
حرص عثمان كيانجى وزير الدولة للشئون الخارجية والتعاون الإقليمى بأوغندا، خلال لقائه بالوفد الإعلامى المصرى، على التأكيد بأن بلاده تؤمن بأهمية الحوار المتواصل والتعاون كطريق وحيد لحل أى مشاكل بين دول الحوض فيما يتعلق بالاتفاقية الإطارية المعروفة باتفاقية "عنتيبى"، مشيراً إلى أن بلاده أجلت التصديق عليها، حتى تستقر الأوضاع فى مصر بعد ثورة 25 يناير، ويكون لديها برلمان منتخب، ورئيس للبلاد، لافتاً إلى أن مصر سوف تعود لتولى مهامها الإقليمية والدولية بعد استقرار أوضاعها الداخلية.
وأكد عثمان كيانجى أن بلاده شاركت فى قوات حفظ السلام الأفريقى بالصومال، وأن استقلال جنوب السودان تسبب فى زيادة أسعار السلع الغذائية، وأشار إلى أن بلاده ترحب بانضمام الخرطوم وجوبا لتجمع دول شرق أفريقيا.
وتفاصيل أخرى كثيرة، تضمنها اللقاء مع الوزير الأوغندى، فإلى تفاصيل الحوار:
◄ كيف ترى مستقبل العلاقات بين مصر وأوغندا؟
الحكومة الأوغندية تتعامل مع مصر باهتمام بالغ، نظراً للعلاقات التاريخية بين البلدين، لاسيما أن مصر شريك دائم وأساسى لنا فى كافة برامجنا التنموية، فى مجالات الزراعة والكهرباء والاتصالات والرى والصحة، كما أن العلاقة مع مصر تشمل كافة المستويات، والكيانات الاقتصادية، بداية من كبار المسئولين على المستوى الرسمى، نهاية برموز المستوى الشعبى، مروراً بكبار رجال الأعمال الذين حرصوا على الاستثمار فى أوغندا، فمثلاً ساعدت "مصر للطيران" على ربط أوغندا مع دول العالم بتشغيلها عدداً من الخطوط وزيادة رحلاتها، ولدينا أيضا شركة المقاولون العرب التى تسهم بشكل كبير فى البرامج التنموية الأوغندية، فضلاً عن تقديم مصر الدعم لأوغندا لمقاومة الحشائش المائية بالبحيرات الاستوائية، مما ساعد على تحسين حياة المواطن الأوغندى، ومن المتوقع أن تشهد الفترة القادمة طفرة كبيرة فى التعاون بين أوغندا ومصر فى كافة المجالات.
◄ هل تستطيع أوغندا أن تلعب دوراً فى تقريب وجهات النظر بين دولتى المصب، والدول الموقعة على الاتفاقية الإطارية، خاصة أن معظم الدول الموقعة أعضاء فى تجمع دول شرق أفريقيا؟
الحقيقة أن دول حوض النيل الأعضاء بتجمع شرق أفريقيا، وقعوا بالفعل على اتفاقية "عنتيبى"، لكننا نرى أن التعاون فى إطار المبادرة والاستغلال الأمثل لموارد النهر هو الطرق الأفضل لحل الخلافات بين الدول، كما أن التفاوض هو الطريق الأمثل لحل الخلافات، مضيفاً، "من الإنصاف إعطاء الفرصة لاستقرار الأوضاع فى مصر، وإتاحة المزيد من التحاور والتفاوض حول النقاط التى لم يتفق عليها بالكامل"، حيث إنه من الصعب إعادة النظر فى التفاوض، حول النقاط الخلافية التى استمرت 10 سنوات.
وأضاف أن هناك نقاطاً فى الاتفاقية الإطارية "عنتيبى" توافق عليها مصر، ونحن نأمل فى حل النقاط العالقة لكى تنضم مصر إلى الاتفاق الإطارى.
وتابع، أن اتفاقية "عنتيبى" تمثل اتفاقاً بين أطراف متعددة، وهذا يسمح لأى طرف بإثارة أى نقطة يريدها هو فقط، وإذا كان لمصر بعض النقاط، تريد طرحها فيمكن النظر إليها فى الإطار الجماعى، وعلى الدول المجتمعة أن تتحاور وتتعاون لأن حل الخلافات يكون بالتوافق، خاصة بعد توقيع الدول على الاتفاقية، وبالتالى أصبحت امرأ واقعاً.
◄ كيف ترى مستقبل المفاوضات بين دولتى المصب "مصر والسودان" وبقية دول الحوض بخصوص "اتفاق عنتيبى"؟
الواقع يقول إن الاتفاقية الآن أصبحت فى حيز التنفيذ بعد توقيع 6 دول عليها، لكننا نرغب أن تنفذ الاتفاقية بالتوافق بين الجميع، وهو ما جعل الحكومة الأوغندية تدعو لعقد قمة تشاورية على مستوى الرؤساء، لكن تم تأجيلها بسبب الأحداث الداخلية فى مصر، والخلاف الوحيد الآن، هو حول المادة 14 ب، ويجب أن يكون هناك مفوضية للنيل، والتى سيناط بها البحث فى كل أمور التنمية وجذب الاستثمارات الخارجية، ويجب أن نتواصل معاً بشكل يتيح لنا تخطى أى عقبات قد تعوق التعاون المشترك، الذى يجب أن تسعى إليه جميع دول الحوض، لأننا ندرك أهمية النيل وكل منا جزء منه، وعلينا أن نتشارك فى موارده، وأن نتعاون لاستغلال كافة الموارد المتاحة.
وأضاف الوزير، أوغندا ترى أن الاتجاه إلى زيادة التصنيع بدول النيل هو السبيل الوحيد لتخفيف الضغوط لتحسين الدخل، ومستوى المعيشة فى دول حوض النيل، ويجب على مصر أن تقود هذا الاتجاه نحو التصنيع فى كل دول حوض النيل.
