رأى عدد من المؤرخين والأكاديميين، أن قرار "حظر النشر" الذى فرضته المحكمة فى قضية محاكمة الرئيس السابق محمد حسنى "مبارك" وابنيه علاء وجمال، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى، و6 من كبار مساعديه، سيكون له أثر سلبى على توثيق ثورة الخامس والعشرين من يناير، وسيفتح باب "العنترية" أمام البعض للادعاء بالاطلاع على المحاضر الرسمية لهذه الجلسات، أو العلم من "مصادر مطلعة" و"مصادر قريبة"، إضافة إلى أن الاعتماد على ما ينشر من تسريبات لا يمكن الاعتماد عليه أيضًا، لأنه من السهل الطعن فى صحته.
وقال المؤرخ الدكتور عاصم الدسوقى، إن البحث فى التاريخ يستدعى الإطلاع على الأصول حتى لو هناك نشر، سواءً كلى أو جزئى، وأنه لا ينبغى للمؤرخ أن يعتمد على كل ما ينشر فى الصحف من تسريبات لسبب بسيط، لأنه كل خبر منشور فى الصحافة له أصل فى الأرشيف، وعند كتابة التاريخ يرجع للتاريخ وليس إلى ما نشر فى أى من وسائل الإعلام، الذى يمكن الاعتماد عليه من الصحف هو المقال، لأنه يعبر عن الرأى، وأيضًا من الممكن أخذ الرأى من طريقة الصحف فى نشر الخبر، واختلاف الصحف فيما بينهما حول صياغة الخبر ووضعه بين بروز أو بأى طريقة، وفق رؤيتها يخرج منه الباحث بانطباع عن رأى الجريدة.
وأكد "الدسوقى" أن قرار حظر النشر فى قضايا الرأى العام يؤثر سلبًا، وذلك لأنه لا يمكن أن نكتب موضوعًا عن الثورة دون أن تطلع على الصورة الكلية، وإذا اعتمدت على ما ينشر من تسريبات سوف يكون الرأى الذى تنتهى إليه مطعون فيه أو من السهل الطعن فيما تصل إليه؛ لأن هذه ستكون غير متوفرة بالكامل، وعلى تكوين الرأى وفتح الباب "العنترية" لما يعرف بالدعاء والاجتهاد وأن الكاتب اطلع على المحاضر من "مصدر مطلع" أو "مصدر قريب".
وقال الدكتور رفعت يونان، أمين عام الجمعية المصرية التاريخية، إن التاريخ لأى ثورة يتم كتاباته بعد الانتهاء من جمع جميع الوثائق الخاصة بها بجميع اتجاهاتها، ومقارنتها ببعضها البعض، ومطابقة الصحيح منها، موضحًا أن التاريخ الصحيح للثورة لن يكتب إلا بعد الإطلاع على محاضر الجلسات التى صدر بشأنها قرار حظر النشر، ولن يتم الاعتماد على التسريبات، لأنه من المتوقع أن تكون مغرضة، وتؤيد جهة ضد أخرى، وأنه لا توضع فى مقارنة أمام محاضر الجلسات.
وفى نفس السياق، قال الدكتور عبد الواحد النبوى رئيس الإدارة المركزية لدار الوثائق القومية ومقرر لجنة توثيق ثورة الخامس والعشرين من يناير، إن توثيق الجلسات التى يصدر بشأنها قرار "حظر النشر" يتم التوثيق لها من خلال الحكم النهائى فى هذه القضايا.
وأوضح النبوى، أن اللجنة المسئولة عن توثيق الثورة تعتمد على جمع الشهادات الشفوية عن الثورة، وما تم نشره فى الصحف المحلية والعالمية، والحلقات التليفزيونية المتعلقة بالثورة فى الفترة من 25 يناير وحتى 11 فبراير، وجمع الصور الفوتوغرافية والفيديوهات، وردود الأفعال الدولية، والنكات والزجل التى تم إطلاقها فى وقت الثورة، لتكون مادة علمية كاملة موثقة عن الثورة للأجيال القادمة.