حين بدأت ثورة 25 يناير ونزل المصريون بالملايين إلى الشوارع يحملون مطلباً واحداً هو رحيل مبارك، أبدى عدد من الباحثين الإسرائيليين سعادة غامرة معلقين بأن الملايين من المصريين تحركوا من أجل قضية الديمقراطية وفساد نظام الحكم ولم يتحركوا من أجل فلسطين، وانطبق هذا القول على الثورة التونسية، لم يكن بعض الإسرائيليين وحدهم فى ذلك، بل أبدى تلك الملاحظة عدد من المعلقين والمراقبين الأمريكيين، مثل الصحفى توماس فريدمان، ويصنف فريدمان فى خانة الكتاب المعتدلين تجاه القضايا العربية، فما بالنا بالمتشددين أو المنحازين تماماً لإسرائيل والإسرائيليين؟!
ويبدو أن الرئيس الفلسطينى محمود عباس أدرك ذلك، لذا تحرك على مستويين.. الأول محاولة إنجاز المصالحة الفلسطينية بين السلطة الوطنية وحماس، وتحقق قدر كبير من النجاح فى ذلك، وكان لابد أن يتحقق، ذلك أن السلطة كانت تتكئ فى خلافها مع حماس على الرئيس السابق حسنى مبارك وحماس تتكئ على الرئيس الذى سوف يصبح عن قريب «سابقاً» بشار الأسد، وقد سقط مبارك، وبشار منشغل بإبادة الشعب السورى، ولم يعد متفرغاً لقضايا خالد مشعل.
الثانى: هو تصعيد تطلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية إلى هيئة الأمم المتحدة، ليضع العالم كله أمام تحد أخلاقى وإنسانى، ذلك أن قرار التقسيم الصادر فى نوفمبر 1947 قضى بتقسيم فلسطين إلى دولتين، والواقع يؤكد أن دولة واحدة هى إسرائيل قد أقيمت، بينما الدولة الثانية لم تقم حتى هذه اللحظة، وإذا كانت الأمم المتحدة اعترفت بقيام إسرائيل فالواجب عليها اتساقاً مع قرار التقسيم أن تعترف بقيام دولة فلسطين، دولة مستقلة وذات سيادة.
والواقع أن أبومازن فى موقف لا يحسد عليه، واختار ما كان يسميه منذ سنوات د. قدرى حفنى «هجوم السلام».
هناك من يتفق مع ما يقوم به أبومازن وهناك على الساحة الفلسطينية والعربية من لا يقبل به، والحقيقة أن الدولة الفلسطينية يجب أن تقوم على حدود قرار التقسيم سنة 1947 وليس على حدود ما بعد حرب 1948 أو ما قبل حرب 1967، فالمعروف أن إسرائيل التهمت الكثير من الأراضى المقررة للفلسطينيين فى حرب 1948 وتغاضى الجميع عن ذلك.
لا يهمنى الآن ذلك الخلاف والجدل، لكن المهم أن ثورة 25 يناير عادت لتؤكد الثوابت الوطنية والقومية المصرية ولا تلغيها كما تصور بعض المحللين السذج فى إسرائيل، وقيام دولة فلسطينية مستقلة وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين هو الضمان الأكبر لقيام نظم ديمقراطية فى المنطقة، وسحب البساط من تحت أقدام التيارات الأصولية، فلسطين دولة حدودية بالنسبة لمصر، ما يجرى فيها يؤثر علينا بشكل مباشر كما هو الحال بالنسبة للسودان وليبيا.. ويعرف الدارسون أن التيارات الأصولية لم تنتعش فى بلادنا ومنطقتنا إلا بعد تأزم القضية الفلسطينية منذ نهاية الثلاثينيات من القرن الماضى وبسبب هذه القضية انتعشت نظم الحكم العسكرية والديكتاتورية.
إن الغضب العارم الذى بدا من الشباب والمواطنين أمام السفارة الإسرائيلية فى الجيزة كان بسبب ما جرى على الحدود فى سيناء، لكن فى الأعماق المظالم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين التى تقع يومياً، وإذا قامت الدولة الفلسطينية فلن يكون هناك أى مبرر لوقوع عمليات مثل عملية إيلات.
تحتاج فلسطين منا اهتماما أكبر، ليس بتجييش الجيوش ولا الدخول فى مواجهات عسكرية، فهذا ما لا يريده أحد، ولكن بالنضال السلمى والمدنى، فهذا هو الأجدى فى عالمنا اليوم، باختصار لا يجب أن ننسى فلسطين وحق الفلسطينيين، إن لم يكن بالحق الإنسانى وحق العروبة والإسلام والمسيحية، فبحق الأمن الوطنى والقومى المصرى.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
!!!!
يا عم رووح
مش لما نتذكر مصر الاول