حسين عبد الرازق

الأحزاب.. والتغيير

السبت، 03 سبتمبر 2011 03:55 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يعتمد تحقيق أحد أهم أهداف ثورة 25 يناير 2011، وهو التحول من الاستبداد إلى الديمقراطية، على مجموعة من الأشياء، من أهمها قيام تعددية حزبية حقيقية فى مصر، ولسعد الحظ أن القيود التى أحاطت بقيام الأحزاب ونشاطها وحريتها فى الحركة منذ عودة التعددية الحزبية عام 1967 بعد حل الأحزاب عام 1953 وهيمنة الحزب الواحد على البلاد لمدة 23 عاما، كانت عديدة ومتنوعة. فقانون الأحزاب الصادر عام 1977 كان قانونا استثنائيا لما احتواه من قيود على تأسيس الأحزاب وإخضاعها لهيمنة السلطة التنفيذية والأمن، وتساند معه حالة طوارئ معلنة بصفة شبه دائمة، وقوانين موروثة تصادر الحريات العامة وحقوق الإنسان مثل قانون التجمهر الصادر عام 1914 وقانون منع التظاهر والتجمع الصادر عام و1923 وعديد من مواد قانون العقوبات وقانون حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعى عام 1978 وقانون مكافحة الإرهاب رقم 97 لسنة 1992... الخ
ولم يتغير الحال كثيرا بعد ثورة 25 يناير. فهذه القواينن جميعا مازالت قائمة باستثناء قانون حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعى الذى ألغى قبل الثورة، وجاء تعديل قانون الأحزاب الذى صدر بمرسوم من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، دون أى تشاور أو حوار مع الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى الحقوقية، ليحتفظ بكثير من القيود الجوهرية الواردة فى هذا القانون، ويضاعف من الشروط المجحفة لتأسيس الأحزاب، برفع عدد المؤسسين إلى خمسة آلاف بعد أن كان العدد المطلوب عند صدور القانون 50 مؤسسا ثم رفع إلى 1000 مؤسس قبل الثورة، وليفرض على الحزب نشر أسماء المؤسسين جميعا فى صحيفتين يوميتين بتكلفة تتراوح بين 150 ألف جنيه ونصف مليون جنيه!

ولم تكن مشكلة الأحزاب فقط هى الإطار القانونى الذى يحكم تأسيسها وحركتها، فقد عانت أيضا من الممارسات الأمنية ومن التنكيل بقيادات وكوادر وأعضاء بعض الأحزاب التى مارست المعارضة للحكم الاستبدادى وسياساته الاقتصادية والاجتماعية، ومن أخطاء بعض قيادات الأحزاب الذين خضعوا للقيود المفروضة - القانونية وغير القانونية- وتورطوا فى أخطاء سياسية أساءت لسمعة أحزابهم ولفكرة الحزبية ذاتها.

ورغم ذلك فقد قام قبل ثورة 25 يناير عدد من الأحزاب الحقيقية التى مارست المعارضة وطرحت برامج وسياسات بديلة لسياسات الحكم، وقدمت تضحيات جساما بدرجات متفاوتة، فى مقدمتها حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى والحزب العربى الديمقراطى الناصرى «يسار»، وحزب الوفد وحزب الجبهة الديمقراطية «ليبرالية» وحزب العمل، بدأ «يسار الوسط» تم تحول إلى الإسلام السياسى وحزب الأحرار «يمينى»، وجماعة الإخوان المسلمين والحزب الشيوعى المصرى «غير معترف بهما قانونا».

وبعد ثورة 25 يناير وصدور مرسوم تعديل قانون الأحزاب، استطاعت التيارات التى تملك المال، وبدعم رجال الأعمال الكبار والمتوسطين، تأسيس عدد من الأحزاب الجديدة مثل حزب الحرية والعدالة «أحزاب ليبرالية» وعدد من الأحزاب السلفية. بينما تعثر التأسيس القانونى لمجموعات يسارية أعلنت عن تأسيس أحزاب مثل حزب التحالف الشعبى الاشتراكى الذى يضم عددا من القيادات وأعضاء حزب التجمع الذين أعلنوا انشقاقهم عن التجمع خلال اجتماع لجنته المركزية فى 12 مارس الماضى، والحزب الاشتراكى المصرى وحزب العمال والاشتراكيين الثوريين.

وإذا كان الحكم على الأحزاب الجديدة مؤجلا لحين إعلان برامجها وبدء الممارسة على أرض الواقع، فالأحزاب القائمة منذ ما قبل 25 يناير مطالبة بمراجعة ونقد تجربتها وتصحيح أخطائها وتجديد خطابها، والاختبار الأول على هذا الطريق من نصيب حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى، الذى يعقد مؤتمره العام السابع يومى 14 و15 سبتمبر الحالى.

فحزب التجمع الذى مارس العمل السياسى والنضال طوال 30 عاما، معارضا للسادات ومبارك والسياسات الفاشلة الممارسة منذ عام 1974 اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وقدم أعضاؤه وقادته تضحيات جمة، سواء بمحاربتهم فى لقمة العيش أو الاعتقال واصطناع القضايا وتقديمهم للمحاكمة، تعرض فى السنوات الأخيرة لمحاولات لتشويه صورته لدى الرأى العام، شارك فيها الحكم والقوى المناوئة لليسار وللتجمع بصفة خاصة، ومعها بعض القوى اليسارية أو المحسوبة على اليسار والمختلفة مع التجمع، وبعضها يرى أن وجوده رهن بنفى التجمع، وتم التركيز فى هذه الحملة على تصوير التجمع باعتباره جزءا من النظام السابق والترويج لحديث «الصفقات» بين قيادات فى التجمع وقيادات الحزب الوطنى وأجهزة الحكم، وساهم عدد محدود من القيادات المتنفذة فى الحزب فى السنوات القليلة الماضية - بمواقفهم وتصريحاتهم- فى تأكيد هذه الصورة.

والمؤتمر العام السابع للتجمع فرصة أخيرة لتصحيح هذه الأخطاء، وإعادة بناء الحزب من جديد وتقديمه للرأى العام فى صورته الحقيقية كحزب التغيير من أجل بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة وتحقيق التنمية الوطنية المستقلة المعتمدة على الذات والمنحازة للطبقات الشعبية والوسطى كمرحلة انتقالية للاشتراكية، وذلك عن طريق طرحه خطا سياسيا وجماهيريا وتنظيميا جديدا وانتخاب قيادات، على المستوى المركزى وفى المحافظات، تعبر عن هذا التغيير بدقة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة