناطق الأنفاق على الحدود لم يكن صعبا، حيث نزلت من السيارة قادما من مدينة العريش، إلى شارع صلاح الدين فى رفح الذى يبعد 150 مترا تقريبا عن الحدود المصرية الفلسطينية.. فور نزولك سترى بعينيك العمارات الشاهقة فى قطاع غزة تقابلها بيوت شبة مهدمة وعمارات هبطت أو مالت بسبب انتشار الأنفاق أسفلها.. وكأن نصفها أصبح على الأرض والنصف الآخر على الهواء.. خطوت إلى شارع صلاح الدين حيث المقهى الذى اعتدت الجلوس عليه منذ سنوات، الجديد فقط مدرعة تقف بالقرب من مبنى بنك مصر قبالة المقهى، وعلى مرمى البصر القريب مدرسة تعانى من آثار التشقق جراء قصف الحدود، ومسجد تعهد بعض أصحاب الأنفاق بالجانب الفلسطينى بترميمه بعد تعرضه للهبوط بسبب حفر أحد الأنفاق، وبعض الجنود المصريين يقفون بالقرب من الجدار الحدودى الذى لا يحجب رؤية قطاع غزة.
جلست وإلى جوارى مجموعة شباب من الصعيد بجلابيبهم ولهجتهم المميزة، ابتسمت لهم وأنا أسألهم: «أخبار الأنفاق إيه؟» لم يكن السؤال صادما لهم كما كان من قبل، لذا ابتسموا قائلين: «بخير لكن مش تمام قوى».
أدركت مغزى الكلمة فعدد الأنفاق بات محدودا بعد أن كان أكثر من 1200 نفق، الآن لا يزيد ربما على 200 نفق أو أقل.. تدفق البضائع بين الجانبين أصبح أقل، ويتركز حاليا على ضخ الوقود: البنزين والسولار الذى يتم بدون تدخل بشرى، من خلال خراطيم ومضخات على جانبى الحدود.
إبراهيم محمود من إحدى محافظات الصعيد يقول بصراحة: الدنيا اتغيرت.. العملية ناشفة والأجر اليومى لا يزيد على 50 جنيها، لكن الحمد له أهى شغلانه وكام شهر ونرجع تانى، لأنه عيب ترجع البلد بعد غربة بدون فلوس، وأضاف: الآن الأنفاق لا تهرب إلا الجاز والبنزين وده بيتم بالخراطيم من غير ناس يعنى، والحال اتغير للأسوأ. ويتابع: كان العمل فى الأنفاق أحسن من السفر للخليج لكن ده كان زمان.
على الجانب الآخر حيث رفح الفلسطينية وعلى بعد 200 متر فقط من المقهى الذى أجلس عليه، وقرب محطات وقود بهلول برفح، لا يجد الشباب العاطل أى فرص عمل، قلة منهم فقط تقبل العمل تحت القصف الجوى للأنفاق، والنتيجة دائما قتلى وجرحى وأحزان يخلفها فراقهم.
إبراهيم السيد، شاب يعمل فى الأنفاق قال: «بصراحة احنا خايفين إن مصر تهدم الأنفاق وتقطع أرزاقنا». مضيفا: «هذا حرام لأن الأنفاق تقدم الطعام والشراب لغزة ودول مسلمين زينا وواجبنا اننا نقف معاهم». واستطرد: «حتى لو كانت الأنفاق تهرب سلاحا فصدقنى نحن لا نعلم أين هذه الأنفاق، وأكيد حماس هى المسيطرة عليها من الجانبين، لضمان السرية على الأقل ومش أى حد يعمل فيها وأعتقد أن العمل فيها أفضل ألف مرة من عملنا فى الأنفاق العادية، لأن المقابل أكيد كبير، مشيرا إلى أن الأنفاق تدر دخلا لآلاف الأسر وعمال وسائقين وتجار مصرين، والكل يأكل عيش من وراها».
