الخطر كل الخطر أن تنزلق مصر فتفقد المسار.. إن لمسار النهضة فرصة تاريخية فى ظلال شعب صنع التغيير بنفسه ولم يصنعه له أحد، شعب استيقظ فملك إرادته. يتمثل الخطر فى أنواع مختلفة من الانزلاق وكلها كفيلة بأن تكلف مصر نهضتها. يأتى الانزلاق الى استمرار حكم العسكر لمصر بعد ستين عاما متصلة على رأس هذه المخاطر.. إنه حقا لخاطر مزعج جدًا لكثير من المصريين، وخاصة أننا جميعا نعرف أن من دأب على شىء، أدمنه.. يضع الكثير من المصريين السيناريوهات القاتمة لهذا معتمدين على علامات أهمها استمرار الانفلات الأمنى.. إن الملف الأمنى فى نظر الكثيرين هو أهم خطايا الإدارة الحالية متمثلة فى السلطة الأعلى وهى المجلس العسكرى.. انفلات الملف الأمنى يعطل مسيرة مصر الاقتصادية ويؤثر بطريقة مباشرة على حياة كل مصرى ومصالحه.
إن استمرار هذا الانفلات الذى نتج عن إخلاء مصر من الشرطة بقرار يرقى للخيانة العظمى هو وسيلة كل من يريد أن ينقلب الشعب ليطلب العسكر حكامًا.
هاجس أسود آخر يمر أمام أعين كثير من المصريين وهو انزلاق مصر إلى العنف البالغ أثناء فعاليات الانتخابات القادمة فى ظل حالة من الانفلات الأمنى مازلنا نراها أمامنا، فتكون المفاجأة هى إلغاء الانتخابات وإعلان الأحكام العرفية واستمرار حكم العسكر إلى أجل غير مسمى.. سيكون هذا إعلانا بموت حلمنا الديمقراطى.
إن استمرار الانفلات الأمنى ثم استمرار حكم العسكر بكل ما نراه من تخبط فى إدارة المرحلة الانتقالية لكفيل بإنهاك قدرات مصر الاقتصادية إلى الحد الذى يمكن معه أن يجتاحنا هاجس أسود أعظم آخر، وهو الانزلاق فى ثورة للجياع.. ستكون هذه التى لا تبقى ولا تذر وستكون فى قدراتها التدميرية خارج تخيل ولا تحكم أى قوة عاقلة على أرض مصر.
إن مصر بحاجة ماسة لحسم الملف الأمنى فى أسرع فرصة وإعلان جدول زمنى قاطع لنقل السلطة كاملة إلى حكم مدنى منتخب حتى يتسنى لمصر أن تتوازن وتستعيد عافيتها سريعًا.
إن استمرار حالة المرحلة الانتقالية بكل الميوعة التى نراها لهو تهديد عظيم لأمل التوازن ثم النهضة المعجلة.. إن عدم الحسم ببيانات نوايا مدروسة ومشفوعة بجداول زمنية تصدرها حكومة تعتنق مبدأ الشفافية فى سعى جاد تشفى به غليل كل الفئات ذات المطالب، لهو تلاعب بمتفجرات موقوتة.
إن خطر إعادة إنتاج النظام السابق، ولكن فى صورة جديدة، سيكون فى أعلى احتمالاته إذا قدر الله استمرار العسكر فى حكم البلاد إلى أجل أبعد. إذا تحقق هذا الهاجس الأسود، سيكون هو حقًا الذى يبكينا دما وسيكون ختما على ضياع ثورة الشعب ودماء أبنائه.. سنظل نتشبث بالأمل ونبعد عن أذهاننا تلك الهواجس السوداء.. سنكون دائمًا يقظين ومكافحين من أجلك يا مصر.. تحيا مصر.