◄ كيف تنظرون إلى الربيع العربى الذى تشهده مصر والدول العربية؟
إننا نعلم أن مصر بعد ثورة يناير، ستؤسس ركيزة قوية للديمقراطية والاستقرار من خلال مرحلة البناء الديمقراطى التى تمر بها، مؤكداً أن بلاده تتوقع أن تضطلع مصر بدورها المعروف فى إعادة الاستقرار للعالم العربى، لأن الأمور العارضة التى تمر بها مصر حالياً، لن تجعلها تنفصل عن مهامها القومية والدولية، لأن ما يحدث بها، سوف يؤهلها للقيام بدور أكبر على المستوى الدولى لما لديها من تاريخ وحضارة، كما أن الربيع العربى يعود بالفائدة والخير الكبير على الشعوب العربية.
◄ ماذا عن الإرهاب الذى تشهده عدد من دول العالم، وأيضاً القارة الأفريقية؟
لدينا قناعة أن مكافحة الإرهاب دور كافة الدول وفلسفتنا كدولة صاحبة توجه أفريقى، أن وجود مؤسسات تعمل على تغذية التطرف الدينى فى المدارس، يعتبر كارثة علينا جميعاً أن نواجهها، مثلما حدث فى باكستان وغيرها من الدول، كذلك علينا أن نساعد على السماح بحرية التعبير، والتنوع العرقى، والديانات، على كافة مستويات الدول.
وأضاف، نعتقد أن محاربة الإرهاب هى مسئولية دولية، يجب أن تشارك فيها كل الدول، ورغم سياستنا بدعم عدم الانحياز، إلا إننا عندما شاهدنا ما يحدث فى الصومال، عزمنا على حفظ السلام فى هذه الدولة.
◄ هل هذا التوجه هو ما دفعكم للمشاركة فى قوات حفظ السلام فى الصومال؟
بالطبع لأننا لا يمكن أن نترك القتال يستمر فى الصومال لإنهاك هذا الشعب، كما أن الدول المجاورة للصومال والاتحاد الأفريقى تشاركا نفس الرأى، وهو ما دعا إلى تشكيل قوات "أميسون" لحفظ السلام فى أفريقيا، حتى تأتى حكومة قوية قادرة على الحكم، وتابع، أن الجماعات المتطرفة فى الصومال تمول من قبل تنظيم القاعدة الذى يغذى ويمول التوجه الإرهابى لهذه الجماعات، ويستغل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية للشباب، وارتفاع نسبة البطالة لجره إلى هذا التطرف، لذلك تدخلنا لحل هذه الأزمة، والتى بدأ شظاها يهدد المجتمع المحلى فى أوغندا والتى عانت من الإرهاب.
◄ ما هو موقف الحكومة الأوغندية من قيام رئيس السلطة الفلسطينية بتقديم طلب للأمم المتحدة للاعتراف الرسمى بدولة فلسطين؟
تؤمن الحكومة الأوغندية بوجوب أن يعيش الشعبان الفلسطينى والإسرائيلى فى سلام، من خلال مبدأ الدولتين، وأن التفاوض هو الحل الأمثل لتحقيقه، كما نعلم بأن هناك ضغوطاً دولية تقودها أمريكا وحلفاؤها لعدم الاعتراف بفلسطين كدولة، وهو ما عبر عنه الرئيس الأمريكى، بأنه ضد القيام بإجراء أحادى الجانب، ولكننا فى كل الأحوال نتعاطف مع القضية الفلسطينية.
◄ وما هو موقف أوغندا من دولة جنوب السودان الجديدة؟.. وماذا تقدمون من دعم للدولة الوليدة؟
حاولنا خلال المفاوضات تشجيع التوجه للحكم الذاتى، والقرار فى النهاية جاء من خلال الاستفتاء تنفيذاً لاتفاقية "نيفاشا"، وحصل الجنوب على الاستقلال، كما أننا نشجع على حل أى قضايا عالقة بين الخرطوم وجوبا بالوسائل السلمية، مشيراً إلى أن تقديم كل من الخرطوم وجوبا طلباً للحصول على عضوية تجمع شرق أفريقيا، سوف يدعم العلاقات بين الدولتين فى مختلف المجالات.
أما الدعم الذى يمكن أن تقدمه الحكومة الأوغندية لجنوب السودان، فهو بعض المساعدات الفنية والتقنية، فى مجال الخدمة المدنية ودعم مؤسسات القضاء، علاوة على التعاون فى القضايا الإقليمية والدولية.
◄ وماذا عن المساعدات التى يمكن أن تقدمها الحكومة الأوغندية، للاستفادة من الموارد المائية المتعددة لجنوب السودان، خاصة وأن كلا البلدين يحتاج إلى إنتاج الطاقة؟
حقيقة لا أملك وجهة نظر بشأن موقف الحكومة من المساهمة فى تنمية الموارد المائية لجنوب السودان، ولكن ما أعلمه أن جوبا أصبحت مستقلة، وأن هذه الدولة الوليدة بحاجة إلى توفير كافة الاحتياجات اليومية من غذاء وطاقة لمواطنيها، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بالسوق الأوغندية لإقبال أبناء الجنوب على شراء هذه الاحتياجات منه، وأضاف أن بلاده تفكر حالياً فى إنشاء خط سكك حديدية يربط بين أوغندا والجنوب وكينا، حيث يوجد ميناء مومباسا المنفذ التجارى الرئيسى للدول الثلاث، وتابع، نأمل أن تستخدم دولة جنوب السودان عائدات البترول لديها لتحقيق التنمية لشعبها وخدمة دول الجوار.