الرغبة فى الحياة وكسب العيش هى المسيطرة على الشباب وتدفعهم للمغامرة دون خوف من الموت تحت الأرض، فى عشرات الأنفاق الممتدة من شمال معبر رفح البرى بدءا من منطقة «الصرصورية» إلى مناطق «الجندى المجهول، وصلاح الدين، والبراهمة، والجبور، والشعوت» بحى السلام والتى تنشر فى الزراعات وأسفل المنازل بل تمتد تحت بعض المدارس والمنشآت الحكومية، ويوجد عدد ضئيل منها فى منطقة «الدهنية» جنوب معبر رفح البرى، التى كان بها نفق لتهريب السيارات وهو من الأنفاق الكبيرة فى الحجم والتكلفة مقارنة بأنفاق نقل البضائع أو الوقود، وما بين العلامتين الثالثة والسادسة تمتد الأنفاق وخزانات الوقود التى تأتى لها مئات الشاحنات ليلا لتفرغ حمولتها فى خزانات عملاقة تحت الأرض، يتم ضخ الوقود منها بمضخات لخزانات على فى غزة، بما يساوى 4 أضعاف سعر الوقود فى مصر، تباع للعملاء فى غزة فى ظل معاناة أهالى سيناء من قلة الوقود بسبب تهريبه لغزة ومطالبهم المستمرة للرقابة على المحطات.
من جهتهم يرى أصحاب وعمال الأنفاق بغزة أن إغلاق الأنفاق سيشكل كارثةً حقيقيةً على آلاف الأسر التى يعمل أبناؤها فى الأنفاق، بعد أن وجدوا حلا للبطالة المنتشرة فى غزة من خلال العمل فى الأنفاق، ويرون أن قسوة وخطورة العمل فى الأنفاق تبقى أهون من إغلاقها، على الرغم من أن الأنفاق خلفت مئات الشباب الهارب الذين تطاردهم أحكام غيابية لضلوعهم فى العمل فى أو امتلاك أنفاق.
وزير الاقتصاد الوطنى فى حكومة حماس بغزة علاء الرفاتى قال: إن السلطات المصرية لم تخطر حكومته بقرار إغلاق الأنفاق مع قطاع غزة، واعتبر أن ما يتردد بهذا الصدد مصدره وسائل إعلام فقط، وأضاف: إن قراراً مصرياً كهذا سيكون له بعد أمنى فقط ولا يحمل أى أبعاد اقتصادية. لكنه حذّر من تداعيات سلبية لخطوة مصرية كهذه على الأوضاع فى قطاع غزة، قائلاً: «الأنفاق وسيلة استثنائية لكسر الحصار عن القطاع وهذا الحصار مستمر ولهذا يجب البحث عن بدائل رسمية قبل الإقدام على تدمير الأنفاق، مؤكدا أن حكومته لا تمانع فى البحث عن أى بدائل رسمية مع السلطات المصرية، مثل فتح معبر رفح البرى تجارياً، أو إقامة منطقة تجارية حرة على الحدود بين قطاع غزة ومصر، وأطالب السلطات المصرية بالوفاء بتعهداتها إزاء كسر الحصار كلياً عن قطاع غزة».. مشيرا إلى وجود وعود مصرية بإقرار سياسات مختلفة فى التعامل مع الوضع فى قطاع غزة، مضيفاً أن حكومته ستنتظر حتى نهاية العام حين تجرى الانتخابات فى مصر ويجرى الانتهاء من ترتيب الملف الداخلى المصري، وهو ما سينعكس إيجابياً على القطاع.
حرب أنفاق غزة تدخل مرحلة الحسم.. نرصد المخاطر الأمنية لبقاء الأنفاق بين سيناء وغزة والمخاوف الإنسانية من هدمها.. عددها انخفض من 1200 إلى أقل من 200.. ومنازل ومدارس رفح «نص على الأرض ونص على الهوا
السبت، 03 سبتمبر 2011 03:24 م
نقلا عن العدد اليومى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري بجد
دي مهزلة وتهريج
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد من غزة
هدم الأنفاق نعمة و نقمة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمودجاد
لاداعى لها
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
وسيله للضغط
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية .. فلسطينية
الموضوع مضحك جدااااااااااا
عدد الردود 0
بواسطة:
عزيز
تركيا واحنا فييييييييييييييييييييين
عدد الردود 0
بواسطة:
هشام بركات
لكم الله.......لو ان لكم جيران كتركيا لأنحلت ازماتكم
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري و افتخر
حرب أنفاق غزة تدخل مرحلة الحسم..
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية اصيلة.
تدمير الانفاق واجب وطنى وقومى..
عدد الردود 0
بواسطة:
طارق الغروري
صاحب العقل يميز