يدور الآن على الساحة السياسية المصرية صراع مصطلحى حول مفهوم الدولة المدنية، يعكس حالة الصراع على أرض الواقع بين التيارات السياسية المختلفة، ويزيد الاستقطاب السياسى حدة كلما اقترب موعد الانتخابات، وأعتقد أن الصراع حول المصطلح هو صراع مفتعل يعكس حالة عدم الوضوح والشفافية كل تجاه الآخر، ويعكس تخوف مشروع من سيطرة تيار بعينه وإقصائه للتيار الآخر.
فالتيار الليبرالى، وهو يحوى النخبة بدون قاعدة شعبية عريضة والمؤيد من الغرب ـ الذى يرى فيه الأقرب لتوجهاته ومصالحه ـ يتخوف من سيطرة التيار الإسلامى ذى الشعبية الواسعة وإقصائه له، والتيار الإسلامى الذى مرّ بتجارب مريرة مع التيار الليبرالى طوال عقود أمضاها فى السجون والمعتقلات، عنده أيضا تخوف مشروع لأنه لا يتم إقصاؤه فقط بل يتم تصفيته دائما، فالصراع المصطلحى والمفتعل هو صراع حقيقى حول هوية الدولة كناحية أيديولوجية، والإقصاء كتفاعل حركى ناتج عن توجهات الدولة الجديدة الفكرية.
تبقى معضلة أخرى، وهى معضلة الخيار الديمقراطى، فبعد ثورة 25 يناير انعكست الأوضاع تماما وأصبح الخيار الديمقراطى هو من سيأتى بالتيار الإسلامى، وأصبح على التيار الليبرالى اتخاذ أساليب غير ديمقراطية كإقصاء الخيار الشعبى أو السماح بتسلط عسكرى على الدولة للحيلولة دون وصول التيار الإسلامى، وبذلك نصبح أمام معضلة سياسية كبيرة ألا وهى اتخاذ تدابير غير ديمقراطية وإقصاء للغالبية والسماح بسيطرة العسكر، وبالتالى توقع الفوضى السياسية والأمنية الناتجة عن إقصاء الطرف الآخر من المعادلة بل ولا نبالغ إذا قلنا فوضى إقليمية لن يستفاد منها سوى إسرائيل، وإما الاستجابة للخيار الديمقراطى والتخوفات بشأن إقصاء الآخر وتحمل ضغوط دولية سياسية واقتصادية وعسكرية قد تنتج عن هذا الخيار، إذا فالنتائج المتوقعة خطيرة وقد تسقط الدولة المصرية وتغرقها فى صراع داخلى خطير فى ظل تردى الأوضاع الاقتصادية والأمنية.
وفى اعتقادى أن المخرج من هذه الأزمة لا تكون إلا بالتوافق الوطنى عن طريق حوار وطنى جاد بلا تحيز إلا للمصلحة العليا للدولة وترك المصالح الشخصية وتغليب المصلحة العامة والالتزام التام بنتائج الحوار الوطنى، والذى يكون فيه التمثيل العادل للقوى السياسية، والتوافق فى هذا الحوار على الدخول فى قائمة موحدة فى الانتخابات القادمة على أساس برنامج مشترك ينتهى إليه الحوار فمن يوافق عليه يدخل القائمة حتى يتم جمع كل التيارات السياسية الفاعلة لضمان التمثيل السياسى لجميع القوى الوطنية المتوافقة على البرنامج، وبنفس هذا التوافق يتم وضع الدستور طبقا للخريطة الوطنية التى سيرسمها الحوار الوطنى دون إقصاء لأحد أو تهميش أو إغفال لدور وحجم أحد على الأرض، وأتمنى أن يتبنى هذا الحوار جهة وطنية محايدة ليس لها مصالح مع أى طرف سوى المصلحة الوطنية للدولة المصرية.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
مقال أكثر من رائع نتمنى التوحد كمصريين و تأسيس دولة ديمقراطيةوعلينا ان نرضى برأى الشعب
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الباسط
يا رب
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد قطب
تمااااااااااااااااااااام
انت كده جبت من الاخر
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
توافق يبقي ما اتعلمتش حاجه
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى مهموم
اللهم قد بلغت
عدد الردود 0
بواسطة:
ramy elfeky
حلم بعيد المنال
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد مسلم غير سلفي
الاسلام و العسكريه
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال
الانحياز الدميقراطى ........................!!!!!!!!!
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
مقال اغلبه تحيز
عدد الردود 0
بواسطة:
عبده
الى رقم 4و7و9