معصوم مرزوق

مرة أخرى مع التسول!

السبت، 24 سبتمبر 2011 03:41 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كتبت فى المقال السابق عن مصطلحى «التوسل» و«التسول» فى قاموس الدبلوماسية العربية، وأود هنا أن أوضح أن كتاب التفاوض منذ بدء التاريخ لا يحتوى على هذه المصطلحات، لأن الكتاب الوحيد الذى يمكن أن يحتويها هو كتاب «فقه الشحاذين» أو كتاب «العجز»، وذلك ليس فقط فى السياسة، إنما فى جميع مجالات الحياة، فتصور مثلاً أنك تذهب إلى لص اختطف حقيبة زوجتك كى تتوسل إليه ليعيدها، من المؤكد أنه سوف يخلع ساعتك وملابسك ويتركك عارياً تتوسل. أو تصور أنك ذهبت إلى مغتصب بيتك تتسول منه أن يمنحك متراً من أرضك كى تنام فيه، فأغلب الظن أنه سيمنحك متراً من التراب تنام تحته.

لا شك أن كل هذه المعانى المرتبطة بتلك المصطلحات لم تجل فى خاطر صاحبها، صاحب السمو، رئيس الوزراء ووزير خارجية قطر، فهو فى النهاية إنسان عربى يألم بما نألم، ويعرف مثلنا وربما أكثر، وبالتالى فلا بد أن لديه معانى أخرى لا يمكن أن يدركها إلا من كانت له قامته وبراعته، وحيث إن ذلك يستعصى إلا على فئة قليلة نادرة، فإنه لا يبقى لدينا سوى محاولة التخمين رجماً بالغيب، ولعل التخمين - ولو مرة واحدة- يكون جسراً إلى اليقين. فهل أراد صاحب المصطلح أن يسخر من الوضع العربى بهدف استثارة النخوة، وشحذ الهمم، من خلال تفجير الغضب؟ هذا أمر جائز، ولكن هل هذه هى الطريقة المثلى للوصول إلى هذا الهدف؟. ألا يمكن- أو يحتمل- أن يكون هذا المصطلح - باعتبار شخصية ومنصب صاحبه - سبباً فى مزيد من الإحباط والقنوط؟، ثم هل تجوز السخرية فى سرادق للحداد؟

ربما أراد أن يحرج الإدارة الأمريكية بمناورة سياسية بارعة، حين يكشفها أمام الناخب الأمريكى بعد أن يثبت أن نجاح سياستها فى الهيمنة على المنطقة لا يعود إلى براعة سياسييها أو كفاءة عسكرييها، وإنما لأن الطرف المعنى منبطح يتوسل أو يتسول. والمشكلة هنا هى أن واقع المقاومة الفلسطينية يتناقض مع ذلك، كما أن تجربة حزب الله فى جنوب لبنان تؤكد أن الانبطاح ليس طبيعة عربية، بغض النظر عن كتب التاريخ وصدور ملايين العرب التى تغلى بالرفض والكبرياء.

هل يكون صاحب المصطلح يعنى فعلاً ما يقول، أى أنه مقتنع بأن العرب لا يفعلون سوى «التوسل» أو «التسول»؟.. إذا كان ذلك صحيحاً، فكيف يقبل أن يستمر فى موقعه، أليس من الأكرم أن يترفع الإنسان عن «التوسل» حتى لو كان يطالب بحقوق الشعب الفلسطينى، خاصة أن ذلك الشعب يقاتل كى ينتزع حقوقه الآن بقوة وعزة وبآلاف الشهداء؟

لا أجد مناصاً من أهمية الرد بإيجاز على من يسأل «ما البديل؟». البديل هو عكس كل ما فعلناه وقلناه من قبل، ذلك هو البديل بكل اختصار، وأقول أيضاً- رغم كل شىء- إننا بالفعل على مشارف النصر، ليس بسبب أى شىء قيل أو فعل فى القمم العربية، وإنما لأن أطفال فلسطين- لحسن الحظ- لم يتعلموا من قواميس المصطلحات العربية، ولعل الآخرين يتعلمون من قاموس «أطفال الحجارة».








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 5

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد عبد الله

لكل شئ اذا ما تم نقصان

عدد الردود 0

بواسطة:

mazen

"القنبلة البشرية" هل هى احدى اسلحة الطبيعة ضد من يعارض قوانينها للتوازن البيئى

عدد الردود 0

بواسطة:

الحاجرين الفهماء على القراء البلهاء

"القنبلة البشرية" هل هى احدى اسلحة الطبيعة ضد من يعارض قوانينها للتوازن البيئى

عدد الردود 0

بواسطة:

ثروت

القافيه حكمت

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد عبد الله

لكل شئ اذا ما تم نقصان

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة