بالفعل أصبحنا أمام لوغاريتمات، ليست من صنع المجلس العسكرى وحده، بل هى من نتاج تناقضات ومناورات الأحزاب والحركات السياسية التى انشغلت بالإجراءات وتجاهلت الأرض التى تدور عليها منافسات السياسة، حتى وجدت نفسها فجأة أمام الانتخابات، وعليها أن تطرح برامج وأفكارا، وتقدم نفسها للشارع، الذى لا يعرفها ويحمل الكثير من الشكوك، والذكريات السيئة عن ألاعيب السياسيين.
المصريون يتحدثون فى السياسة ويهتمون بها، ولدى الكثيرين منهم رغبة فى المشاركة، وكثيرا ما يجدون أنفسهم معزولين ومستبعدين، يفتقدون من يقدمها لهم بطريقة مفهومة.
اللوغاريتمات تبدأ من قوانين الانتخابات التى تزداد تعقيدا، فضلا عن أنها فى هذه المرة تجمع بين القائمة والفردى، مع تقسيم مختلف للدوائر. وهى ألغاز تحير السياسيين المحترفين، فما بالنا بالمواطن الذى يريد المشاركة، لكنه لا يجد من يمد يده بالمساعدة على الفهم. بينما الأحزاب والجماعات السياسية انشغلت بالسعى لغنائم قبل انتهاء المعركة وقبل التوصل إلى صيغ توافق كل الاتجاهات, وكما قلنا من قبل فقد أصبح لدينا نجوم سياسة وليس لدينا سياسيون، النجوم يفضلون المؤتمرات والفضائيات أكثر من الشارع، لأن النجومية أسهل من العمل الميدانى. ولا يستثنى من ذلك غير عدد محدود من الشباب فى الأحياء والأقاليم يحاولون أن يشرحوا للناس القوانين والإجراءات ويدعوهم للمشاركة، ونظن أن هؤلاء الشباب هم من يمكنهم أن يشكلوا أملا للمستقبل، لأنهم لا يطرحون أنفسهم كمرشحين ولا يدخلون منافسة، ويفعلون ذلك من أجل تعريف الناس والمناقشة معهم.
بعض هؤلاء الشباب ينتمون للجبهة الوطنية أو لتيارات جديدة، ويسعون للتعرف على مطالب الناس، وفك صعوبة الأوضاع وتعقيدات القوانين والقواعد والقرارات.
علينا الاعتراف أنها المرة الأولى التى تجرى انتخابات حقيقية، وليس بيننا من يمتلك يقينا أو معرفة، بل نحن حائرون أيضا، وحتى خبراء القانون يختلفون فيما بينهم، وما كان يحدث من قبل لم يكن انتخابات، بل مجرد إجراءات تشبه الانتخابات والنتائج كانت توضع بشكل مسبق فى مطابخ الحزب الوطنى أو المراكز والأقسام وأجهزة الأمن.
وبين لوغاريتمات القوانين والأحزاب والتيارات الانتهازية يقف المواطنون فى حيرة. لا يهتمون كثيرا بالخلافات الإجرائية والمناقشات البيزنطية، لكنهم يهتمون أكثر بالنتائج. ولديهم مطالب وأهداف، تبدو أكثر وضوحا من نجوم السفسطة. أغلب المصريين أولوياتهم واضحة، يريدون نظاما يضمن لهم أجرا عادلا وعلاجا إنسانيا ولأبنائهم تعليما محترما، ومساواة فى الفرص. العامل والفلاح يريدان مقابلا عادلا لجهدهما، ومثلهم الأطباء والمعلمون والمحامون.
المواطنون لا تشغلهم الفروق بين أنظمة الانتخابات ويرونها وسيلة وليست غاية, وهؤلاء الذين سعوا لاستفتاء مارس، ولديهم رغبة فى المشاركة، وأمل فى أن يشاركوا فى المستقبل.. ونخشى أن يضطروا للانصراف عن الجميع، لو استمرت حالة الجدل اللوغاريتمى حول الإجراءات.. الناس يريدون من يحل لهم اللوغاريتمات، وليس من يزيدهم حيرة على حيرتهم.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
م . طارق عامر
أيظنون أنهم أعظم من الخالق "حاش لله" .. حرام عليكم !!!
عدد الردود 0
بواسطة:
z-yahya
شكرا ولكن