قد يرى البعض فى مطالبة الأحزاب الديمقراطية - سواء اليسارية أو الليبرالية - بضرورة إعلان المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذى يتولى السلطتين التشريعية والتنفيذية طبقًا للإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس الماضى لبرنامج زمنى للفترة الانتقالية، نوعًا من التزيد والضغط غير المقبول. وحجتهم فى ذلك أن الإعلان الدستورى حدد بوضوح فى المادة 61 من الإعلان الدستورى نهاية الفترة الانتقالية بتولى كل من مجلسى الشعب والشورى لاختصاصاتهما ومباشرة رئيس الجمهورية مهام منصبه.
وفات هؤلاء أن هذا الإعلان الدستورى فى مواده «63 مادة» يخلو من تاريخ محدد لانتخاب رئيس الجمهورية، ويحدد فى المادة 41 بدء إجراءات انتخاب مجلسى الشعب والشورى خلال «ستة أشهر من تاريخ العمل بهذا الإعلان» أى 30 سبتمبر كحد أقصى لبدء هذه الإجراءات دون أن يحدد الفترة، التى تستغرقها هذه الإجراءات وتاريخ الانتهاء منها، وبدء ممارسة المجلسين لاختصاصاتهما، وتنص المادة 60 من الإعلان الدستورى على اجتماع الأعضاء المنتخبين لأول مجلسى شعب وشورى فى اجتماع مشترك بدعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال ستة أشهر من انتخابهم لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد فى موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها، ويعرض المشروع خلال خمسة عشر يوما من إعداده على الشعب لاستفتائه فى شأنه، ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليها.
ورغم أن هذا الترتيب يبدو غير منطقى، حيث يتم انتخاب مجلسى الشعب والشورى قبل صياغة دستور يحدد العلاقة والتوازن بين السلطات المختلفة فى الدولة واختصاصات المجلس التشريعى، بعد أن رفض المجلس العسكرى مطالب الأحزاب الديمقراطية بضرورة صياغة الدستور أولا، فمن الواضح فى ضوء الإعلان الدستورى أن فترة الانتقال ستمتد حتى مارس 2013 إذا تم انتخاب رئيس الجمهورية بعد صياغة الدستور الجديد.
أما إذا قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يتم انتخاب رئيس الجمهورية بمجرد الانتهاء من انتخابات مجلسى الشعب والشورى، كما يتردد حاليا، فستنتهى الفترة الانتقالية فى مايو ويونيو 2012 بعد انتهاء البرلمان الجديد من إصدار القانون المنظم للانتخابات الرئاسية على أن يسبق ذلك عرض مشروع القانون «على المحكمة الدستورية العليا قبل إصداره لتقرير مدى مطابقته للدستور. وخطورة هذا السيناريو أن رئيس الجمهورية الذى سيتم انتخابه، سيتمتع بسلطات مطلقة طبقًا للمواد 25 و26 و27 و28 و29 و30 و31 و56 من الإعلان الدستورى.
فطبقا لهذه المواد سيتمتع رئيس الجمهورية القادم - وبعد ثورة 25 يناير - بنفس السلطات تقريبا التى تمتع بها السادات ومبارك من قبل، وهى سلطات استبدادية ومطلقة تحول أى رئيس إلى حاكم فرد مستبد شاء أم أبى. فباستثناء الفقرة الأخيرة الواردة فى المادة 73 من دستور 1971، والتى تقول إن «رئيس الجمهورية يرعى الحدود بين السلطات»، والمادة 74 الشهيرة، والتى تعطى رئيس الجمهورية سلطات إضافية غير محدودة تتجاوز نصوص الدستور فى حالات معينة يقدرها هو، والمادة 108 التى تعطى رئيس الجمهورية الحق فى إصدار قرارات لها قوة القانون، والمادة 109، التى تتيح له حق اقتراح القوانين، والمادة 136 الخاصة بحق الرئيس فى حل مجلس الشعب، والمادة 137 التى تنص على «تولى» رئيس الجمهورية للسلطة التنفيذية، والمادة 138 والتى تنص على أن رئيس الجمهورية يضع السياسة العامة للدولة بالاشتراك مع مجلس الوزراء ويشرفان على تنفيذها، والمادة 142 والخاصة بحقه فى دعوة مجلس الوزراء للانعقاد. فباستثناء هذه المواد الثمانى التى لم ترد فى الإعلان الدستورى، سيحتفظ رئيس الجمهورية بالسلطات الواردة فى 39 مادة من 47 مادة كانت واردة فى دستور 1971 الملغى، وتخص رئيس الجمهورية. وسيستمر رئيس الجمهورية القادم متمتعا بهذه السلطات بعد انتهاء الفترة الانتقالية بستة أشهر و15 يوما طبقا للمادة 60 من الإعلان الدستورى، وهى كارثة بكل المقاييس، تؤكد أن فترة الانتقال لن تحقق أهداف الثورة فى الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
د أيمن غازي
ماهو الحل؟